تجمّعت الأسرة لتناول طعام الإفطار، اتجه الأب إلى مقر عمله وتفرقت الأسرة الأطفال إلى مدارسهم. وبقيت الأم مع ابنها البالغ من العمر خمس سنوات أعطته يلهو ببعض الألعاب.. قامت الأم بترتيب المنزل وتركت طفلها يلعب بتلك الألعاب التي أحظرتها له. حيث اتصل الأب بزوجته اذا كان هناك نقص للغداء سيتم إرساله، حيث إن هناك صديق له سيكون معه في وجبة الغداء أقفل التلفون واطمأن على حالة المنزل راح يجهز مابيده. استدعى سائقه ودسّ له بورقة، وانهمك في عمله.. استدعى السكرتارية وسلمها المادة الخاصة به لإرسالها إلى سكرتير التحرير. المادة عبارة عن موضوع عن إهمال أصحاب الأفران للنظافة، حيث يشاهد بين الحين والآخر بعض الدبابيس وقطع الحديد والأخشاب في أقراص الروتي.. تنبه لذلك وراح يكتب مادته عن ذلك الإهمال من قبل التموين والرقابة على الأفران، حيث لامه كثير من الزملاء لعدم الكتابة لهذا الموضوع، ظل يعصر أفكاره للكتابة عن هذا الموضوع الذي لايبرح عن خاطره.. قام وكتب التقرير اليومي، واستدعى إلى الاجتماع اليومي لمناقشة الخطة اليومية. رنّ جرس تلفون المنزل، قال لزوجته الطلبات تم إرسالها مع السائق، قالت له: أريدك الإسراع إلى المنزل فلقد حصل أمر طارئ، كان منزعجا لان العمل اليومي الذي بيده لم يكمله.. قفز إلى الخارج يبحث عن سيارة لإيصاله إلى المنزل.. في الطريق خواطره وأفكاره تعطيه إشارة أن هناك حدث ماء.. دار شريط سريع قلّب به أشياء لم تكن في خاطره.. وصل منهك البال مشتت الفكر.. كانت الزوجة تبكي حالها.. قال ما الأمر؟ قالت دبوس في حلق ابنك.. دبوس؟؟ شريط سينمائي استعرض به ذلك المقال الذي كتبه عن عدم الرقابة التموينية على الأفران.. قام فوراً بإسعاف ولده دون ان يسأل من أين جاء الدبوس هل من....؟ هو يعرف أن أصحاب الأفران لا هم لهم سوى الكسب.. نزل سلالم المنزل مسرعا يبحث عن اقرب مستشفى.. ظل بينه وبين نفسه يلعن أولئك الذين لا هم لهم إلا الكسب السريع، الذين يغشون لقمة المواطن. هو ولده الوحيد من الذكور لقد انتظره كثيرا. الأم ظلت صامتة طول الفترة لا تعرف كيف تبرر موقفها الذي لم يظهر لزوجها.. تذكر ضيفه الذي وعده للغداء هو لا يعرف أين هو ولم يتصل به للاعتذار. في المستشفى أكد له الطبيب بعد الفحص والتحري وعمل أشعة أن الموضوع يحتاج الى عملية جراحية سريعة ليست هنا ولكن في العاصمة.. وأن هذه العملية ستكلفه كثيرا. نظر الأب إلى الأم وكأنه يقول أنت السبب أم أصحاب الأفران.. قال في نفسه: ليس الآن وقت العتاب. الوقت يمر بسرعة جنونية وهما يتنقلان بين مستشفى وعيادة.. بدأت الشمس بالرحيل وهما في حالة سيئة وطفلهما لم يذق شيئاً وهما كذلك.. الزمن ينحصر وهما بين المد والجزر.. الطفل يبكي بين أيديهما.. أخيرا قررا الذهاب الى العاصمة. في مكتب النقل الجماعي أخذ تذكرتي سفر برحلة الثانية عشرة ليلا، اقترب الموعد لركوب الحافلة ظل الطفل يبكي وهما يدعوان الله بالفرج.. الطفل يبكي لاينفك عن الصياح.. لا يستطعان عمل شيء.. حاولت الأم إعطاءه أي شيء لكن كان الطفل عنيدا وضعت طفلها بين يديها قبل ان تتحرك الحافلة من شدة الألم حاولت الأم إعطاء الطفل شيئاً من الأطعمة بالقوة.. تقيأ الطفل إلى يد الأم، تحسست الأم يدها ليكون الدبوس في يد الأم، نهضت الأم مسرعة تنفض عن نفسها ذلك الوجع والتعب ليقوم الأب بإيقاف الحافلة قبل التحرك بثوانٍ ليعودا إلى المنزل يحملان الطفل والدبوس لتحكي لزوجها ماجرى لها.. لينفضوا عن كاهلهم ذلك اليوم المر.