زيارة عبدالناصر لليمن شكلت الحكومة ومجلس الشورى والخلافات جعلتني أستقيل من رئاسة الشورى فكانوا حريصين على مجيء فيصل لأن فيصل كان نائب الملك وظل في السعودية وحاولوا استقدامه، في هذه الجلسة دارت المحادثات وتحدث الرئيس جمال عبدالناصر عن البواعث لدعوة مؤتمر القمة العربي، وعن مد يده لكل العرب المتفقين معه والمختلفين من أجل القضية الفلسطينية، وقال إن الذي حمله على هذا أن مندوب سوريا في مجلس الدفاع في الجامعة كان يقول ليس عندنا من القوة ما يكفي وليس عندنا كذا، وتبين لنا أننا في حاجة لكي نجمع شملنا، وأنا أشعر أن بيننا وبين سوريا أزمة ثقة.. وكان رئيس وفد سوريا الفريق أمين الحافظ فلما سمع كلمة بيننا وبين سوريا أزمة ثقة، طلب التعليق على هذه العبارة وقال: أنا أريد أن أصحح أزمة الثقة آتية من أين؟ هل آتية من سوريا؟ أزمة الثقة ولدها صوت العجم لا صوت العرب، وأنا أقسم بالله لم نجئ إلى هنا رغبا ولا رهبا، إنما جئنا مؤمنين من أجل قضية العرب وكرامة العرب، ولكن صوت العجم يشتم أعراضنا ونحن مرابطون في خطوط النار، ويفضح كرامتنا، والله إن اللسان التي تمتهن كرامتنا إنما نقصها بالمقص، ولا نقبل على كرامتنا شيء، نحن نموت جوعاً ونقتطع لميزانيتنا ولجيشنا الأموال الكثيرة البالغة من أجل أن نعد أنفسنا للمعركة، ثم تقولون أزمة ثقة بينما صوت العجم وأكررها ولا أقول صوت العرب يشتمنا ويهاجمنا. وكان في كلامه هذا يشفي غليل بورقيبة ويقول مافي نفس الملك سعود وكل الموجودين، كان لعبدالعناصر أعصاب قوية على اعتبار أنه هو صاحب الدعوة، فتحمل وصبر ولم يعلق بشيء، فجاء دور الملك حسين في الكلام وتكلم عن قضية اليمن وعن مساهمته، وقال إنه آن الأوان لكي نحل هذه المشكلة وقال في الواقع نحن لم نعد مشتركين فيها، فرد الملك سعود بصراحة وبلهجة بريئة وقال للملك حسين إننا لا نزال نعمل سوية ومازلنا نعمل الاثنين معاً مادمنا في هذه المعركة، والمعركة موجهه ضدنا، ونحن لا نقاتل لقد آوينا هؤلاء اللاجئين من اليمن والذين تقصفهم الطائرات، نحن نطعمهم، ماذا نعمل! إنهم عرب مشردون مؤمنون بالله، وكنت قد نبهت السلال إذا وصل دورك فقل لهم إن الوثائق مع الأستاذ نعمان وهو الذي سيتكلم، فلما جاء دور السلال قال لهم: الوثائق مع الأستاذ وهو سيتكلم، كنت جالساً في الكرسي الخلفي، فوقفت لكي أسمعهم صوتي وقلت لهم: لقد كانت دعوة كريمة من قلب رجل مؤمن مخلص، لقيت هذه الدعوة استجابة مخلصة من المحيط إلى الخليج والعالم العربي مشدود إلى هذه القاعة في هذه اللحظات وآماله معلقة على هذا المؤتمر، والله يطل عليكم من علياء سمائه يهيب بكم عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون يا قادة العرب، قضية اليمن هي قضية العرب جميعاً، وما يهدر فيها من طاقات ومن أرواح ومن أموال ودماء، يجب أن تعد كلها من أجل المعركة الكبرى، واليوم جمع الله شمل العرب في هذه الجلسة ونحن لا نريد أن نثير خلافات ولا خصومات، ليس بيننا وبين السعودية إلا الحب والإخاء، ليس بيننا وبينها حرب ولا خصومات، إنهم جيراننا الأدنون وأبناء عمنا الأقربون، وقد نزلت باليمن نوازل كثيرة كان الأخوان السعوديون مفزعنا دائماً، ففي عام 1948م جئنا إليهم وفي عام 1955م حينما قامت الحركة لجأنا إليهم، وهذا الملك سعود وأنا ذهبت إليه بنفسي كما جاء وفد من الجمهورية العربية المتحدة والتقينا في الرياض، فكان الملك سعود متجاوباً معنا. وأنا أذكره الآن ربما غاب عن ذاكرته أنه كتب للإمام أحمد رسالة ينصحه فيها بتغيير الوضع في اليمن ويقول له إن الوضع أصبح عاراً على العرب أجمعين، ويجب تغييره، وهذه شهادة أقولها لله بحضور الملك سعود واليوم اليمن في حاجة إلى تغيير وفي حاجة للأخذ بيدها. كانت كلمة بهذا الأسلوب فتأثر بها المجتمعون، وعلى إثر الجلسة قرر الرئيس الجزائري بن بلا والرئيس العراقي عبدالسلام عارف أن يتصلا بالأمير فيصل بن عبدالعزيز نائب ملك السعودية، وكان حينها الملك الفعلي قبل أن يزاح سعود رسمياً ويتولى فيصل منصب الملك رسمياً تلفونياً ليذهبا إليه حتى يحضر لكي تحل المشكلة، ولكن تعذر الاتصال التلفوني فقرر مؤتمر القمة تشكيل وفد في تلك الجلسة، بحيث يذهب إلى اليمن وفد عراقي ويذهب وفد جزائري إلى السعودية. وبدأت قضية اليمن تطرح على جدول أعمال الوضع العربي منذ هذا التاريخ، وكما أعتقد لم يكن عبدالناصر راضياً عن هذا الوضع، ولكن رأى أن الإجماع موجود فقرر مسايرته، وأذكر أن بورقيبة وكنت على غير معرفة به، قال: رأيت أن هذا الأستاذ كان دبلوماسياً إلى حد كبير بحيث لم يثر في الجلسة ما يعكر صفو الحوار مع السعوديين، فقال له عبدالناصر: هذا سجنه الإمام سبع سنين، تصور أما دوره معي فسيأتي كانت هذه الجلسة في مؤتمر القمة، حاول بن بلا الاتصال بالملك فيصل تلفونياً إلى الرياض هو وعبدالسلام عارف على أساس أن سعود لم يكن بيده شيء في تلك الفترة، وكان فيصل هو المسئول عملياً والمسيطر على الأمور ولم يكن سعود في الفترة الأخيرة إلا عبارة عن رمز، وحاولوا أن يستأذنوا بالذهاب إليه لكي يحلوا الخلاف بين مصر والسعودية حول اليمن، وتعذر الاتصال فقرروا إيفاد وفد، وقيل إن مؤتمر القمة أتخذ في الظاهر قضية فلسطين هدفاً له، لكن عبدالناصر كان في ذلك الوقت حريصاً على حل مشكلة اليمن وعلى التخلص من الورطة التي وقع فيها، لأنهم كانوا يعتقدون أن مجرد قنبلة واحدة تقتل الإمام، حسب ما خطط وما كان قد وعده به رجال مخابراته، تكفي لحل المشكلة تبين له أن اليمن ليست بهذه السهولة. هكذا قرروا تشكيل وفد من الجزائروالعراق ليذهب إلى السعودية لمقابلة الملك فيصل، وبالفعل ذهب وفد الجزائر برئاسة أحمد توفيق المدني، ووفد العراق برئاسة شامل السامرائي، والتقى هناك الوفدان وتداولوا كثيراً مع السعوديين حول العلاقات بمصر وتنقية الجو العربي وحل مشكلة اليمن، ثم عادوا وترددوا على السعودية وحاولوا البحث عن حل ولم يصلوا إلى نتيجة إلى أن عقد مؤتمر القمة الثاني في الإسكندرية وكان الجو قد تحسن بعض الشيء فيما بين مصر والسعودية. عبدالناصر في اليمن * ماذا كنت تعمل في تلك الأثناء؟ كنت مندوباً في الجامعة العربية، لكن في المؤتمر الثاني للقمة العربية كنت قد رجعت إلى اليمن وكانت الوساطة العراقيةوالجزائرية قد نجحت في تحسين العلاقات بين السعودية ومصر وبدأت حدة التوتر تخف، وكان مراقبو الأممالمتحدة قد وصلوا إلى اليمن وفقاً لاتفاق سابق بوساطة أمريكية بين السعودية ومصر على أساس أن يكون في الحدود مراقبون من الأممالمتحدة كانوا برئاسة اسبنالي الإيطالي، من مندوبي الدول الأعضاء في الأممالمتحدة بعد هذا التحسن في العلاقات بين السعودية ومصر، وهدوء الوضع العسكري الناتج عن هذا الاتفاق قرر عبدالناصر القيام بزيارة اليمن لأول مرة، وكانت الزيارة الوحيدة له إلى البلاد وكانت الأمور تزداد سوءاً بالنسبة للوضع الجمهوري، فأراد عبدالناصر أن يتفاهم مع السعودية على أساس أن الجمهوريين لم ينجحوا في شيء، بل زادت الأمور سوءاً عندما كنا ما نزال في مصر، فبدا لعبدالناصر أن يعود هؤلاء الذين في مصر إلى اليمن ومنهم نعمان وأذكر أنه ودعنا في المطار عند عودتنا إلى اليمن في أبريل سنة 1964م وقال: شد حيلك يا نعمان، أذهبوا اعملوا من أجل بلدكم، فوصلنا إلى صنعاء وإذا به يلحق بنا بعد أربعة أيام، وقد كانت زيارته الأولى إلى اليمن، وحاول تجميع الجمهوريين بمن فيهم نحن الذين كنا في القاهرة، وكان معنا الجائفي وبعض الذين أبعدوا من أول الثورة، حتى يظهر الجمهوريون مؤتلفين في موقف قوي، وقد شكل حكومة جديدة برئاسة الجائفي على أن يتأسس مجلس الشورى ويكون رئيسه الأستاذ نعمان فتكون مجلس الشورى في مايو ووضع دستور وقرأه عبدالناصر أمام المشايخ الذين دعاهم إلى صنعاء وعقدوا مؤتمراً وقرأ أنور السادات دستوراً لليمن، فأبدى بعض الحاضرين ملاحظة كيف يسن هذا الدستور دون أن ندرسه ودون أن يكون لنا رأي، كنت أنا في ذلك الوقت أقول ربما كان هذا بداية تفاهم حقيقي فقلت لهم: باعتبار أن مجلس الشورى الآن سيقوم وسيعرض الدستور عليه، يمكنه أن يدخل التعديلات إذا ثمة تعديلات وينتهي الأمر. وكان عبدالناصر قد أكمل الزيارة خلال ثلاثة أيام، يوم قضاه في صنعاء، والثاني في تعز وفي الثالث رجع إلى صنعاء وبعد أن أعطانا الدستور وشكلت الحكومة ومجلس الشورى رجع إلى القاهرة. النعمان رئيساً لمجلس الشورى وبقينا نحن لأول مرة في اليمن بعد السنين الطوال التي قضيناها مابين سجن أو تشرد، كانت هذه أول مرة نستقر فيها في اليمن خلال فترة قيام مجلس الشورى ومن وحي وضعنا هذا قال الزبيري رحمه الله: رباه مالي لم أزال في محنة متوالية أما غريباً شارداً أو موثقاً في هاوية وكانت هذه أول لقاءات بين رجال اليمن وقبائل اليمن، وبدأنا نكون مجلس الشورى ونختار أعضاء المجلس، وكنا نريد أن نجعله مجلس شورى حقيقي، فأقمنا مبنى حديثاً في صنعاء لأول مرة يكون لمجلس الشورى مقر جاء مهندسون مصريون تولوا بناء المجلس، واستحدثت مقاعد للأعضاء لأول مرة، ورتبت المنصات وأتخذ الشعار وتم اختيار شعار له علاقة ببلقيس التي حكمت اليمن قبل الإسلام، أي قبل حوالي 3000سنة، وكان الشعار الآية القرآنية الكريمة:( يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون). اتخذنا هذا الشعار في مجلس الشورى لنقول إن اليمنيين ورثة حضارة وورثة ديمقراطية عريقة، وأنه أيام كانت جزيرة العرب في الجهل والعمى والبداوة كانت اليمن هي وحدها المتحضرة في ذلك التاريخ، تبني السدود وتشيد القصور، وتنشئ الحدائق، فازدهرت الطريق بين الشرق والغرب ازدهاراً هائلاً حتى أطلق عليها “العربية السعيدة” وبنى اليمنيون السد الشهير بسد مأرب الذي أنهدم بحكم الأطماع “الإهمال” وتدفقت مياهه ودمر ما أمامه من المدن والقرى، وطمر الآثار ولم تزل الآثار مطمورة كلها تحت الأرض إلى الآن، توجد بعض الآثار أخذت إلى الخارج وجاء بعض البحاثة للبحث والتنقيب، ولكن ليس إلى حد كبير، ولم يتم التنقيب الكامل لأنها حضارة قرون مضت عاشت فيها اليمن مزدهرة بحضارتها، ومن الآثار عرش بلقيس المشهور الذي قال عنهم القرآن على لسان الهدهد:(وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله) أي أن اليمنيين لم يعبدوا الأصنام والأوثان، بل كانوا يعبدون الشمس إله النور، “ولها عرش عظيم” أي العرش الذي كانت بلقيس تجلس عليه وتستعين بقومها، فكنا نثير هذه المعاني في نفوس اليمنيين حينما جاءت فكرة مجلس الشورى. لم يكن المصريون يرضون عن هذا الاتجاه لإحياء الذات اليمنية، وكان اليمنيون يتأثرون بهذه الأحاديث وتنبعث فيهم الحمية، أما المصريون فكانوا يتظاهرون معي بأنهم راضون عن الأسلوب، مع أني لا أنكر أن المصريين لهم الفضل فقد وصلوا وساعدوا على أمل أن نجعل العلاقات بين الشعوب علاقة ود لا علاقة بغض وكراهية، وأنا حقيقة كنت ومازلت أحب مصر لأن لا ذنب عليها. كانت ترشد بالعلم والحكمة والفكر والكتاب، يعني إنها مدرسة روحية للعرب وللعالم الإسلامي، ولكن جاء العهد الذي يصدر القنبلة بدل الكتاب، ويصدر الدمار والصاروخ حتى أنني عندما كنت في السجن في مصر كنت أقول: لم تكن مصر دار حقد وحرب، إنها دار ألفة وسلام.. كنت بفطرتي أحرص كل الحرص على إيجاد نوع من الألفة بينما كان اليمنيون يشمئزون عندما أذكر مصر، وأنصرفت عني الكثير من القبائل لهذا السبب، حتى دمغوني بأنني عميل مصري في الوقت الذي كان المصريون غير راضين عن ذلك الأسلوب الذي يبعث في اليمني ذاته ووجوده، وبقيت أربعة أشهر حرصنا على التوصل إلى اتفاقية تنسيق بيننا وبين المصريين، وكنا نقول يجب أن يوجد نوع من العلاقة الواضحة بين مصر واليمن. .. من كان معك في مجلس الشورى؟ كنت رئيساً للمجلس، والمفروض أن يكون السلال رئيساً للجمهورية والجائفي رئيساً للوزراء، وكان العمري نائباً لرئيس الجمهورية وكان متعاطفاً معي. .. كم كان عدد أعضاء مجلس الشورى؟ المفروض أن يكون مؤلفاً من 150عضواً، ولكننا كنا لانزال نختار الأعضاء وكنا قد بدأنا ننتخب بعض الأعضاء ونكون الأمانة العامة على أساس أنني سأفتتح المجلس في عيد الثورة في سبتمبر، فكان معنا مايو ويوليو ويوليو وأغسطس وسبتمبر، بقيت أربعة أشهر أنجزنا في يوليو اتفاقية تنسيق بين مصر واليمن، وأردت أن يقوم نوع من العلاقات الفكرية والسياسية والاجتماعية، وأن يوجد نوع من العلاقة الحقيقية وأن لا تكون فقط علاقة عسكرية فوقعت اتفاقية التنسيق بيننا وبين مصر في 13يوليه في زيارة للقاهرة، ثم عدنا إلى اليمن وكان مقرراً عقد مؤتمر القمة الثاني في ديسمبر وبقينا نستكمل اختيار أعضاء مجلس الشورى، وكانت أسماء الأعضاء ترد من صنعاء ومن تعز، ومن مختلف المناطق وخلال هذه الفترة قررت أن أوجه دعوة لبرلمانات البلاد العربية وإذا أمكن البلاد الصديقة، لنفتتح أول برلمان في اليمن، أي مجلس الشورى فاعترضوا على هذا وقالوا إنه لا يمكن بأي حال من الأحوال. .. من الذي اعترض؟ الحكومة التي في اليمن، الجائفي ولكن يظهر أن المصريين كانوا من وراء ذلك مجيء وفود من الخارج إلى اليمن، لم يكن المصريون يرغبون في دخول أحد لا في وساطة ولا في مشاركة حتى أننا اقترحنا ذات مرة أنه يجب أن توجد قوات رمزية في اليمن من سائر البلاد العربية لئلا يقال أنكم أنتم المصريين بالذات تريدون احتكار اليمن واستعمارها، وحتى تشعر السعودية أنه ليست مصر وحدها المتشددة، قلنا نجرب ولو رمزياً من العراقوالجزائر وتونس لكنهم كانوا في الواقع لا يريدون أحداً، لأنهم كانوا الحاكمين في اليمن، وكل ما يذرونه من الرماد في عيوننا إنما هو للمغالطة، يقولون جمهوريتكم وبلدكم في حين ليس لنا رأي في بلدنا فلما فكرت بهذا العمل وأردت أن أطلب الوفود رفض هذا وقيل إنه لا يمكن وأننا لا نقبل أحد. استقالة النعمان من مجلس الشورى .. إلى من توجهت بهذا الطلب؟ طلبت من الحكومة أي من السلال رئيس الجمهورية، ومن الجائفي الذي كان رئيس الحكومة، طلبت من الاثنين أن نتفق على توجيه دعوة لأن حضور وفود إلى اليمن للمشاركة في الاجتماع سيكون قوة لليمن، ولكن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء كانوا بيد مصر، من هنا بدأ الخلاف فقلت إذا كان الأمر كذلك وإذا كان مجلس الشورى سيصبح خاضعاً للحكومة ولرئيس الجمهورية، فمعنى ذلك لا قيمة لهذا المجلس، بل يجب أن تكون له السلطة العليا على الكل، فقدمت الاستقالة، استقلت من مجلس الشورى وقد فرحوا بعد الاستقالة وتمت في سبتمبر اللقاءات بين السعودية ومصر للتوصل إلى اتفاقية الإسكندرية لحل مشكلة اليمن، وكنت عضواً في وفد اليمن مع السلال لأنني كنت ما أزال رئيساً لمجلس الشورى في هذه الفترة، ولم أعد سفيراً في الجامعة العربية، وكان المصريون والسعوديون يتفاوضون لحل مشكلة اليمن دون أن نشعر ماذا يعملون ودون أن يأخذوا منا رأياً. كان السلال يقول لي أسئل المشير عامر ماذا يعملون هم والسعوديون، قلت له: لا أستطيع أن اسأله، سأكون فضولي هم ملغين وجودنا نحن لسنا طرفاً في القضية. البلد بلدهم، يتفاوضون كما يشاءون، انتهى مؤتمر القمة وكان فيصل بن عبدالعزيز آل سعود رئيساً للجلسة في هذا المؤتمر، وقد تحسنت العلاقات ووقعوا اتفاقية الإسكندرية، واعترفوا بوجود أطراف معنية في اليمن، فكانت هذه مفاجأة لليمنيين. ويقضي الأمر حين تغيب تيم ولا يستشهدون وهم شهود يعني يستقوي علينا ونحن شهود ولا نسأل! حصل عندي رد فعل، وجاء أيضاً مقترناً برفضهم للدعوة التي دعوناهم من أجل افتتاح مجلس الشورى، فقررت الاستقالة، استقلت في تلك الفترة.