تعتبر بلادنا من أغنى وأثرى الدول وأعمقها حضارةً وتاريخاً نظراً لما تتمتع به من كنوزٍ تاريخية وموروثٍ إنساني ما زال حاضراً وشاهداً على عمق الحضارة اليمنية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ والدالة على عظمة وقدرة الإنسان اليمني الذي بنى وشيّد، عمّر وسكن فيها سواءً في العصور القديمة كالسبئية والحميرية أم في عصور الدولة الإسلامية وما تلاها حتى يومنا هذا.. وكون مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني تعتبر الشريك الأساسي والفعال في البناء والتنمية لحاضرنا ومستقبلنا فهي أيضاً توجد وبقوة في الحفاظ على تاريخنا وموروثاتنا بل وتسعى نحو بذل المزيد من الجهود للاكتشاف والتعريف والدراسة المتأنية لهذا الكم الزاخر من تاريخنا العظيم الذي يملأ أرجاء وطننا.. ومن خلال هذا اللقاء مع الأخ/ حمود أحمد الظبري – رئيس مؤسسة عاد للتنمية الثقافية السياحية الاجتماعية نحاول التعرف على ما أنجزته المؤسسة وما هي خططها المستقبلية.. إنجازات عديدة ما أبرز الإنجازات التي حققتموها سواءً في المجال الثقافي أم السياحي أو الاجتماعي؟ وما أبرز الفعاليات التي تقومون بها؟ -في نظرنا يعتبر أكبر إنجاز هو ما سعت إليه المؤسسة لإيجاد متحف كانط التاريخي في منطقة كانط الأثرية بمديرية خارف محافظة عمران وقد كانت لتوجيهات فخامة الأخ/ علي عبد الله صالح – رئيس الجمهورية – حفظه الله، بهذا الخصوص صدىً واسعاً وقد تم بناؤه بتمويل من الصندوق الاجتماعي للتنمية، والمؤسسة تعمل حالياً على تجهيزه وإعداده للافتتاح في الأيام القادمة احتفاءً بالأعياد الوطنية الخالدة بالتعاون مع الجهات المختصة ممثلةً بوزارة الثقافة ومحافظة عمران.. كما قامت المؤسسة ومنذ بداية إنشائها وحتى الآن بحصر وتوثيق وتصوير ما يقارب من (500) نقشٍ سبئي و(250) مخربشاتٍ سبئية وأكثر من (50) منشأةٍ مائية تاريخية وما يربو عن (50) مخطوطٍاً ونقشٍاً وزخرفةٍ إسلامية وأكثر من (20) موقعاً تاريخياً وأثرياً وهذه تمثل إنجازاتٍ بحد ذاتها حفاظاً على تلك الكنوز العظيمة التي تركها لنا أباؤنا وأجدادنا وللدلالةٍ على عمق وعراقة الحضارة اليمنية.. سعت المؤسسة أيضاً في مخاطبة العديد من الجهات ذات العلاقة لسرعة إيقاف عمليات التخريب والنبش المتعمد من قبل ضعفاء النفوس لبعض المواقع التاريخية ومنها ما حدث لمدينة (هند وهنيدة) التاريخية بمحافظة عمران وما يحدث بصورةٍ مستمرة لجبل (ذمرمر) شبام الغراس بمحافظة صنعاء الذي يتعرض للتدمير الكامل عن طريق استخدام الكسارات والمتفجرات لتدميره ومحوه، وهذا الجبل يعتبر من أهم المعالم الأثرية والتاريخية في الحضارة والتاريخ اليمني سواءً في العصر السبئي أم العصر الإسلامي كونه يحتوي على العديد من القصور والقلاع والحصون والمساجد والمقابر التاريخية وما يقارب من (100) منشأةٍ مائية ومخزنٍ (مدفن) للحبوب منقورة كلها في الصخر، وأيضاً ما تعرض له النقش الصخري الهام والواقع في منطقة (ريام ) مديرية أرحب بمحافظة صنعاء الذي يعد أكبر نقشٍ سبئي في بلادنا ويعود إلى الحقبة الزمنية لمملكة سبأ (اتحاد سُمعي) من اعتداءٍ دائم وتحت نظر الجهات المختصة، أما في المجال السياحي فقد قامت المؤسسة بعمل التعريف والترويج السياحي من خلال إقامة العديد من المحاضرات والندوات للتعريف بالمواقع الأثرية التي تم اكتشافها من قبل بعض أعضاء المؤسسة ونشر ثقافة تجريم اختطاف السياح والأجانب لكون ثقافتنا وديننا وعاداتنا وتقاليدنا تحرم وتجرم مثل تلك الأعمال التي تسيء إلى سمعة اليمن والمجتمع اليمني، وكذا توزيع الملصقات التوعوية بأهمية الحفاظ على الآثار بصفتها عنوان تقدم وعظمة حضارتنا بين الأمم، وللمؤسسة أيضاً باعٌ في المجال الاجتماعي فقد شارك ممثلو المؤسسة في العديد من الندوات وورش العمل الخاصة بتعديل قانون حقوق المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة وكذا شجب وإدانة الأعمال الإرهابية المتمثلة في خطف السياح والأطباء الأجانب وما حدث أيضاً لمدرسة السابع من يوليو بأمانة العاصمة من اعتداءٍ إرهابي ووحشي تشجبه جميع الديانات السماوية.. - أما من جهة الفعاليات.. فالمؤسسة ومن خلال حضورها الفاعل في العديد من المهرجانات والفعاليات الوطنية والديمقراطية والثقافية والسياحية ومنها المشاركة في عملية القيد والتسجيل لانتخابات 2009م، وباركت المؤسسة مشروع التعديلات الدستورية التي دعا إليها فخامة الرئيس وبدورها دعت جميع منظمات المجتمع المدني للالتفاف حول تلك المبادرة وإخراجها إلى حيز الوجود، كما أعدت المؤسسة ملاحظاتها على ذلك المشروع وسلمتها للجنة المكلفة بمناقشة التعديلات الدستورية بمجلس الشورى، وشاركت المؤسسة في المهرجان السياحي لمدينة عدن عام 2007م ومعرض (مائة سنة من الصور في شبه الجزيرة العربية) الذي نظمته البعثة الفرنسية بالتعاون مع وزارة الثقافة والهيئة العامة للآثار والمتاحف، وندوة (اليمن في محيطه الإقليمي عبر العصور) الذي نظمتها وزارة الخارجية اليمنية بالتعاون مع البعثة الأوروبية المعتمدة بصنعاء. شراكةٌ معدومة هل توجد شراكة حقيقية بين مؤسستكم وبين الجهات المعنية في بلادنا؟ وما هي الفوائد المرجوة من تلك الشراكات؟ -لا توجد شراكة حقيقية بيننا وبين الجهات الحكومية في بلادنا بمعنى كلمة (شراكة) ولكن ما نتطلع إليه هو إيجاد شراكة حقيقية بين المؤسسة بصفتها إحدى مؤسسات المجتمع المدني وبين الجهات المختصة ببلادنا سواءً الثقافية أو السياحية أو الاجتماعية، والعمل على إعداد خطة للقيام بالاكتشافات للمواقع الأثرية التي تزخر بها بلادنا وحمايتها وحصرها وتوثيقها والترويج اللازم والتعرف الكافي لها ومطالبة المواطنين ودعوتهم لتسليم ما لديهم من قطعٍ أثرية ومخطوطاتٍ قيمة ليتم ترميمها والحفاظ عليها وعرضها في متاحف خاصة بها تقوم المؤسسة بالتعاون مع الجهات المختصة ببنائها وتأثيثها وتجهيزها لتكون ساحاتٍ لعرض تلك الكنوز التاريخية في مناطقها الأثرية لتمثل متاحف مفتوحة أمام الزوار والسياح والباحثين، كما نسعى لتسوير العديد من المواقع الأثرية حمايةً لها من التخريب والنبش والنهب المتعمد من قبل بعض العابثين بتاريخنا وحضارتنا. معوقاتٍ لواقع ما هي أبرز الصعوبات والمعوقات التي تقف حجر عثرة أمام عمل المؤسسة؟ - إن أبرز الصعوبات والمعوقات بالنسبة لنا هو شحة الدعم المالي لأعمال المؤسسة وكل ما قامت به المؤسسة إلى الآن يعتبر بمجهودٍ وإمكاناتٍ ذاتية، كما إن للنقص في الأجهزة والوسائل اللازمة، وكذا التدريب المتواصل والمستمر من قبل المنظمات الدولية المتخصصة لأشد التأثير على عملنا، وإن المعضلة الحقيقية والمشكلة الأساسية التي يتوقف عليها عمل المؤسسة هو النقص الشديد في التوعية اللازمة والتعريف بأهمية دور مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني بصفتها شريكاً أساسياً للأجهزة الحكومية في وسائل الإعلام المحلية (المقروءة والمسموعة والمرئية) ليمثل بحد ذاته حجر عثرة أمام عملنا المتخصص في التنقيب عن الآثار وحمايتها نظراً لعدم تفهم المواطنين لعمل تلك المؤسسات التي لديها رسالة اجتماعية وطنية بحتة، كما نتفاجأ من التحسس المفرط أحياناً من قبل بعض أجهزة الدولة لعملنا كمؤسسة مجتمع مدني. كلٌ يغني على ليلاه برأيكم لماذا لا تتحد المنظمات الأهلية للقيام بحملةٍ وطنية كبرى للحفاظ على الآثار والمواقع الأثرية والترويج والتعريف بها؟ - نحن في مؤسسة عاد نأمل وندعو إلى القيام بحملةٍ وطنية كبرى للحفاظ على الآثار والمواقع الأثرية والحفاظ على وحدة الوطن أرضاً وإنساناً كونه موحداً منذ قديم الأزل، وليس من جانب المنظمات الأهلية فقط بل وندعو الجهات الحكومية وجميع فئات المجتمع وكل الشرفاء الذين يحبون بلادهم وتاريخه وحضارته وثقافته ووحدته إلى المساهمة في تلك الحملة.. ولكن ما يحدث حقيقةً هو أن كل منظمةٍ أو مؤسسةٍ أو جمعيةٍ أو اتحادٍ أو.. أو.. تعمل في إطاراتها الضيقة والمحصورة جداً دون إيجاد رؤيةٍ واسعة ونظرةٍ ثاقبة لأهمية العمل على البناء والتنمية والتطوير لبلادنا وكذا الحفاظ على كنوزه ومقدراته الثقافية والإنسانية والتاريخية والتي تعد من أعرق الثقافات وأعظم الحضارات بين الأمم.. ونحن سعينا وسنسعى ونمد أيدينا للمؤسسات المماثلة للتعاون معنا وتبادل الخبرات العلمية والفنية والأدبية والبحثية لما فيه خير وازدهار اليمن وتاريخه وحضارته.. وسنظل ندعو ونتطلع أن يتحقق ذلك في يومٍ ما.. رؤية مستقبلية ما هي خططكم أو رؤيتكم المستقبلية لدور المؤسسة وما الرسالة التي تريدون إيصالها بالشأن الثقافي والسياحي والاجتماعي؟ -نخطط لمزيد من المقرات والفروع في بقية المحافظات وكذا في عواصم المديريات الهامة، والمؤسسة لديها الآن فرعين في محافظتي صنعاءوعمران خلافاً عن المقر الرئيسي بأمانة العاصمة، كما نخطط وسنسعى نحو مزيدٍ من الاكتشافات الأثرية والقيام بعملية الحصر والتوثيق والترميم والتعريف بها عن طريق الإصدارات التي ستقوم المؤسسة بنشرها أولاً بأول وبالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، أما ما نطمح إليه فيتمثل في تحقيق المؤسسة لأهدافها التي أنشئت من أجلها عندها سنرى جميعاً وبكل وضوح أن ما أنجزته المؤسسة يعتبراً إنجازاً تاريخياً وعملاً وطنياً يتشرف كل إنسانٍ شارك فيه خدمةً للشعب اليمني العظيم ولأجياله المستقبلية ولثقافته وتاريخه الكبير.. -أما رسالتنا للمجتمع فندعو كل الغيورين على وطنهم بأن يقوموا بالحفاظ على ذلك التراث والموروث التاريخي والإنساني كونه يمثل أكبر تاريخٍ وحضارةٍ عرفتها شبه الجزيرة العربية بل والعالم أجمع، فاليمن عظيمٌ بثقافته وتاريخه وحضارته ووحدته وممارسته للديمقراطية والشورى منذ قديم الأزمان والعصور، وأما الجهات الحكومية فنتمنى تقديم الدعم اللازم سواءً المادي أم المعنوي لعمل المؤسسة كونها تقوم بعملٍ وطني لا تجني من ورائه أية أرباحٍ تجارية، ولما فيه خلق شراكةٍ حقيقية بين مؤسسات المجتمع المدني وبين تلك الجهات.. وبالنسبة للمنظمات الأهلية والأجنبية العاملة في بلادنا والمهتمة بالشؤون الثقافية والسياحية والاجتماعية فندعوها لتقديم ما لديها من خبراتٍ وإمكاناتٍ لدعم عمل المؤسسة وخلق طريقة للتعاون المثمر والهام فيما بيننا لما له من تأثيرٍ إيجابي للدفع بعملية الحفاظ على تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا وموروثنا الإنساني نحو الأمام.