تعترف بمناعة الجسد ضد الحياة ومصله المسموم، عراك؟ ربما هما يتنازعانها بفروض كثيرة، مرات عديدة في ساعات متواصلة والأشيبان يتعاركان، ما زالا يبحثان عن طريقة مناسبة أو لا مناسبة لعودة الحياة فيهما. لم تكن تدرك أنها الألم، بزحفه الذي ينطلق بدروبٍ شتى ومعنى واحد. تغتسل، تتطهر يتغير لون جلدها ولكنها تستمتع بلذة أن تصلي بطهارتها التي لا تشبه قليلاً طهارة بكارتها، لكن الماء الساخن يساعد على تخفيف الغزو الحيواني المتكرر. الذي لا تتحمله سنينها الصغيرة. اختبأ نصف البدر وراء غطاء غيم ثقيل ينبئ عن هطول وباء خاص بها يكف به البصر وتشترى بأعواد “القات” قداسة طفولتها التي لم تنمُ ضفائرها بعد. طرقت على الباب ودخلت. السلام عليكم، هاك القهوة أبي. التفتت عينان جاحظتان تقف فوق وجهها وتتأمل مفاصلها الدقيقة. استأذنت والدها ولكنه أشار إلى تلك العينين وقال: إنه خطيبكِ. تجمد الهواء، الجسد لا يعترف بالسقوط، لا تهوي لا تدور، لا شيء، جملة من دخان حل مكان أعضائها. غادرت الغرفة تفكر بستين عاماً ستنغرس في أيامها القادمة لا تعرف عن الزواج سوى العرس وزفير منقطع لم تنضج صورته بعد في خيالها. تراقب تجمد طينها ولا تكترث لقساوة الانفعالات التي تحيطها من لا تعرف عنها شيئاً، تمنت أن تحلق دائماً وها قد تحققت أمنيتها، حلقت إلى أبعد تراب تمتلكه الأرض بعد نضج صورة مغلوطة للزفير الموجود في خيالها. ثلاثة عشر عاماً وستون عاماً ومزرعة قات وأموال لأخوتها، كل ذلك يجول في خاطرها وهي تحلق إلى الأسفل، ويدان تضاربانها تدعكانها ولا تعرف ما الذي يجري غير أنها تتعذب والحيوان تتقطع أعصابه فيسعى إلى تمزيقها بما سمعت من أصحابها وبما لم تسمع، وجهها إلى الأرض، وجهها إلى السماء الحيوان لا يكتفي. هو الجسد أخيراً يعترف بالسقوط، ها هي تحلق، تراقبها وتتحسر على مغالطاته وهو لا يشعر أن السماء والأرض ومزرعة القات وحق أخوتها من المال قد أصبحت ضمن خسارته المادية العادية وستأتي من تحل مكانها وترتفع لجوارها.