احتفلت دولة قطر في الدوحة أمس الجمعة بعيدها الوطني الذي يصادف تولي الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني مقاليد السلطة وسط تطور شمل كافة مناحي الحياة.. وشهد أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمس في كورنيش الدوحة "المسير الوطني" الذي تضمن عروضاً عسكرية برية وجوية وبحرية إضافة إلى تنظيم معرض للسيارات القديمة وعروض للمراكب الشراعية.. كما أقيمت مساء أمس عروض للألعاب النارية والإضاءة والرسم على الرمال على الشاشات الكبرى والأبراج المطلة على كورنيش الدوحة، وتصاحب هذه العروض أغانٍ وطنية و"شيلات" شعبية مسجلة. وتحول كورنيش الدوحة إلى تحفة فنية بعدما تزينت أرجاؤه بأعلام دولة قطر والزهور واللوحات الفنية التراثية. وشارك أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في الاحتفالات التي أقيمت في قلعة الوجبة بالريان أمس بمناسبة ذكرى اليوم الوطني، كما أصدر أمير قطر بمناسبة اليوم الوطني عفواً عن عدد من السجناء. كما شهدت البلاد على مدى اليومين الماضيين احتفالات كبيرة للعديد من القبائل والمدارس التي نظمت يوماً احتفالياً جماهيرياً وطلابياً تضمن عروضاً للهجن والخيول واستعراضاً للصيد بالصقور. وكانت الحكومة القطرية قد أصدرت قراراً في 2007 باعتبار ذكرى تولي الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني مقاليد السلطة في البلاد يوماً وطنياً. ومنذ تولي أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مقاليد الحكم بدأت مرحلة جديدة من تاريخ قطر المعاصر، حيث شهدت البلاد في عهده تحولات دستورية كبيرة ومهمة منها صدور الدستور الدائم للدولة في الثامن من يونيو 2004 بعد إقراره في استفتاء شعبي حظي بموافقة 6ر96 في المائة، وبرزت توجهاته في إرساء قواعد الشورى وقيم الديمقراطية بإجراء أول انتخابات بلدية في الدولة عام 1999م. وحققت قطر منذ تولي الشيخ حمد الحكم قفزة نوعية في مجالات عديدة في مسيرة التنمية والبناء برؤية تستشرف آفاق المستقبل الواعد وعهداً جديداً من الرخاء والرفاهية للوطن والمواطن. ونجحت دولة قطر في مجال السياسة الداخلية أن تحقق المعادلة الصعبة من خلال توفير الأمن التام والتنمية المتواصلة، ولم يكن ذلك بالرهان الهين، ولكنها قد كسبته باقتدار وشهادة من كافة الشركاء العرب والأجانب، حيث أدارت قطر شأنها المحلي بديمقراطية يشهد عليها الجميع وبأسلوب فيه الكثير من المرونة لاسيما وأنها حررت المبادرة الاقتصادية ووسعت نطاق المشاركة السياسية عبر المجلس البلدي، وفتحت المجال لحرية إعلامية مسؤولة تراعي الضوابط المهنية والأخلاقية وأرست دعائم احترام حقوق الإنسان وتكريم الكفاءات والعناية بها. وكانت بداية ذلك من اطلاق مبادرة التعليم الجديد التي أعادت الاعتبار للطالب وجعلته شريكاً فاعلاً في العملية التعليمية وعلمته البحث والعمل المتواصل، مزيحة منطق الاستماع والنقل تأكيداً أن العلم وحده يصنع التميز. وفي مجال السياسة الخارجية اكتسبت قطر عبر سياستها الخارجية ذات الأهداف الواضحة تقديراً واحتراماً على مختلف الأصعدة والساحات لما تميزت به من بعد نظر ومواكبة لمستجدات الأحداث والمتغيرات والتطورات السياسية المختلفة في العالم. وتبلور هذا الدور بشكل واضح منذ تولي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الحكم، حيث عمدت الدبلوماسية القطرية إلى الانطلاق من جملة من الثوابت أهمها الالتزام بسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتبني فلسفة "الدبلوماسية الواقعية" مع تقبل تبعات الإسهام في تحقيق السلام ورفض الاحتكام إلى القوة في فض المنازعات. وفي المجال الاقتصادي برزت الكفاءة القطرية خصوصاً مع الأزمة المالية التي ضربت العالم واستمر التحرك القطري بثلاثية التدخل العاجل والتعويض العادل والحلول القابلة للدوام، فلم يكن تدخل الدولة وشراؤها لحصص في البنوك القطرية متأخراً ولا متردداً وإنما جاء في وقته وثبّت وضع السوق عبر مراحل متدرجة معيداً عنصر الثقة له، وعوض المستثمر القطري عما يمكن أن يكون قد طاله بسبب أضخم أزمة تضرب العالم بعد أزمة 1929م. كما يأتي احتفال قطر باليوم الوطني في ظل مسيرة واعدة واقتصاد متنوع شمل مجالات الصناعة والاستثمار والخدمات والمال والبنوك والسياحة بجانب قطاع الغاز الذي وصل تصديره إلى مختلف دول العالم، مسجلة مرتبة الريادة على مستوى صناعة الغاز المسال وجهودها الحالية لتطوير الكوادر القطرية في إطار رؤية قطر 2030م. وفي المجال الثقافي عملت قطر على أن تكون راعية الثقافة في العالم العربي؛ إذ أطلقت "جائزة الرواية العربية" وأسهمت بفعالية في الحياة الثقافية العربية، واحتضنت المثقفين العرب عبر وزارتها للثقافة، إضافة إلى أنها ستكون العام المقبل "عاصمة الثقافة العربية 2010" التي ستعتبر واحدة من أبرز الفعاليات الثقافية العربية في العقد الحالي.