سيجارة واحدة وأخيرة قبل أن أطبق فمي، وتتبعثر مشيئتي.. عادة ماأتناول العالم من معصمه إن شئت ثم أعود إليها. قال ذلك، ثم طوح بيده عالياً - كأنما يحاول أن يخبط بهما وجه المطلق أمامه - إذ كانت وبسرعة غريبة تلطمه وخزات حارة لم يسبق أن واتتها الجرأة بجدية هكذا. وجد نفسه يعلق على الأمر بسرعة : -غريب أمر هذه للحظة، ولانسمة باردة تؤجل مايمكن أن يكون في أي وقت آخر.. ليس بالضرورة الساعة.. لها أن تخبىء بجبروتها كله غير الآن.. فمازلت استطيع أن أعيش عمراً آخر وبعيداً عن سرب الملاعين من الناس والحيوانات. كان يظن أن ثمة مساحة من القلق يمكن أن تؤجل انسحاب الروح عمداً. وعامداً كان يغالط حساباته : قد يرتد الأمر على نفسه بحركة دائرية، وأكون محور الدائرة، عندها سينبسط الزمن عند قدمي ولن أسمح لتفاهة فضيلة واحدة من أن تتعلق بكره جسدي.. سيكون العالم مدسوساً علي، وسأعرف كيف أضربه ببطن قدمي و.. فرقعات قوية أخذت تضرب مؤخرة رأسه بشدة، وسريعاً كانت تعمد إلى الاندفاع لأماكن مختلفة من جسده، اجبرته أخيراً على الارتعاش بجلافة ثور بقرته سكاكين عديدة ومصقولة أيضاً.. نوبة مجنونة من صراخ بكائي كانت حصيلة الموقف : واحدة فقط، وليغرب عني وجه العالم المهم حبة نيكو «بقبقة» نتنة أصبحت تحتشد داخل كتلته النحيلة، وتدعوه لأن يسفح كل مابداخله من أنسجة، ومرارات، ودم احتاط أن لايتوزع على تراب ملوث وساقط ثم افغارة لئيمة ومؤلمة.. لحدقات مشوهة - تكمل ماتبقى من مشهد لرغبة ابدية في اختزال كل شيء : ذاكرة.. اجساد.. نوع.