استقطبت اليمن خلال العام الجاري مشاريع استثمارية في القطاع السمكي تجاوزت ملياري دولار، في خطوة اعتبرها اقتصاديون نجاحا للحكومة اليمنية في تحفيز وتنمية القطاعات الإنتاجية الواعدة التي تعول عليها لرفع مستوى التنمية الاقتصادية. وبحسب وزير الثروة السمكية محمد صالح شملان فإن خمس شركات استثمارية محلية وعالمية تستكمل حاليا الإجراءات الأخيرة لتنفيذ مشاريع عملاقة لاستزراع أسماك التونة والجمبري (القريدس) ومشروعات أخرى في سواحل البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن بتكلفة تبلغ مليارا و248 مليون دولار، إضافة إلى مشروعات أخرى في مجال تنمية الصادرات والصناعات السمكية بتكلفة مليار دولار. وأوضح بحسب موقع الاقتصادي اليمني أن مؤسسة مام العالمية ستنفذ مزرعتين لاستزراع الجمبري وتربية الأسماك والأحياء البحرية في سواحل البحر الأحمر، وكذلك الاستزراع البري للأسماك في المياه العذبة وتربية أسماك الزينة، كما تستكمل مؤسسة سوجيتز اليابانية الدراسات النهائية لمشروع استزراع وتربية وتسمين أسماك التونة ذات الزعانف الصفراء في السواحل اليمنية، بتكلفة أولية تقدر بحوالي 20 مليون دولار ليكون الأول في المنطقة العربية. وبيّن أن الشركة اليمنية للاستثمارات الصناعية المحدودة تجري حاليا المسوحات الخاصة بتحديد المواقع المناسبة لتنفيذ مزرعة سمكية متكاملة لاستزراع وتربية الروبيان في ساحل البحر الأحمر بتكلفة 200 مليون دولار, لتنتج 10 آلاف طن سنويا وتشغل أكثر من 500 عامل. وتنفذ الحكومة مشروعا ترويجيا لاستقطاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية للاستثمارات في مجال الاستزراع والاستثمار السمكي لاستغلال ما تتمتع به السواحل اليمنية من مقومات طبيعية ومناخية كفيلة بإنتاج كميات كبيرة من مزارع الأسماك. و تؤكد نتائج المسح الشامل للشواطئ اليمنية وجود اكثر من 25 موقعا ملائما للاستزراع في البحر الأحمر وخليج عدن منها 14 موقعاً ملائماً لاستزراع الجمبري..فيما قدرت دراسات اقتصادية ان 18 حوض استزراع سمكي في اليمن يمكن ان تحقق مبيعات سمكية بما يقارب 120 مليون دولار سنوياً. ويشير وزير الثروة السمكية إلى أن هذا النوع من الاستثمار يتمتع بجدوى اقتصادية تضمن له الاستمرار والنجاح نظراً للمردود التجاري الجيد الذي يحققه.. معتبرا الإستزراع السمكي أحد المصادر الأساسية التي يمكن الاعتماد عليها لضمان الأمن الغذائي وكذا حماية وتدعيم المخزونات الطبيعية من الثروة السمكية والمحافظة على البيئة البحرية وخلق فرص عمل جديدة في القطاع السمكي. وتراهن بلادنا في جذبها للاستثمارات في هذا القطاع الواعد إضافة الى المزايا والحوافز التي يوفرها قانون الاستثمار امتلاكها ساحلا على البحرين الأحمر والعربي بطول 2500 كيلومتر مع وجود أكثر من 160 جزيرة تتميز بتنوع بيئي وحيوي أدى الى وجود وفرة في الموارد السمكية على مدار العام. ووفقا للدراسات فإن اليمن تمتلك مخزونا من الثروة السمكية يصل الى حوالي 850 ألف طن يتيح اصطياد ما يزيد عن 500 ألف طن سنويا لأكثر من 400 نوع من الاسماك والأحياء البحرية، في حين لم يتجاوز حجم الاستغلال الفعلي 222 ألف طن العام الماضي. ويصنف خبراء «اليمن بلد سمكي» من الدرجة الاولى، لما يمتلكه من الشواطئ الممتدة على 2500 كم وجزر متعددة المزايا ومتنوعة في بيئتها البحرية، إضافة الى التنوع الكبير في الاحياء البحرية ذات القيمة الغذائية والاقتصادية العالية كالشروخ والحبار والجمبري واسماك الزينة الى غير ذلك من المنتجات السمكية المطلوبة دولياً. وحرصت الحكومة من خلال تبني تنفيذ أجندة طموحة للإصلاحات الوطنية على تعزيز البيئة الاستثمارية الجاذبة وتطوير الدور الاقتصادي والاستثماري للقطاع الخاص المحلي والعربي والأجنبي في مختلف القطاعات الاستثمارية الواعدة وفي مقدمتها قطاع الثروة السمكية.. واتخذت في سبيل ذلك عدداً من الإجراءات الحاسمة الرامية إلى حماية الثروة السمكية وإفساح المجال أكثر أمام المشاركة الإيجابية والمنظمة للاستثمار في هذا المجال بما يخلق التوازن المطلوب بين الاصطياد وحماية البيئة البحرية والحفاظ على المخزون السمكي وبين إيجاد الظروف الملائمة لتكاثر الأحياء البحرية. وقد أثمر ذلك عن تسجيل 166 مشروعاً استثمارياً في هذا القطاع بتكلفة تبلغ 45 ملياراً و800 مليون ريال يمني وفرت ما يقارب سبعة آلاف فرصة عمل حتى نهاية العام الماضي. ووقعت بلادنا مؤخراً معاهدة الاصطياد الصناعي، كما أنشأت إدارة لمركز المعلومات السمكية، وتنفيذ مسودة نظام الرقابة والتفتيش وتوفير نظام مسح بحري بالأقمار الصناعية. وتعتزم خلال الأعوام القليلة القادمة تحسين إدارة الموارد السمكية والإدارة والرقابة والتقييم للأنشطة السمكية وتشجيع القطاع الخاص على الدخول في إنشاء المرافق الأساسية مثل الثلاجات والمخازن ونقل الأسماك، إضافة الى إنشاء مختبرات لضبط الجودة في الموانئ الرئيسية ومراكز الاصطياد. وفي المقابل سعت الحكومة إلى تخصيص نفقات طائلة لتطوير قطاع الأسماك ، من خلال توفير البني التحتية وتنظيم الاصطياد في المياه الإقليمية، وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال الأمر الذي أسهم في تطوير وزيادة الإنتاج السمكي وكذا إقامة عدد من المشاريع الاستثمارية لصناعة المنتجات السمكية، حيث مثل تنفيذ مكونات مشروع الأسماك الرابع الذي تبنته الحكومة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي خلال الفترة من1998 إلى 2001، بتكلفة 5 ر39 مليون دولار واحد من أهم واكبر مشاريع الاستثمار الحكومي في القطاع السمكي والذي ساهم في تحسين طرق الاصطياد ودعم مراكز الأبحاث السمكية وحماية البيئة البحرية. وحالياً يجري تنفيذ مشروع الأسماك الخامس بالتعاون مع البنك الدولي والاتحاد الأوربي بتكلفة 5ر32 مليون دولار ويستهدف بدرجة رئيسية تعزيز البنية التحتية للقطاع وأهمها إعادة تأهيل ثلاثة موانئ سمكية رئيسية في محافظتي الحديدة والمهرة بتكلفة 17 مليون دولار وإقامة منشآت وتسهيلات سمكية من كواسر للأمواج وساحات حراج نموذجية على امتداد الشريط الساحلي للجمهورية اليمنية. وتتنوع الفرص الاستثمارية في القطاع السمكي في اليمن أبرزها استزراع وتربية وتسمين الأسماك والأحياء البحرية، تصنيع أدوات ومعدات الإصطياد، وصناعة ادوات ومعدات تحضير وتصدير الأسماك ، وتصنيع وتعليب الأسماك ، وصناعة قوارب الصيد، وانشاء ثلاجات الخزن والتجميد ومصانع انتاج الثلج ، وتحضير ومعالجة الأسماك، بناء اسواق نموذجية لبيع وتسويق الأسماك ، ومعالجة وطحن الأسماك ،إضافة الى اصطياد الأسماك والأحياء البحرية. وتعول الحكومة على هذا القطاع في تعويض تناقص انتاج النفط الذي تعتمد عليه موازنتها بنسبة تصل الى 75 بالمائة .. ويرى اقتصاديون ان الخطوات التي تتبناها الحكومة من تحسين البنية التحتية للاستثمار في القطاع السمكي وتوفير مزايا وحوافز للمستثمرين يعطي تفاؤلا كبيرا بنجاح مساعيها للوصول الى هذه الغاية.
