تمثل الاستراتيجية الوطنية لإدارة المصائد إحدى الركائز الرئيسية والهامة للارتقاء بالنشاط السمكي في اليمن وتفعيل دوره في الاقتصاد الوطني كأحد أهم القطاعات الإنتاجية..وفيما تعمل وزارة الثروة السمكية على إعداد تلك الاستراتيجية أكد خبراء دوليون ضرورة الإسراع في إنجازها إلى جانب تنفيذ مشروع إعادة هيكلة القطاع السمكي لما لذلك من أثر إيجابي في رفع مساهمة القطاع السمكي في الناتج المحلي. وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» إستطلعت آراء عدد من الخبراء الدوليين ومسئولي الجهات ذات العلاقة حول أهمية إعداد الاستراتيجية الوطنية لإدارة المصائد السمكية وإعادة الهيكلة القطاع السمكي . الخبير في اعداد الاستراتيجيات بالمفوضية الأوروبية ماورو جيو قال: إن إعادة هيكلة القطاع السمكي وإيجاد استراتيجية وطنية لإدارة مصائد الأسماك في اليمن بات ضرورة ملحة في ظل المستوى المتدني في إدارة الأنشطة السمكية والضعف القائم بين علاقات القطاع السمكي مع شركاء التنمية. وأشار إلى أن إيجاد الاستراتيجية بما فيها إعادة هيكلة القطاع السمكي سيسهمان في إيجاد آليات حديثة لتشغيل المنشآت السمكية القائمة ورسم خطط مدروسة لاستكمال البنية التحتية السمكية من خلال استغلال دعم المانحين في تنفيذ مشاريع ذات جدوى اقتصادية في خدمة القطاع. وأكد ماورو جيو أن استمرار الدعم المقدم من المانحين لقطاع الأسماك في اليمن مرتبط بإيجاد استراتيجية سمكية حديثة لإدارة القطاع السمكي وكذا إعادة هيكلة القطاع السمكي باعتبارهما العنصر الرئيسي لاستفادة القطاع من المنح والقروض الدولية وتسخيرها لزيادة مساهمته في الاقتصاد الوطني. ورأى الخبير الاوروبي أن تدني مساهمة القطاع السمكي في الاقتصاد الوطني ناتج عن غياب الإدارة الحقيقية للمصائد السمكية وهو ما يؤدي الى تراجع كبير في قيمة المنتجات السمكية وإلحاق أضرار كبيرة بالمخازين السمكية. ودعا ماورو القائمين على قطاع الاسماك في اليمن الى الاستفادة من التجارب الدولية في تفعيل دور قطاع الأسماك في دعم الاقتصاد الوطني. وفيما يخص توجهات الاتحاد الاوروبي لدعم القطاع السمكي في اليمن أشار مورو الى أن الاتحاد خصص أكثر من 10 ملايين يورو لدعم الاستراتيجية الوطنية لتنمية القطاع السمكي في سبيل ايجاد ادارة حديثة للمصائد السمكية في اليمن تستوعب انشطة القطاع السمكي مع التركيز على الادارة المستدامة وتقييم المخزون السمكي اضافة الى رفع مستوى معيشة الصيادين. وأكد أن هذا الدعم لن يؤتي ثماره إلا في ظل اعادة الهيكلة لوزارة الثروة السمكية الجهات التابعة لها... لافتاً إلى أن القطاع السمكي بفروعه المختلفة كالصيد والتسويق والصناعة والخدمات المساعدة في مختلف دول العالم يمثل أحد الأنشطة الاقتصادية الهامة التي تحاول الدول والتكتلات الاقتصادية تعظيم الاستفادة منها وإيجاد برامج لتطويرها كأولويات أساسية في خططها الاقتصادية ومبادلاتها التجارية مع الأسواق الأخرى على المستويين الإقليمي والدولي. من جهته قال مسؤول التنمية الريفية والمياه والبيئة بالبنك الدولي ناجي أبوحاتم: لقد تعاظمت أهمية القطاع السمكي في اليمن كغيرها من دول الوطن العربي مع تفاقم أزمة الغذاء حيث يمثل توفير الغذاء أخطر التحديات التي تواجه هذه البلدان وهو ما يؤكد على ضرورة إيجاد استراتيجيات وآليات مدروسة للاستفادة من قطاع الأسماك باعتباره أحد أهم القطاعات الانتاجية الواعدة والحيوية التي يعول عليها في رفد الاقتصاد بموارد مالية جديدة. وأضاف أن الثروة السمكية في اليمن هي ثروة متجددة وغير ناضبة تحتاج إلى الحماية والتنمية والاستغلال الأمثل عبر سلسلة من الإجراءات التي من أهمها المضي في اعادة هيكلة القطاع السمكي و استكمال التشريعات وتسخير الدعم المالي والفني وإيجاد استراتيجية حقيقية لبناء وتطوير القطاع وفق أسس علمية وعملية تضمن له تطورا واسعا ومتوازنا في كافة المجالات وتسخيره للاسهام في حاضر ومستقبل اليمن. وقال “ إن وضعية الموارد السمكية في اليمن ظلت غير معروفة خلال الفترة الماضية بسبب غياب البحوث العلمية والإحصائيات وخاصة المتعلقة بالمخزون السمكي الذي يواجه الإفراط في الاستغلال غير المرشد للأسماك والأحياء البحرية”. وأكد أبوحاتم أن الإطار الحالي للسياسات القطاعية والمؤسسية والتشريعية في القطاع السمكي اليمني غير قادر على تحقيق الاستغلال الأمثل والمستدام للموارد السمكية فضلا عن أن تداول وتسويق بعض المنتجات السمكية لا يزال دون المستوى المطلوب من حيث الجودة والنظافة. وشدد مسؤول التنمية الريفية والمياه والبيئة بالبنك الدولي على ضرورة التقييم المستمر للمخزون السمكي بما يضمن استغلال الموارد الاستغلال الأمثل. بدوره أكد استشاري شركة بروس شالارد النيوزلندية المكلفة بتنفيذ مشروع اعادة هيكلة القطاع السمكي في اليمن يحيى الوادعي أهمية إعادة هيكلة القطاع السمكي اليمني لما سيوفره من حلول مناسبة لكافة الاشكاليات التي يعاني منها هذا القطاع في الوقت الراهن. وأضاف إن إعادة الهيكلة سيعمل على تفعيل الدور الاشرافي لوزارة الثروة السمكية وإيجاد هيئات سمكية في المواقع الاستراتيجية على امتداد الشريط الساحلي للتعامل مع الثروة السمكية التي تعد بموجب الدستور ثروة سيادية تختص الحكومة بإدارتها وتنظيم مواردها واستغلالها وأن تلك الهيئات ستكون خاضعة لاشراف مركزي من قبل الوزارة بحكم صفتها القانونية وستقوم الهيئات بتوظيف مواردها وطاقتها البشرية والمادية من اجل تجسيد الاهداف الاستراتيجية التي تضعها الوزارة. وأشار الوادعي إلى أن مشروع اعادة الهيكلة يعد تشكيلة غير مألوفة في الواقع اليمني وبالتالي لابد أن يواجه المشروع بعض الصعوبات التي ستختفي عندما يلمس الجميع فوائد التنظيم الجديد على الواقع العملي. وتطرق إلى واقع القطاع السمكي في اليمن قائلاً : إن البنية التحتية والخدمات الأساسية في مراكز الإنزال السمكي ما تزال تعاني من قصور شديد باستثناء المشاريع التي تنفذها وزارة الثروة السمكية حاليا عبر مشروع الأشغال العامة وكذا المشاريع الممولة من المانحين. وأضاف .. كما أن الجمعيات التعاونية السمكية تعاني هي الأخرى من عدم قدرتها على استيعاب المهام والأنشطة التي أنشئت من اجلها في تقديم الخدمات للصيادين في مختلف مراكز الإنزال السمكي وساحات الحراج ..مؤكدا على ضرورة مساعدتها وتدريبها وتأهيلها في هذه الجوانب ضمن الخطط المستقبلية.. وشدد على ضرورة تمكين أجهزة البحث البحث العلمي (تقنيا وبشريا) من أداء دورها في إيجاد نتائج علمية تنطلق منها جميع الأنشطة المعتملة في القطاع السمكي إضافة الى تجهيز إدارة الرقابة والتفتيش البحري بالوسائل التقنية الحديثة بما يمكنها من أداء مهامها في حماية الثروة السمكية من العبث والتدمير والنهب. وفيما أرجع الخبراء الاسباب الرئيسية لتدني مساهمة القطاع السمكي في الناتج المحلي لليمن من عام لآخر الى غياب استراتيجية وطنية لإدارة المصائد السمكية و ضعف فعالية الأبحاث العلمية في إدارة المصائد وعدم وجود قاعدة ابحاث للمخزون السمكي فقد أوضح وكيل وزارة الثروة السمكية لقطاع التخطيط والمشروعات السمكية عبدالهادي الخضر أن من أولويات الوزارة خلال الفترة الراهنة إيجاد استراتيجية حقيقية للقطاع السمكي تستوعب كافة المفردات التي من شأنها استغلال الموارد السمكية التي لم تستغل من قبل. وقال: «إن زيادة مساهمة القطاع في الاقتصادي الوطني لن يتأتى إلا من خلال تشجيع دخول استثمارات جديدة خاصة وأن القطاع السمكي يزخر بالكثير من الفرص الاستثمارية المجدية وعلى وجه الخصوص في جوانب الصناعات السمكية والاستزراع السمكي والكثير من المجالات التي تحقق القيمة المضافة على المنتجات السمكية». وأكد الخضر أن الوزارة ماضية في تحسين وتطوير البنية التحتية بشكل يستجيب للتحديات التي تواجه القطاع السمكي بما في ذلك إحداث استثمارات متوازية مع الإنتاج في مختلف النشاط الاقتصادي السمكي مثل صناعة القوارب المحسنة والثلاجات والمجمدات ومصانع الثلج وصيانة المحركات وأدوات الاصطياد.. وتطرق وكيل وزارة الثروة السمكية الى ما تضمنته الشروط المرجعية لإعداد الاستراتيجية الوطنية للقطاع السمكي من أولويات تشمل الى جانب استكمال البنية التحتية تدريب وتأهيل الكوادر المختلفة في القطاع وتحديث التشريعات الداعمة للتنمية المستدامة للصيد البحري. وأضاف أن الاستراتيجية السمكية تهدف بدرجة رئيسية الى حماية الثروة السمكية ومخزوناتها وتحسن الحياة المعيشية للصيادين من خلال حزمة من المشاريع سواء المتعلقة بالصيد البحري والتسويق أو المشاريع الخدمية الأخرى في تجمعات الصيادين في المحافظات الساحلية. وفيما يخص إعادة هيكلة وزارة الثروة السمكية قال الوكيل الخضر ان الوزارة تسعى لتنفيذ الهيكلة وفق الأسس العلمية والمعايير التي فرضتها توجهات الدولة نحو الاصلاحات الاقتصادية والادارية الشاملة بما من شأنه معالجة الاختلالات الهيكلية والمؤسسية التي يعاني منها القطاع في الجوانب الانتاجية والتسويقية والادارية والاستثمارية والمعلوماتية.