ملايين من الأرواح حول العالم يتخطفها الموت سنوياً بسبب أمراض فتاكة تقتحم أجساد المدخنين ومن يستنشقون دخان التبغ قسراً من غير المدخنين.. قد سمع وعرف عنها وعن بعض أضرار التدخين المدمرة للصحة جل مدمني التبغ للأسف، لكنهم عن النصح أداروا الظهور لامبالين وكأن المشكلة لاتمت لهم بصلة. إننا أمام قضية ساخنة لن تنتهي مالم تتصد للتدخين قوانين نافذة أكثر صرامة ويفعل ما سن وشرع على النحو المطلوب. فأين نحن من هذه القضية.. لماذا ينتهك قانون التدخين في بعض المؤسسات والمرافق ووسائل المواصلات والمكاتب؟ وماذا عن أضرار التبغ على متعاطيه ومدخنيه وعلى غير المدخنين على السواء؟ أسئلة وتساؤلات تتضمن تفاصيل كثيرة تكشف الستار عن الواقع الحالي للتدخين في اليمن،نناقشها مع الدكتور محمد الخولاني مدير البرنامج الوطني لمكافحة التدخين بوزارة الصحة العامة والسكان في اللقاء التالي:- القدوة السيئة ٭ برأيك ما العوامل المساعدة على زيادة الإقبال على التدخين بين الجنسين «الذكور والإناث»؟ ما أود قوله عن العوامل المساعدة على زيادة الاقبال على التدخين،أن هناك من يعتقد خطأً بأن تدخين السجائر أو الشيشة أسلوب حضاري وجذاب ملفت للآخرين، خاصة المراهقين، ومن يمثلون القدوة السيئة،بما يقدم عليه المدخنين من بعض أعيان المجتمع والممثلين والشخصيات وذوي التأثير في الأسرة والمجتمع كالآباء والأقارب، من عدم التورع عن التدخين أمام الأطفال والمراهقين الذين بدورهم ينجذبون إلى التدخين ويتأثرون بما يفعله الكبار. عامل آخر هام هو سلوك تعاطي القات لدى المجتمع اليمني في الأفراح والأتراح وجميع المناسبات المختلفة في أماكن مغلقة. والقات معروف عنه أنه يزيد المدخن رغبة في التدخين، ولاتقف حدود هذه المشكلة فقط عند تعرض غير المدخنين واستنشاقهم لدخان التبغ، بل ويستدرج الكثير منهم من قبل بعض الجلساء المدخنين ويحملوهم على التجربة ليصبحوا مثلهم مدمنين على التدخين. أرقام وإحصاءات ٭ماذا عن إحصاءات التدخين والمدمنين عليه من الرجال والنساء.. بمعنى هل لي بسرد الاحصاءات التي تجسد مشكلة التدخين على المستوى العالمي والمحلي؟ منتجات التبغ بمختلف أشكالها وأنواعها منتشرة محلياً واقليمياً وعالمياً.. في الريف والحضر وغيرها وحتى في المناطق النائية جداً. فعلى الصعيد يوجد حوالي «1.1 بليون» مدخن، أي واحد من كل ثلاثة أشخاص بالغين يدخنون، أغلبهم ويشكلون نسبة «80%» يعيشون في البلدان النامية والأقل نمواً «البدان ذات الدخل المتوسط والأدنى». ومحلياً بينت مؤشرات مسح صحة الأسرة عام 2003م أن نسبة المدخنين من بين البالغين «15 سنة فأكثر» يشكل فيها الذكور نسبة «5.43%» وتشكل فيها الإناث نسبة «8.12%»،ونسبة تعاطي الشمة من «10سنوات فأكثر» هي «1.51%» ذكور بينما يحتوي التبغ على أكثر من «4آلاف» مادة كيميائية،منها نحو «50 مادة» تسبب الإصابة بالسرطان «مواد مسرطنة»،وتؤدي إلى وفاة شخص واحد كل «8 ثوان» ووفاة مايربو على «13ألف» شخص في اليوم،أي أكثر من « 5ملايين» شخص في العام الواحد. وبموجب التقديرات الاحصائية يتوقع وفاة «01ملايين» شخص في العالم عام «2020م» بسبب التبغ إذا لم تتخذ إجراءات سريعة في مكافحة التدخين. الأنواع والأضرار ٭أنواع التدخين الشائعة في اليمن كثيرة، كالسيجارة ،المداعة، الأرجيلة، وما يمضغ ويوضع في الفم،فكيف تصنفون هذه المواد؟ وما أضرارها على الصحة؟ منتجات التبغ إجمالاً توجد على عدة أشكال: القسم الأول: ما يدخن عن طريق الرئتين، مثل السجائر والغليون والمداعة والشيشة وغيرها. القسم الثاني: ما يمضغ أو يوضع في الفم، مثل الشمة والمضغة والتنبل والسوكة والزردة وغيرها من المواد التي تحتوي على التمباك «التبغ». القسم الثالث: وهو ما يستنشق عن طريق الأنف، مثل النشوق والصعوط وغيرها من المسميات. والأضرار العامة لجميعها تتركز في التأثيرات الضارة على القلب والأوعية الدموية والدماغ وسرطانات المثانة والغدد اللمفاوية. بالإضافة إلى ذلك «والنسبة للتدخين خاصة» أكدت الأبحاث بأنه المسؤول عن«30%» من الإصابات بالسرطان، وعن «90%» من وفيات سرطان الرئة، ونحو «85%» من وفيات سرطان الحنجرة والفم، وأنه إذا تعاطينا التبغ نكون معرضين «عشرين مرة» أكثر للإصابة بسرطانات من أنماط أخرى، من ضمنها سرطان«الرأس العنق البلعوم البنكرياس الفم الحنجرة الجهاز التناسلي» ومن جملة الأمراض الأخرى الخطيرة التي يسببها التدخين، أمراض الرئة الانسدادية وأمراض القلب والأوعية الدموية وتصلب الشرايين، ونجده مسؤولاً عن «20%» من وفيات أمراض القلب، ومن جملة أسباب زيادة ترسب الكولسترول في الدم، وزيادة احتمال التعرض للذبحة الصدرية. كما أن ما يوضع في الفم له علاقة قوية بسرطانات الفم واللثة والحلق والحنجرة والبلعوم. قانون التدخين ٭ سُنت قوانين وتشريعات للحد من التدخين في أماكن العمل ووسائل المواصلات..متى سُنت هذه التشريعات بما في ذلك القرارات الصادرة عن وزارة الصحة العامة والسكان؟ وما الذي حققته حتى الآن؟ صدر القانون رقم 26«لسنة 2005م» بشأن مكافحة التدخين ومعالجة أضراره، كان ذلك «في 10ربيع أول 6241ه» الموافق «91إبريل 2005م». غير أن نسبة التنفيذ للقانون يبقى محدوداً لا سيما في المؤسسات والمرافق العامة ووسائل المواصلات وذلك لغياب القدوة الحسنة وهو أسوأ ما يعترض مسار مكافحة التدخين. إضافة إلى أن هناك حاجة إلى تضافر جهود الجهات الأمنية لتنفيذ هذا القانون ومنها الإدارة العامة للمرور، وبدوري أدعوها إلى أن تتمثل دورها في حماية المواطنين غير المدخنين من أضرار التدخين القسري. علاوة على ذلك أنه سبق هذا القانون صدور عدة قرارات عن مجلس الوزراء ،كان آخرها عام 1999م. وبالنسبة لوزارة الصحة العامة والسكان فقد صدرت عنها عدة قرارات وزارية، وأبرزها القرار رقم «8/3» الصادر في «31مارس2007م» وذلك بمنع التدخين منعاً باتاً في جميع الأروقة والمخازن والملحقات التابعة لوزارة الصحة العامة والسكان بديوان عام الوزارة والمكاتب التابعة لها في عموم المحافظات ، وفرض عقوبة على كل من يتم ضبطه وهو يدخن في الديوان العام أو أي من مرافقها ومكاتبها، بدفع غرامة قدرها«500ريال» أو الحبس لمدة «24ساعة». المكافحة والصعوبات ٭ ما الاستراتيجية والخطط العملية التي أنتم بصدد تنفيذها لمكافحة التدخين؟ وما أوجه الصعوبات والعراقيل التي تعترض مسار عملكم؟ بعد الانتهاء من تجهيز المقر الخاص بالبرنامج الوطني لمكافحة التدخين والتوصيف الوظيفي للهيكل التنظيمي وتعيين وتدريب الكادر العامل في البرنامج بما في ذلك منسقي المحافظات ستتركز جهودنا في إعداد استراتيجية وخطة وطنية ستشارك فيها الجهات ذات العلاقة، وذلك من خلال ورشة عمل موسعة تنتهي بخطة شاملة واضحة. وحقيقة هناك تعاون جاد في دعم مكافحة التدخين من قبل قيادات الوزارة ممثلة بالأخ وزير الصحة العامة والسكان ووكيل قطاع الرعاية والمدير العام لمكافحة الأمراض، وكذلك الأخوة في منظمة الصحة العالمية، لكن أهم صعوبة تواجهنا جميعاً هي توريد الضريبة المخصصة للبرنامج وهي«1%» حسب المادة رقم «16» من قانون مكافحة التدخين.