هي شخصية خيالية فكاهية في الأدب العربي هو أبو الغصن ذجين الفزاري الذي عاش نصف حياته في القرن الأول الهجري ونصفها الآخر في القرن الثاني الهجري، فعاصر الدولة الأموية وبقي حياً حتى حكم الخليفة المهدي، وقضى أكثر سنوات حياته التي تزيد عن التسعين عاماً في الكوفة. اختلف فيه الرواة والمؤرخون، فتصوره البعض مجنوناً وقال البعض الآخر انه رجل بكامل عقله ووعيه وانه يتحامق ويدعي الغفلة ليستطيع عرض آرائه النقدية والسخرية من الحكام بحرية تامة. وما ان شاعت حكاياته وقصصه الطريفة حتى تهافتت عليه الشعوب فكل شعب وكل أمة على صلة بالدولة الإسلامية صممت لها «جحا» خاصاً بها بتحوير الأصل العربي بما يتلاءم مع طبيعة تلك الأمة وظروف الحياة الاجتماعية فيها ومع أن الأسماء تختلف وشكل الحكايات ربما يختلف أيضاً ولكن شخصية «جحا» المغفل الأحمق وحماره هي هي لم تتغير. بل إنك تجد الطرائف الواردة في كتاب «نوادر جحا» المذكور في فهرست ابن النديم هي نفسها لم يختلف فيها غير اسماء المدن والملوك وتاريخ وقوع الحكاية، فجحا العربي عاش في القرن الأول الهجري واشتهرت حكاياته في القرنين الثاني والثالث، وفي القرون التي تلت ذلك أصبح «جحا» وحكاياته الظريفة على كل لسان، وقد ألفت مئات الحكايات المضحكة ونسبت إليه بعد ذلك ويبدو أن الأمم الأخرى استهوتها فكرة وجود شخصية ظريفة مضحكة في أدبها الشعبي لنقد الحكام والسخرية من الطغاة والظالمين فنقلت فكرة «جحا العربي» إلى آدابها مباشرة، وهكذا تجد شخصية «نصر الدين خوجة» في تركيا و«ملة نصر الدين» في إيران، و«غابروفو» جحا بلغاريا المحبوب، و«ارتين» جحا ارمينيا صاحب اللسان السليط و«آرو» جحا يوغسلافيا المغفل، وبعودة بسيطة إلى التاريخ تكتشف ان كل هذه الشخصيات في تلك الأمم وقد ولدت واشتهرت في القرون المتأخرة، وهناك شك في وجودها اصلاً فأغلب المؤرخين يعتقدون انها شخصيات اسطورية لا وجود لها في الواقع، وقد اشتهرت حكاياتها في القرون الستة الأخيرة، وربما اشهرها واقدمها هو «الخوجة نصر الدين» التركي الذي عاصر تيمور للك في القرن الرابع عشر الهجري، كما يتضح ذلك من حكاياته الطريفة مع هذا الطاغية المغولي.