عند الساعة الرابعة والربع من عصر الثلاثاء العاشر من نوفمبر الجاري خرجت محصنة السامعي ذات الخمسين عاماً من منزلها في مذبح بالعاصمة صنعاء لزيارة أهلها، ولم تكن تعلم أن تلك هي الزيارة الأخيرة، وبعد أن فرغت من الاطمئنان على أقاربها عادت بخطوات فرائحية قبل المغرب متجهة صوب منزلها، وفيما كانت تهم بقطع الطريق الاسفلتي ببالطوها الأسود وكيسها الصغير المملوء بالأرز صدمتها سيارة تاكسي أجرة من اتجاه الراكب، وبعد تلك الصدمة بدأت القصة المأساوية. تأخرت الحاجة محصنة عن المسكن على غير عادتها الأمر الذي أقلق أولادها بالذات، فهبوا للبحث عنها، وأخبرهم أحد معارفهم الذي كان راكباً بمعية السائق المدعو «أ م ص» أنه قد اعطاه هاتفه لعلاجها، وذهب الجميع إلى مستشفى الأمانة للسؤال عن محصنة فأخبرهم أحد الأطباء عن وصولها بمعية الشاب «أ م ص» 29 سنة من أبناء محافظة المحويت ويسكن الدائري بالعاصمة، فقاموا بإبلاغ البحث الجنائي الذي بدوره تابع القضية عن كثب وباهتمام بالغ.. وعلى باب دار السائق كانت الطرقات من أحد رجال المرور،ففتح بلا مبالاة حسب قول أهل المجني عليها، الأمر الذي زاد من اطمئنان الجميع وبالذات الأسرة، وأخبر الجاني أسرته أنه لن يتأخر كثيراً وسوف يعود بعد استكمال الإجراءات الروتينية للأمن. وعند التحقيق معه كانت المفاجأة المجنونة التي صعقت رؤوس الجميع، وبعد الاطلاع على أوراق التحقيق الذي تم مع السائق «أ م ص» التي تمت الساعة الواحدة بعد منتصف ليل الثلاثاء المشئوم اعترف بتفاصيل الحادثة، حيث كان متجهاً إلى شارع شملان، وفي طريقه تفاجأ بوجود امرأة أمامه.. فلم يستطع التحكم بالسيارة، فصدمها بالجهة اليمنى من السيارة،بعدها قام بإسعاف المرأة إلى مستشفى الامانة بمعية شخص كان راكباً معه، لكنه سرعان ما أخرجها إلى مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا بجولة مذبح وقبل أن يصل إليه تفاجأ بأنها توفيت، فاتجه بها إلى وادي ظهر، وقام بحفر حفرة صغيرة ودفنها فيها. ثم رجع إلى مستشفى الأمانة مرة أخرى لغرض التأكد من أن أشخاصاًً جاءوا وليسألوا عنها أو عن الحادث،ولما لم يجد أحداً ولم يسمع عن أحد عاد إلى منزله للنوم الهادئ،حتى جاء إليه أحد أفراد المرور، وأضاف بأن السيارة ليست ملكاً له، وأنها بلا أوراق، وهو يعمل سائقاً منذ ثلاث سنوات وقد وقع الحادث الساعة الخامسة مساءً. وعندما سأله المحقق عن السبب الذي جعله يقوم بدفن المرأة، أجاب بأن أوجبر على دفنها، وإلى هنا ينتهي التحقيق مع العلم أن السيارة أجرة نوع كورلا تويوتا، وبعد اعتراف الجاني توجه أفراد من قسم 14أكتوبر بعد منتصف الليل بساعة إلى وادي ظهر، ووجدوا أن الحيوانات المفترسة قد نهشت أجزاء من جسد محصنة كون الجاني لم يغط جسدها كاملاً بالتراب بسبب العجلة والخوف اللذين سيطرا عليه. ويبقى حديث أحد أبنائها والدموع تكاد أن تقفز من عينيه مؤكداً بأن الجاني قد دفن أمه حية خشية الخسارة في مداواتها، وعرض عليَّ صورة للدماء وهي تخرج من الجثة المدفونة، مؤكداً أنها لو لم تكن فيها بقايا حياة ما خرجت منها هذه الدماء مبللة التراب المغطي عليها.