كعادة أهل القرية في وطننا العزيز يقضون نهارهم في مزارعهم وليلهم في حراسة ثمر كدهم على مدى العام.. سالم ابن العشرين من العمر خرج من منزلهم صوب حول القات يحرس ثمرة جهده وجهد أبيه كما يفعل كل ليلة لكن هذه الليلة كانت مختلفة عن كل ليالي عمره فما وجه الاختلاف.. إلى تفاصيل الحادثة. في شهر رمضان وأنا جالس إلى أحد الأصدقاء إذ بي أرى شخصاً قد أخذ الزمن منه مأخذه وظهرت عليه تجاعيد الزمن إضافة إلى قصر قامته ومنظره الذي يعبر عن حالته فسألته: ناجي مراد ماذا حكمت المحكمة؟. فقال: إعدام، فاندفعت بفضول صحفي: إعدام ماذا حصل، تردد ولكن وسط الضغط مني سرد لي القصة ودموعه تنهمر كالمطر قائلاً: قمت في حياتي بأشياء لم يفعلها الشيطان ولم أتوقع يوماً أن أفقد ابني الذي كان عندي بمثابة كل شيء المهم خرج ابني مع بدايات الظلام وسواد الليل صوب محراس القات كما يفعل كل يوم ومع رحيل ساعات الليل الأولى تسلل «م» إلى مزرعة القات وبدأ يقطف منه وأحس سالم بأقدام شخص تتحرك فأخذ يتبع أثر ذلك حتى وصل إلى «م» وانقض عليه كوحش هائج واشتبك كل واحد مع الآخر وأثناء ذلك خرجت طلقة نارية لتسكن صدر سالم الذي ظل يصارع الموت حتى تغلب عليه وتركه مرمياً على الأرض فيما كان «م» قد فزع مما شاهد وخرج مسرعآً تاركاً خلفه كل شيء فاراً من المصير وما زال سالم مرمياً على الأرض.. جاء الخبر بأنه قتل واندفعت وأنا بين مصدق ومكذب من يقتل ابني الذي تربطه بالجميع علاقة طيبة لم يراودني الشك بأحد حتى وصل الأمن إلى موقع الجريمة وأخذ بعمله في مثل هذه الظروف وأنا واقف مذهول والجميع يترحمون ويستنكرون وأنا في نفسي أقر بأني لن أترك دم ابني مهما كانت التضحية. وكان الله قد أراد أن يحيط ب «م» الذي ترك سلاحه الذي أوصل رجال البحث إلى من قام بالجريمة من خلال تلك الأدلة وبرغم فراره ظلت المتابعة حتى وقع وتم تحويل الملف إلى النيابة وحاول أن ينكر ولكن لا فائدة ومن ثم إلى المحكمة التي قضت بعد أن بعت كل مالي في المتابعة بحكمة السماء حكم رب العزة بإعدام «م» الذي لم يسرق القات فقط.. بل سرق مني كل أحلامي.. سرق كل عمري.. سرق ابني ضوئي في باقي عمري وأنا لم أهدأ حتى ينفذ الحكم وينام سالم في قبره .