من ذمار جاء عبد الله عباس قاسم حالماً دزينة أحلام.. وبعض الاستقرار، كل ذلك كان يسبقه إلى صنعاء.. مدينة تحقيق الأحلام كما ظنها “عبد الله” وغيره من الشباب.. حلها قبل أربع سنوات..كما يقول، ظل يبحث عن عمل يقتات منه، ويساعده على إعالة أسرته التي تركها صاعداً إلى صنعاء..لم يجد عملاً، لذا كان من الطبيعي أن يلجأ لشراء “جاري” ويحمله ب”دست” من البطاط..ويقف على أحد الأرصفة بانتظار الجوى.. وهواة أكل البطاط.. قبل أن يحل عبدالله على رصيف بوابة جامعة صنعاء الجديدة كان قد وقف قبلاً في القاع ، لم يحالفه الحظ هناك كما قال، فانتقل إلى هنا.. الجامعة حين تمر أمام جامعة صنعاء سيلفتك تزاحم كثير من الأجساد، والتفافهم في مكان ما..تلك هي المساحة التي يشغلها”جاري” عبد الله”..من يقف بشموخ خلفه..وبابتسامة لا تفارق محياه يبيعك بطاط..ولحقه ابتسامة..يقول “عبد الله” بأن بيع البطاط يعود عليه ببعض المصاريف، من خلالها يعيل أسرة تتكون من ثلاثة أبناء..أكبرهم بنت عمرها ثلاث سنوات..وبلهجة طازجة يضيف “أشقي على أسرتي، وأخزن أحياناً”..ولأن القات أصبح رمزاً..أو عادة لا تنفصل عن اليمني من الطبيعي أن يقول “عبد الله” بأنه يخزن أحياناً..ويعني جيداً الخميس والجمعة،لكونه لا يجد متسعاً من الوقت لفعل ذلك..فطيلة يومه على الرصيف يشبع نهم كثير من المارة، وطلاب الجامعة ببطاطه الطازج. البلدية عبد الله الذي تضايقه البلدية كثيراً..وبمجرد أن يسمع مفردة “بلدية” ستجده يتحفز للهروب تلقائياً حتى دون أن يتأكد من وجودها، وغالباً ما يهرب إلى داخل الجامع الذي يقبع خلفه.. درس “عبد الله” إلى صف سادس، ولم ينهِ دراسته بفعل الظروف التي أجبرته على الرحيل نحو صنعاء،باحثاً عن عمل،ويحكي قصته بأنه تزوج مبكراً، ووجد نفسه يعيل أسرة أصبحت مكونة من خمسة أفراد.. الشاب فائز الكندي ينتظر اللحظة أحد المستعجلين لإيصاله..والموتور لا يلبي احتياجات أسرته.. من الرصيف في هذه اللحظات عادة ما يكون الشاب فائز الكندي ينتظر أحد المستعجلين،من يلجأون غالباً لإحدى الدراجات النارية، هذه المهمة سيتكفل بها فائز جيداً ليوصله إلى المكان المقصود بأقل الخسائر..ذلك ليس نص إعلان مجاني للشاب فائز نور الدين،من يعتلي صهوة “دراجته” في انتظار القادم المجهول.. ولكن “فائز” الآتي هو الآخر من وصاب العالي ذمار.. تثيره تصرفات بعض سائقي الدراجات النارية،غير المسئولة، ويصفهم بالمتهورين، قائلاً “الموتورات صحيح مزعجين..بس هناك من يطلب الله بالموتور ويشقى على أسر..وهناك من يتمصيع به”.. ويرى ضرورة أن يتم تنظيم عمل الموتورات..حتى نتخفف من الزحام، وتقل الحوادث.. ذات المشكلة الشاب العشريني الذي ينظر للمستقبل بتفاؤل كبير هو الآخر تزوج في سن مبكرة، ليكون الشقاء حليفه، وفي رصيده حتى الآن ثلاث بنات لم تتجاوز أكبرهن الخامسة.. أسرته التي يزورها كل ثلاثة أشهر يسعى من خلال دراجته النارية لتلبية احتياجاتها الأسرية، ولكنه كما يقول “الموتور” لا يلبي ذلك، فهو لا يوفر أحياناً مصاريفه اليومية في صنعاء، ويفعل ذلك في بعض الأحيان، ويضيف “فائز” بأن الدراجة التي كان قد استلف نصف قيمتها لشرائها قبل عام، اشتراها مجبراً لعدم وجود عمل بديل عن ذلك.. فكانت الحل الوحيد أمامه.. وكما يبدو لي فهو نادم على قراره ذلك، وكما يقول”أجزع أيام بهذا “الموتور”.. حتى يتذكره”......” حينها ربما يرتاح من الجعجعة عل حده.. الدراسة قبل أن يأتي إلى صنعاء..كان قد أكمل دراسته الإعدادية..وحصل على الشهادة بتفوق،لتكون ذات الظروف التي واجهت “عبد الله” وقفت حائلاً أمام “فائز” هذه المرة وأجبرته على الصعود نحو صنعاء للعمل على “موتور”..وتزيد قساوة ظروف”فائز” لكون أسرته تتكون أيضاً من أبويه.. اشاعات فائز الشاب الذي يعيش يومه متنقلاً من مكان إلى آخر..بحثاً عن صيد ثمين يعود به من تنقلاته هذه..يعتبر الإشاعات التي تتردد على مسمعه بكثرة هذه الأيام بكثرة عن قرار سيصدر بعد أشهر، وبالتحديد في مارس القادم بمصادرة الدراجات النارية، يعتبرها مجرد محاولات لإرعابهم فقط..مضيفاً “ عادي يبزوا الموتور حقي.. بس يجيبوا لي عمل .. أأكل أسرتي منه.. يبزوه”..