يقول د. عبدالناصر الكباب مدير مكتب الصحة العامة والسكان بتعز :إن مسألة القضاء على وباء حمى الضنك ليست خاصة بالصحة.. طالما مشكلة انعدام المياه قائمة والبؤر الحاضنة للبويضات لم يقض عليها. قبل أن اطرح عليه الاسئلة أحب د. عبدالناصر الكباب مدير عام مكتب الصحة والسكان محافظة تعز أن يعرض أو يبين لي مكامن المشكلة المتمثلة بوباء حمى الضنك حيث استعرض من خلال جهاز الكمبيوتر مادة تصويرية تجمع كل البؤر التي يقول بأنها حاضنة للبويضات الخاصة بالبعوض الناقل لحمى الضنك. وحقيقة أقول بأني ذهلت حين رأيت كل ذلك وبالطبع أدركت أن ماشاهدته ليس سوى جزء بسيط مما هو موجود.. فحينما ذهبت شمالاً أو جنوباً شرقاً أو غرباً ستجد أمامك بؤراً كثيرة حاضنة للبويضات ليس أولها إطارات السيارات ولا آخرها خزانات المياه الحديدية في اسطح المنازل وبين هذا وذاك تكون كل المخلفات المرمية سواء في المنزل أو الشارع مكاناً لتكاثر البعوض لكن يبقى السؤال الوحيد وهو التخلص من تلك البؤر مسئولية من؟ البويضات تظل كما هي وخلال استعراضه لتلك المشكلة قال الكباب: الرش يقضي على البعوض الطائر فقط لكن البؤر الحاضنة للبويضات تظل مصدر تكاثر البعوض وأقل من أربع وعشرين ساعة تفقس البيض ويطير البعوض من جديد.. الأنثى تضع خلال 48ساعة حوالى 150200 بيضة وتظل هكذا لمدة سبع دورات فإذا ضربنا 150أو 200 في سبع دورات تكون النتيجة حوالي 1400بيضة في سبعة أيام ولذلك يقول الكباب لايمكن القضاء على البعوض مالم يتم التخلص من المصادر الحاضنة للبيوضات. 593 حالة {.. بحسب الاحصائيات الموجوده لديكم كم عدد حالات الإصابة بحمى الضنك وكم عدد الوفيات؟ المصابون بحمى الضنك إلى الآن يتجاوزون 593 حالة مرضية وبالنسبة لعدد الوفيات هذا الموضوع يحتاج إلى نوع من الدقة ولذلك لكي تعلن حالة وفاة لابد من شهادة الوفاة مرفقة بورقة التشخيص الطبي الذي يبين سبب الوفاة ونحن بدورنا قمنا بإعداد نموذج للفحص التشخيصي لو وزعناه على المستشفيات الحكومية والخاصة وكذلك المراكز والمختبرات الصحية بحيث يمكننا من خلال ورقة الفحص التشخيصي التي تأتي إلينا من قبلهم اعتماد الحالات المصابة بحمى الضنك وكذلك الوفيات ونحن لا نستطيع أن نعلن عن أي حالة وفاة بسبب حمى الضنك إلا من خلال ورقة الفحص التشخيصي وحتى الآن لم نبلغ بأي حالة تمر عبر هذه المرحلة ولا نستطيع أن ننكر عدم وجود حالة وفاة لأنه ربما قد يكون هناك وفيات ولكن لم تحصل على شهادة الوفاة وكذلك الفحص التشخيصي المبين لسبب الوفاة. تدخل كيميائي توعوي {.. ماهي الإجراءات العملية التي اتخذها مكتب الصحة لمواجهة هذا الوباء والحد من انتشاره؟ طبعاً أول حالة اصابة ظهرت بحمى الضنك كانت في شهر يونيو 2009م ومنذ ذلك الوقت شكلنا على الفور غرفة عمليات في المكتب وتواصلنا مع وزارة الصحة وكذلك المجلس المحلي بالمحافظة ولقينا تجاوباً من الجميع.. وغرفة العمليات تجمع كل مديري المكاتب التنفيذية إضافة إلى مديري عموم المديريات الثلاث داخل المدينة.. وبدأنا باتخاذ اجراءات عملية تتمثل بالتدخل الكيميائي «الرش» وكذلك التدخل التوعوي.. والمشكلة ليست خاصة بالصحة فقط ولكن المشكلة مشكلة بيئة بالدرجة الأولى. نموذج يقتدى به .. ويتابع د. الكباب كلامه قائلاً: المملكة العربية السعودية تعد نموذجاً رائعاً يقتدى به في القضاء على هذا الوباء ففي عام 2008م عند ظهور حمى الضنك في مكةوجدة رصدت المملكة حوالي مليار وستمائة مليون ريال سعودي لمواجهة هذه الظاهرة وقد بلغت الإصابات آنذاك بحمى الضنك هناك حوالي 800 حالة مرضية من المليار ذهبت 40مليون ريال فقط للصحة.. وذلك لغرض انشاء مختبر في جامعة الملك من أجل التشخيص والفحوصات فقط بقية المبلغ وجه نحو صحة البيئة البنية التحتية والتوعية.. الشاهد هنا وما أريد قوله من خلال هذا النموذج أن المشكلة كما قلت سابقاً ليست خاصة بالصحة فقط وإنما مشكلة مجتمعية تخص كل الجهات ذات العلاقة والإجراء الذي اتخذناه نحن في الصحة والمتمثل بالتدخل الكيميائي عملية الرش هذا لا يجدي لماذا؟ لأن الرش يقضي على البعوض الطائر فقط ومادامت البؤر الحاضنة للبويضات متواجدة يعني أن المشكلة لم تحل بعد.. إضافة إلى أن المواد الكيميائية لها أضرار منها أنها تعمل على اختلال التوازن البيئي وكذلك مضرة للكائنات الحية بما فيها الإنسان. من المسئول؟ {.. من المسئول عن التخلص من هذه البؤر؟ نعم التخلص من البؤر أعتقد أنها ليست مسئولية الصحة ولكن يجب البحث عن الجهات المعنية في قضية التخلص من هذه البؤر وهناك أطراف عديدة تلعب دوراً كبيراً في ذلك الأوقاف الاشغال العامة التحسين الإعلام التربية والتعليم فالأدوار مشتركة بين الجميع ولذلك إذا لم تقم كل جهة بدورها فإننا لن نحصل على أي نتيجة ايجابية. تنسيق وتواصل {.. يعني لايوجد تنسيق بينكم وبين الجهات المختصة في هذا الشأن؟ لا سؤالك غير صحيح هناك تنسيق كامل وتواصل مع كل الجهات ذات العلاقة وتم اجتماعنا مع الأخ المحافظ بحضور كل الجهات وتم تحديد الأدوار الخاصة لكل جهة. {.. ما العائق إذن في عملية التنفيذ؟ هذا السؤال يوجه اليهم قد تكون تلك الجهات ليست لديها إمكانيات للقيام بدورها مع أنه يتطلب من الإخوة في المكاتب التنفيذية الأخرى أن يقوموا بدورهم فمثلاً تم الاقرار في الاجتماع وبحضور المحافظ على إزالة الإطارات المتواجدة في مشروع النظافة ولكن حتى الآن لم تزل كاملاً.. الأمر الآخر موضوع البحيرة التي في صينة تواصلنا مع الجهات المعنية وهذا أدرج ضمن عملية التنسيق من أجل التخلص منها وإلى الآن مازالت كماهي. خطوات عملية للتوعية {.. وماذا بشأن التوعية والتثقيف الصحي؟ هذا من ضمن الإجراءات التي اتخذناها قمنا بحملات توعوية كثيرة منها طباعة بورشورات وزعت في جميع المرافق الحكومية والحارات وكذلك ندوات علمية في مؤسسة السعيد وتم الاجتماع في الاوقاف مع الإخوة الخطباء والمرشدين والمرشدات وحددنا أدوارهم التي يقومون بها في عملية التوعية للإخوة المواطنين.. كذلك تم الاجتماع بمديري المستشفيات والمختبرات الحكومية والخاصة ومديري مكاتب التربية في مديرية صالة القاهرة المظفر كذلك عقال الحارات ورؤساء المجالس المحلية وأعضاء المجالس المحلية هذه جملة من الخطوات التي قمنا بها وكلها تركزت حول موضوع التوعية كما أننا طلبنا من الجميع في الجهات المعنية أن يقوموا بدورهم ونتمنى أن الجميع يقوم بدوره كذلك أعددنا في مكتب الصحة استراتيجية لمكافحة حمى الضنك وسلمناها للأخ المحافظ ونوقشت في مجلس الوزراء وسلمنا نسخة منها لأعضاء اللجنة التي جاءت من مجلس النواب للتحقيق في وباء حمى الضنك في المحافظة وطلبنا منهم تفصيل دور الجهات المختصة كما أننا طلبنا منهم حل مشكلة المياه في تعز لأنها تعد الموضوع الرئيسي في ذلك. تقارير يومية {.. هل تصلكم التقارير من جميع المرافق الحكومية والخاصة؟ وماهي الأوبئة والأمراض الأكثر انتشاراً في المحافظة؟ تصلنا التقارير بشكل دوري أي يومياً وتعتمد مايتعلق بالتشخيص لأن هناك طريقتين للتشخيص الأولى طريقة تسمى «R.P.test» وهذه غير معتمدة وتوجد في جميع المرافق وتوجد في مختبرات خاصة مثل مختبرات عبدان، والفارابي واليمن الدولي والتقارير التي تصلنا من هذه الجهات معمدة نحن نعتمدها. أما بخصوص الأوبئة والأمراض الأكثر انتشاراً فيقول الكباب: هناك امراض كثيرة وهي امراض فيروسية: الاسهالات عند الأطفال التهابات الجهاز التنفسي.. الخ لكن دعنا الآن في ماهو أهم وهو حمى الضنك فهي مستوطنة في محافظة منذ العام 1994م مع سبق الاصرار والترصد.. وطالما مشكلة المياه قائمة فهي لن تحل كذلك طالما الإطارات في الشوارع والحفريات وغير ذلك من البؤر فهي لن تحل ولن يجدي التدخل الكيميائي «الرش» وسيعمل مقاومة للبعوض مما يؤدي إلى تقويته إذا كثفنا عملية الرش. الأدوار المفقودة وعن الصعوبات التي يواجهها مكتب الصحة يقول الكباب: الأدوار المفقودة في الجهات المعنية هي الصعوبات التي تواجهها وفي كلمة أخيرة قال الكباب: الكلمة الأخيرة التي أحب أن أقولها هي أن حمى الضنك ليس لها علاج ولا لقاح ويمنع منعاً باتاً استخدام الاسبرين أو أي عقار من عائلة الاسبرين وبما أنه لا يوجد علاج ولا لقاح يفترض أنه في حالة الإصابة ينبغي أن نعرف أن المكافحة تتم بالطريقة البيئية وهذه مسئولية الأفراد والمجتمع والجهات ذات العلاقة ونرجو من المواطنين التعاون معنا وذلك من خلال التخلص من البؤر التي تتواجد في محيطهم.