كلمة رائعة لو أخذت حقها ( أقلني ) كم من شخص تأتي إليه وقد أخطأت في حقه لتعتذر منه فلا يسامحك ولا يعذرك بل ويشيح بوجهه عنك فيكسر بخاطرك ويجعلك حزينا متكدراً. وكم من شخص تأتي إليه لتعتذر فيقابلك بوجه طلق رحب وابتسامة ويقول لك (سامحك الله ) وينهي بذلك حرجك وحزنك فبالله عليك أي الأشخاص يكون أقرب إلى حبك واحترامك وتقديرك؟!! يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (( من أتاه أخاه متنصلاً فليقبل منه محقاً كان أم مبطلاً فإن لم يفعل لم يرد عليَّ الحوض يوم القيامة )) حديث صحيح. وماذا نريد أكثر من هذا فوالله لو لم يأتينا غير هذا الحديث في التسامح لكفانا لنسامح كل الناس ونعفو ونتجاوز وإلا حرمنا الورود على حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم. تفكروا معي في الحديث وانظروا إلى قوله (محقاً كان أم مبطلا) سواء كان على حق أو على باطل يجب علينا أن نعذره ونقيله وهذا القصد بقوله فليقبل وهي بصيغة الأمر وإلا حرم عليك ورود الحوض. والآن نسقط هذا الحديث على بيئة العمل ونظريات الإدارة ونظريات القيادة ولا أعظم قيادة من رسول الله اسقط معي هذا الحديث على حياتنا وواقعنا فكل شخص قد يخطئ في حقك سواء كان زميلاً رئيساً أو مرؤوسا فلو اقلنا عثرات بعضنا وتسامحنا ما الذي سيكون عليه حالنا؟ كأشخاص؟ نحن محبوبون جداً، وكعمل؟ نحن ناجحون جداً و....الخ. نعم اعرف أن الآخر أساء التصرف أو الكلام في حقك واعرف انه قد لا يستحق العفو لكن فلنعلمه الأدب بدل أن نتعلم منه غير ذلك. وهاهي قصة ابوبكر الصديق عندما اتهمت ابنته (أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها) بالفاحشة وكان من بين هؤلاء الذين يتكلمون عنها رجل كان الصديق ينفق عليه فأوقف الصديق هذه النفقة انتصاراً لابنته فأنزل الله قال تعالى « وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوَاْ أَلاَ تُحِبّونَ أَن يَغْفِرَ اللّهُ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ» [سورة: النور - الآية: 22] فقال الصديق بلا نحب وأعاد النفقة على ما كانت عليه وهنا قمة العفو والطاعة لرب العباد وانتم كذلك « ألا تحبون أن يغفر الله لكم» وقل لي: إذا أتى شخص يعتذر إليك فعذرته وسامحته وتبسمت في وجهه والعكس إذا أتى إليك وتجهمت في وجهه وعبست ولم تسامح فأي قلب قد دخلت الأول أم الثاني ؟!! دون شك ولا داعي للتفكير أنت في قلب الأول متربعاً كالملوك وزد على ذلك أنت اقرب إلى رسول الله وأكثر حظا في الدنيا واستمع معي حكاية:- طلب احد المدرسين من طلابه شراء كيس من البطاطا وأن يجعلوا هذا الكيس معهم في كل وقت في نومهم وصحوهم وأن يصطحبوه معهم لكل مكان يذهبون إليه ففعل الطلا ب وبعد فترة من الزمن بدأ الطلاب بالتذمر من الكيس فهو أولاً شكل عليهم عبء وثانياً أحرجهم أمام الناس وثالثاً فاحت منه رائحة كريهة بعد أن فقدت البطاطا صلاحيتها. فقال لهم الأستاذ إن الكره والحقد الذي تحملوه في قلوبكم أشبه بكيس البطاطا هذا فالكره والحقد عبء على القلب وله رائحة نتنه تشوه جمال الروح فلماذا أخي نكره ولا نسامح؟ ونبغض ولا نصفح؟ ونعامل بالمثل ونريد من الآخرين أن يعاملونا بأفضل منا ؟ ما بالنا كأشخاص وعمال ومدراء ننتصر لأنفسنا ونفرح ونبهج لانتقامنا لأنفسنا وننسى انه انتصار زائل والانتصار الحقيقي يوم تلقى نبيك وترد حوضه فلو تحب نفسك حقيقة لسامحت وصفحت وتجاوزت فملكت قلب الذي سامحته وانتصرت يوم تلقى نبيك. لا أطيل عليكم وأقول في الأخير ازرع قلبك بالحب تجني الحب وازرع قلبك ودربك بالبغض لا تجني سوى كره الناس وبغضهم لك فهذا قلبك وهذه البذور وأنت اختر بستانك. ولنا لقاء [email protected]