إن إحياء اللغة أو مواتها يخضع لنظرية العرض والطلب لأي لغة حضارة طاغية. ففي العصور الوسطي كانت الحضارة العربية تسود العالم وكانت اللغة العربية لغة العلوم والمعارف الإنسانية. لهذا كانت هذه اللغة سائدة بين المجتمعات الراقية في إيطاليا وفرنسا، لأنها كانت لغة حضارة متميزة إبان مطلع عصر النهضة. وكانت العلوم في كبريات جامعات أوروبا تدرس بالعربية. وعندما أفل نجم العلوم العربية، وصار بمقدور أوروبا أن تتطور، تحررت من أصفاد اللغة العربية، وصارت العلوم فيها تدرس في جامعاتها باللاتينية. وشيئاً فشيئاً ومع ازدياد تطور بعض البلدان الأوروبية ظهرت لها لغاتها القومية كبديل حضاري للاتينية، كالإنجليزية والفرنسية والألمانية. وباتت اللغة اللاتينية من اللغات الميتة، حتى رغم تمسك الكنيسة الغربية بها. وحالياً تواجه السوق الأوروبية المشتركة اندثار لغات بعض دولها أمام التوجه العارم الذي صار لا تناسبه التعددية اللغوية بعدما أصبحت الإنجليزية لغة المال والأعمال والمعلوماتية. لكن المتحدثين بالإنجليزية، رغم انتشارهم في أمريكا الشمالية وأستراليا وعدد من الدول الأخرى التابعة للتاج البريطاني.. رغم كل ذلك، فإن أعدادهم أقل من المتحدثين باللغة الصينية بكثير، كما سنرى في الترتيب التالي لأكبر عشر لغات حية في العالم: فاللغة الصينية (Mandarin) يتكلمها 1,213,000,000 شخص، والاسبانية يتكلمها 329,000,000 شخص، وأما الإنجليزية (وهي التي قد يخالها المرء أنها الطاغية) فيتحدث بها 328,000,000 (أقل بمليون واحد عن الاسبانية، بحسب infoplease عن : Ethnologue, 16th Edition)، والعربية يتحدث بها 221,000,000 شخص، والهندية (Hindi) يتكلمها 182,000,000، والبنغالية 181,000,000، ثم تأتي البرتغالية، فالروسية، واليابانية، وأخيراً الألمانية. نبدأ اعتباراً من يوم غد الحديث في باب جديد عن محاولات تبذل لحماية اللغات المهددة بالإنقراض، و إحياء المنقرضة فعلاً. (المراجع: وكيبيديا، infoplease) [email protected]