كان يوماً في منتهى الحزن والألم... سكبت بها عبرات حارة في فجر بارد... انتظرت في ذلك اليوم طلوع الشمس بفارغ الصبر وكأن الشمس في ذلك اليوم اعتراها العناد فلم تبزغ كنت في ذلك اليوم مع موعد قد انتظرته مرت وكأنها مئات السنين.. ارتديت ملابسي ولبست روحي قناعه الأسود الذي توشح به منذ ذلك اليوم.. وانطلقت هائمة على وجهي أحمل في يدي كيس ملأته بحبات الذرة وقنينة ماء.. ورحت أسير حتى وصلت إلى باب المقبرة ومن هناك عند أول خطوة بين تلك القبور راحت كل خلية من روحي ترجف رهبة وحزناً وكنت أمر مرور ميت على بقايا أموات ودموعي تسابق فكري ونظري ووقفت على شفير قبره لاأدرى بأى الدعوات أبدأ وخالني حينها أنه يسمعني وينصت إلى كلماتي وبدأت أحدثه وكأنه قد وقف على شفير ذلك القبر يمسح عني عناء الزمن ويواسيني على فقده وزادت حسرتي وكأن عالمي كله في ذلك القبر الموحش.. وتسقط دموعي حتى أني لم أعد أرى ماكان أمامي..أحسست بنشيج البكاء يقطع مابين أضلاع قلبي.. إلى الله أشكو فراقك ويعز على قلبي أن أزور قبرك يا أعز الناس بعدك فقدت كل معاني الحياة.. أدرى أنك وحدك من تصدقني أن الحياة فقدت مذاقها وأصبحت مثل الأعمى لايرى من الدنيا الا الظلام.. وحدك تصدق أن كل من في الدنيا لايساوى لحظة أقضيها بجوار قبر.. فارقت فيه كل نور الدنيا وفقدت روحاً هي كانت روحي أحيا بها.. ولكن عزائي الوحيد أنني الآن أحيا بذكراك التي لم يعد لي من الحياة سواها.. ومشيت من قبره أحمل في يدي تراباً وفي قلبي حسرة وألماً ولسان حالي.. يقول: لابد يوماً سأنام قربك وهذا مايسكن ألمي.