أسفرت أعمال المسح الأثري على جانبي الطريق في إطار البلوك واحد واثنين بمحافظة شبوة نتائج مثمرة لعصور مختلفة كالعصرين الحجريين القديم والحديث والعصر البرونزي وعصر ما قبل الإسلام بالإضافة إلى العصر الإسلامي وقد تم خلال شهر واحد من العام المنصرم 2009م اكتشاف أربعة وخمسين موقعاً أثرياً ومائتين وستة وسبعين معلماً... صحيفة الجمهورية التقت الأخ خيران محسن الزبيدي مدير عام الهيئة العامة للمتاحف والآثار بشبوة الذي أطلعنا على كل النتائج. إحساس بالأهمية هناك إحساس من بعض الشركات بأهمية المواقع الأثرية الموجودة في نطاق البلوكات المحددة لها فقد لجأت إلى فرع الهيئة العامة للآثار والمتاحف عدد من الشركات النفطية والآن تواصلت معنا مشكورة شركة omv لتقوم بمسح الطريق المراد توسعته وإصلاحه من قبل الشركة، والذي يمتد من عتق إلى ظاهرة باحقينة في إطار البلوك واحد، ومن قارة عمبج إلى موقع الحفار في الشواحط في البلوك اثنين، حيث بلغت المسافة المطلوب مسحها ستة وتسعين كيلو متراً وبعرض مائة متر على جانبي الطريق، وقد تم إعداد برنامج للشركة فوافقت عليه مشكورة، وقام بتنفيذ أعمال المسح الأثري فريق متخصص من ذوي الخبرة والكفاءة يتكون من أحد عشر عضواً، وتم تسجيل أربع وخمسين موقعاً أثرياً ضمت 276معلماً، و أربع وعشرين موقعاً من قارة عمبج إلى موقع الحفار والواقعة ضمن إطار البلوك اثنين عبر سبعٌة وثلاثون كيلو متر طولاً وقد تم تسجيل تسعة وستون معلماً فيها، وهناك عدد من المواقع قد تم تسجيلها من قبل بتمويل من شركة VLNG تقع في بداية هذا الطريق، كما تم تسجيل ثلاثين موقعاً من قرية باكبيرة بعتق إلى منطقة الظاهرة والواقعة ضمن إطار البلوك واحد عبر ستة وخمسين كيلو متر طولاً وسجلت فيها مائتا وثمانية من المعالم الأثرية، مع العلم أن العمل الميداني قد تم خلال شهر كامل من العام المنصرم 2009م. مسوحات وآثار جديدة ويضيف الأخ/ خيران في سياق حديثه بالقول: لقد تم مسح المساحة المطلوبة دون التقيد بالمسافة (مائة متر على جانبي الطريق ) بل وصل المسح إلى أماكن تبعد أكثر من أربعمائة متر عن الطريق، وذلك لأن الحس الأثري عند أعضاء الفريق لا يمكن أن يترك معلماً أثرياً يرى بالعين وعلى مسافة قريبة بل يقوم بتوثيقه ولو على حساب فترة عمله المحددة أو وقت راحته وبالفعل تم توثيق كل المعالم والمواقع الأثرية، وتأتي المواقع الممسوحة في هذا العمل بنتائج إضافية إلى ما تم جمعه من دلائل أثرية ومعطيات تاريخية في التاريخ القديم لليمن بشكل عام وبشكل خاص المحافظات التي شملتها المسوحات الجديدة تتصل في اكتشاف المواقع التي تعود إلى فترة العصور الحجرية وخاصة العصر الحجري القديم من خلال ورش صناعة الأدوات الحجرية المنتشرة بكثرة في هذه المنطقة التي تتوفر فيها أحجار الصوان نظراً للتكوين الجيولوجي الرسوبي المكون لهذه المنطقة، حيث تم العثور فيها على عدد من الأدوات التي تم استخدامها في تلك الفترة وهي في غالبيتها عموماً تعود للثقافة الليفولوازية التي سادت في فترة العصر الحجري القديم، وقد كانت البيئة ملائمة للاستيطان في هذه المناطق في تلك الفترات لوجود الكهوف الطبيعية التي وفرت مستقراً للإنسان، ووجود بيئة حيوانية ونباتية غنية اعتمد عليها في تدبير معيشته اليومية ونلاحظ استمرار الاستيطان في المنطقة في العصر البرونزي حيث تم العثور على مساكن بدائية دائرية التخطيط تتكون من غرفة منفصلة ومتجاورة، إضافة إلى وجود المقابر التي كانت سائدة في هذا العصر وهي مجموعة القبور ذات التخطيط الدائري المرتفع عن سطح الأرض والمصحوبة عادة بذيول حجرية طويلة، وقد كانت هذه المقابر حسب التفسيرات التي تفسر انتشارها واتجاهات توزيعها ومدلولات الذيول المصاحبة لتدل على وجود نشاط بشري في المنطقة. نباتات نادرة ويستطرد الزبيدي في سياق حديثه الاستكشافي التاريخي بالقول: بما أن البضائع القديمة التي تم المتاجرة بها كانت من المواد النباتية والمعادن فقد استدل الفريق على وجود نباتات نادرة في المنطقة مثل شجرة اللبان إضافة إلى انتشار أشجار القفل التي يستخرج منها المر، إضافة إلى انتشار أشجار القرض بكثافة، وهي التي تستخدم ثمارها ولحاها في دباغة الجلود، وهذا النشاط الذي استقر إلى الفترات المزدهرة للعصور التاريخية والتي ذاعت فيه شهرة اليمن في أرجاء المعمورة بانتشار اللبان وتناقل شهرتها كُتاب اليونان والرومان وسموها بالعربية السعيدة، وبما أن المنطقة التي تم مسحها تقع في نطاق المملكة الحضرمية التي نشأت في القرن الأول قبل الميلاد فقد كانت بمثابة مصدر طبيعي لمد العاصمة شبوة بالبضائع التي اعتمد عليها في رفد الاقتصاد القديم، ولذلك فقد ظلت هذه المنطقة يمارس فيها نشاط جمع اللبان والمر والقرض وغيرها من النباتات الأخرى، إضافة إلى تربية النحل كما تم الكشف عن كتابات بخط المسند مصاحب أحياناً لرسوم في كهوف بعيدة عن سطح الأرض ويصعب الوصول إليها اتضح أنها مناحل استخدمت في العصور التاريخية. مواقع مختلفة ويضيف مدير الهيئة العامة للآثار والمتاحف بالقول: لقد تم ذكر حضرموت المملكة والمناطق التابعة لها وعاصمتها شبوة في المصادر الكلاسيكية، فذكراراتوسثينين شبوة كعاصمة لحضرموت في القرن الثالث قبل الميلاد في كتابه الجغرافيا- الكتاب السادس عشر، كما ذكرها بليني وآخرون وما يهمنا هنا هو أنواع المواقع الأثرية المكتشفة، ويأتي هذا المسح لتتبع المواقع على جانبي الطريق الحالي، ولم يكن شاملاً لماعداه، لذلك فقد كانت المواقع المسجلة في غالبيتها تعود لمرحلة العصر البرونزي، وبرغم وجود المراحل الزمنية السابقة والتالية حتى العصر الإسلامي إلا أنها بنسبة ضئيلة جداً وربما توجد في المواقع البعيدة عن خط الطريق، وقد أسفرت أعمال المسح عن العثور على أربعة وخمسين موقعاً أثرياً تعود إلى عدة مراحل تاريخية ففي العصرين الحجري القديم والحديث توجد مواقع صناعة الأدوات الحجرية تتناثر فيها أدوات وشظايا من حجر الصوان بأشكال ومقاسات مختلفة على السطح بالإضافة إلى مستوطنات سكنية بدائية تعود للعصر الحجري الحديث، العصر البرونزي وتم العثور على مستوطنات ومبان قبورية وجنائزية بأشكال مختلفة، وعصر ما قبل الإسلام المكون من منشآت مائية وقنوات ري ومقابر وكذا العصر الإسلامي الذي يحتوي على مقابر وختاماً فإن هدفنا من هذا المسح وكل المسوحات التي قمنا وسنقوم بها ليس سوى حصر المواقع الأثرية المؤكدة التي تتبع المنطقة الجغرافية للطريق الواقعة في إطار البلوكين واحد واثنين، وعمل خارطة أثرية تحدد تلك المواقع وأهميتها بالإضافة إلى وضع طرق للحفاظ على المواقع الأثرية أثناء تنفيذ الشركة لعملها نتمنى من الجميع الحفاظ على آثارنا التليدة.