احتفلت الجمهورية اليمنية مع سائر دول العالم الجمعة الماضية للمرة العشرين بعد المائة بعيد العمال العالمي الذى يصادف الأول من مايو من كل عام، اليوم الذي يمكن اعتباره ذكرى لمناسبة كفاحية في سبيل تكريم العامل وتقديرا لجهوده أينما كان موقعه في مجالات العمل المختلفة .. على الصعيد الوطني تكاد تأخذ هذه المناسبة نمطاً خاصاً وحالة منفردة مقارنة بوقعها لدى فئة عمالية في بلد آخر، ليس إلا لأن من الشريحة العمالية الوطنية لا تجد في هذا اليوم ما يميزه عما سبقه فيما البعض ينظرون أليه بمنظار آخر . صحيفة "الجمهورية" استطلعت آراء ومشاعر نماذج عمالية عديدة إزاء هذه المناسبة.. وخرجت بالحصيلة التالية : ظروف متباينة بداية حري القول إن ثمة تبايناً في الأسباب والظروف التي يعيشها العامل اليمني في هذه المناسبة، وصولا إلى ما قد يحول بينه وبين الاحتفاء بها ، حيث إن هناك من يضع العامل الاقتصادي على رأس هذه الأسباب.. منوهين إلى أن دخلهم المادي يومي وإن توقفوا عن العمل فلن يحصلوا على المال لتغطية احتياجاتهم المعيشية. منال احمد " ممرضة بمستشفى خاص" قالت :" انه لمن الجميل أنهم وضعوا لنا عيداً لكن مع الأسف لانشعر به حيث انه ليس حتى من حقوقنا اخذ أي إجازه من أي نوع ". وتؤكد منال:" أنا أؤيد أن يحظى العامل في هذا اليوم بلفتة من الجهات المعنية لأوضاعه وخاصة الاقتصادية منها، وهذا اليوم انا انتظر قدومه بالرغم من عدم راحتنا فيه كوننا بقطاع خاص فيعتبر يوماً مثل باقي الأيام وبالنسبة لي لا مشكلة لأني أيضا محتاجة من الناحية المادية للمبلغ الإضافي المخصص للعمل في هذا اليوم . أما خالد الوصابي" عامل في مخبز " فيؤكد ان يوم الأول من مايو ( أيار ) من كل عام لا يعني له شيئا فهو يوم كسائر الأيام وانه لاتوجد لديه أي ارتباطات بهذا اليوم .. مشددا على انه سوف يعمل اليوم وغدا وبعد غد وما الى ذلك لأن المخبز سيصاب بالخلل في إنتاجه من الخبز في حال اذا تم اخذ إجازة هو وبقية زملائه في هذه المناسبة أو غيرها . يقول عامل المخبز :" إن العمل في هذا اليوم هو امر ضروري أولا بالنسبة لصاحب المخبز ( عمنا ) وثانيا بالنسبة للعامة من مرتادي المخبز يوميا لشراء الخبز فنحن نعد الخبز لعدد كبير من الناس.. منوها إلى أن هذه المناسبة تحظى باهتمام في الدول الغربية اما في بلادنا فلا يوجد سوى عيدين فقط هما الفطر والأضحى حسب ذكره . معاتبون في يوم عيدهم بالمقابل يستغل عمال آخرون هذه المناسبة لكي يعاتبوا أصحاب العمل لعدم تمكنهم من التوقف عن العمل في هذا اليوم، لظروف قهرية تحول دون احتفائهم بهذه المناسبة. الحاج أحمد الشرفي " حارس بوابة بإحدى الشركات الخاصة " قال :" أنا أعتبر هذا اليوم زيادة لمشاكلي وهماً جديداً فوق همومي فإجازاتي كلها ايام عمل إجبارية بما فيها هذا اليوم المفروض من حقي اخذ راحتي فيه أو على الأقل صرف مستحق إضافي لنا أو حتى مكافأة بمناسبته. وأضاف :" إنني أستغل هذه المناسبة وعبر صحيفتكم لأوجه نداء لكل ارباب العمل وأصحاب الشركات الخاصة أو العامة بصرف مكافآت واكراميات لكافة العمال ولو من باب عين الرحمة باعتبارنا من ذوي الدخل المحدود .. معربا عن تمنيه أن يرتفع راتبه الشهري .. منوها إلى أنه حيث يعمل حارسا منذ ما يزيد عن خمس سنوات وبراتب لايزيد عن 18.000 ريال . لا عيد لنا إلى ذلك يبرز ما يكاد أن يمثل إجماعا لدى فئة عمالية من عمال المصانع والورش والمطاعم ونماذج عمالية متعددة، بانها لا تعرف عن هذه المناسبة "عيد العمال" شيئا ولا ماهو اليوم الذي يوافقه. صبري "عامل نظافة" بأمانة العاصمة يمسك بمكنسته مجتهدا في مزاولة تنظيف مخلفات الشارع فيما قطرات العرق تصب من جبهته في خضم الجهد الذي يبذله في حر الشمس قال:" أنا مضطر للعمل يوميا حتى في يوم عيد العمال وهو يوم كسائر الأيام من أيام الأسبوع .. مشددا بقوله:" فالوضع لا يمكننا من التوقف عن تنظيف الازقة والشوارع العامة، كما ان المواطن لا يمكنه الاستغناء أبدا عن خدماتنا ومع هذا فإنه ومع الاسف لا نجد غير قليل من المواطنين يتعاونون معنا ويقدرون ما نبذله من جهد. أما بشرى المطري " بائعة ملوج أمام احد المطاعم " فقالت :" انها لا تعرف عن هذا العيد شيئا، كما لا تعرف تاريخ اليوم الذي يوافقه .. وبعد إيحائنا لها انه يصادف يوم الأول من مايو من كل عام.. اكدت أنها ستأتي للعمل في هذا اليوم كضرورة حتمية حتى لايفوتها المبلغ المادي الذي قد تخسره جراء انقطاعها عن العمل في بيع الملوج امام هذا المطعم .. منوهة أن ربحها اليومي يشكل بالنسبة لها ولأولادها مصدرا لاقتناء مواد ومتطلبات غذائية يومية . ولسبب ما كان لقاؤنا بالشاب كمال " 27 عاما" والذي يعمل في ورشة لميكانيك وإصلاح السيارات والذي أبدى خيبة أمل لا تنطوي على حدود ازاء هذه المناسبة وما تمثله بالنسبة له، حين رد على سؤالنا بتساؤل اكبر وقال :" هل تعلم اني اعمل بشكل مستمر إلى أن يصل بي الوضع الى حد العمل في مناسبتي عيدي الفطر والأضحى المباركين . بارقة أمل وتواصلا مع الصعيد العمالي وما يخالجه من مشاعر ازاء هذه المناسبة العالمية، فإن ثمة بارقة امل لدى فئة وإن كانت قليلة، ترى في عيد العمال مناسبة حتمية تقتضي الاحتفاء بها كونها تشهد لهم بالجهود التي يبذلونها من اجل خدمة المجتمع. عامل البناء والتشييد "عامر مجلي" ورغم أنه كان يجلس على الرصيف بطريقة وهيئة توحي انه يعيش ايام أعياد كثيرة نتيجة انعدام فرص العمل .. الا انه يؤكد بأن هذا اليوم هو يوم مختلف بالنسبة له، رغم وضعه وظروفه حسب ذكره.. فإنه يفضل أن لا يذهب إلى سوق الحراج " حراج العمال " ولن يعمل في هذا اليوم مهما بلغ الأجر المعروض عليه حسب تأكيده .يقول عامر:" طالما وهو عيدنا فلن نذهب إلى أي سوق أو أي عمل لن أشتغل فهو"عيد العمال يوم عطلة رسمية ". اما الحاجة " نعمة " عاملة نظافة بمؤسسة حكومية " وفي حين تؤكد علمها ومعرفتها بهذه المناسبة "عيد العمال"والتي هي يوم إجازة رسمية ..الا انها تؤكد في ذات الوقت أنها ستذهب إلى عملها "غصباً" بدعوى التكليف بالعمل الإضافي و الذي سيترتب عليه في حال عدم مجيئها خصم من راتبها الشهري.. مشيرة إلى أنها تعتبر هذا اليوم مختلفاً من خلال ساعات العمل القليلة التي ستعمل فيها حيث بقية الوقت ستعود لقضائه مع أطفالها. أرباب العمل وفيما كانت هذه مجموعة من النماذج العمالية اليمنية التي كشفت عن مشاعر متباينة تخالجهم ازاء هذه المناسبة العمالية العالمية" عيد العمال العالمي" فماذا عن أرباب العمل واطروحاتهم إزاء عيد عمالهم ؟ علي محمد الهادي " مدير عام شركة الهادي للتجارة والمقاولات وخدمات حقول النفط" يتحدث عن الوضع العمالي الساري في الشركة في مثل هذا اليوم.. موضحا ان العمال الذين يتزامن حضورهم في مثل هذا اليوم الأول من مايو /ايار/ من كل عام في أعمال ضرورية وحساسة ذات صلة بمهام الشركة أو في سفريات فإنهم يحظون بامتيازات ومكافآت عينية ومادية خاصة دون سواهم ممن يأتي هذا اليوم وهم في اجازات سواء اعتيادية أو مرضية أو منقطعين عن العمل . وينوه مدير عام شركة الهادي بأنه توجد كوادر عمالية أجنبية تعمل ضمن الطاقم العمالي للشركة من مهندسين وفنيين وغيرهم والذين يعد هذا اليوم بالنسبة لهم يوما مقدسا، يقيمون بمناسبته احتفالية خاصة يتناولون خلالها المشروبات الغازية والحلويات وهذا من حقهم . من ناحيته رمزي مبارك " المدير التنفيذي لشركة ومصانع المبارك للصناعات الغذائية الخفيفة" يؤكد ان هذا اليوم الذي يوافق الأول من مايو ( أيار ) من كل عام هو يوم اجازة رسمية استنادا إلى ما ينص عليه قانون العمل الساري في البلاد.. مؤكدا انه لاضير من توقف العمل وكذا الإنتاج بالشركة في هذا اليوم فهو يوم واحد.. حسب تعبيره.. مؤكدا على حق جميع العمال والموظفين بالشركة ان يقضوه مع عائلاتهم كل بحسب رؤيته . مناسبة عالمية هذا ويعد هذا اليوم مناسبة عالمية تقام فيها احتفالات تكريمية في معظم دول العالم يتم من خلالها تكريم المبرزين فى مختلف ميادين العمل والإنتاج كتقليد سنوي تأكيداً على الدور الذي تلعبه شريحة العمال في رفاهية المجتمع وتطوره. ويعود فضل تأسيس عيد العمال العالمي لمنظمة "فرسان العمال" التي كانت أول من طالب بتحديد ساعات العمل بثماني ساعات، وفي سنة 1886 وعلى إثر إضراب من أجل تحديد ساعات العمل، اعتبر اليوم الأول من مايو يوم العمال العالمي. وتقرر إقامة الاحتفالات في الأول من مايو لأول مرة في التاريخ من قبل مجلس الأممية الثانية المنعقدة في باريس عام 1889م، وكانت أول حكومة تحتفل رسميا بالأول من مايو بعد الاتحاد السوفيتي كانت حكومة أدولف هتلر النازية.