الانتقالي بين ضغوط الخارج وابتزاز الداخل والخدمات ميدان المعركة القادمة    قوة جديدة تتسلم محافظة المهرة    السعودية تهزم جزر القمر بثلاثية وتتأهل لربع نهائي كأس العرب    قرعة كأس العالم 2026: الافتتاح بين المكسيك وجنوب أفريقيا،    د.عبدالله العليمي يصل قطر للمشاركة في منتدى الدوحة    الوفد السعودي يجدد رفض ما حدث في حضرموت ويشدد على ضرورة مغادرة القوات الوافدة    إقبال قياسي على تذاكر مونديال 2026 وأسعار تصل إلى 6,000 دولار    حفر بئر وسط مدينة تعز يثير حالة من الاستغراب وناشطون يطالبون مؤسسة المياه بالشفافية    السعودية تتجه لاقتراض قياسي في 2026    وقفات في ريمة تُعلن النفير العام والاستعداد لمواجهة العدو وأدواته    تريند: الاخوان ضحية مؤامرة دولية    انخفاض اسعار السكر ومشتقات الحليب والزيوت للشهر الثالث    البيض يقدم مبادرة بشأن حضرموت لتجاوز الصراع الأخير الذي شهدته المحافظة    قوات درع الوطن العليمية تستولي على مطار الغيضة ومنفذ شحن    لأول مرة في التاريخ: احتياطي الذهب الروسي يتجاوز 300 مليار دولار    وماذا عن الاحتلال الاستيطاني اليمني؟    المهرة تشهد فعالية جماهيرية حاشدة في الذكرى ال58 للاستقلال الوطني والانتصارات الجنوبية    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة المناضل الأكتوبري العميد عبدالله علي الغزالي    بين الغياب والحنين.. قراءة في ديوان (قبل أن يستيقظ البحر) للشاعر حسين السياب    الأرصاد: صقيع على أجزاء من المرتفعات والحرارة الصغرى تلامس الصفر المئوي    صحفي يكشف عدد ضحايا قوات حماية حضرموت ويتحدث عن مصير بن حبريش    قوارب تهاجم سفينة قبالة سواحل اليمن    "رسالة واضحة": المقاومة تعتبر مقتل العميل أبوشباب تحذيراً قاطعاً للمتعاملين مع الاحتلال    انطلاق البطولة التنشيطية المفتوحة للأندية للملاكمة    الأمن في حضرموت: بن حبريش متمرد ومطلوب للعدالة بأوامر قضائية    عشرات القتلى بينهم أطفال في هجوم الدعم السريع على جنوب كردفان    القبض على 7 متهمين بالاعتداء على طفل في دمت ( الأسماء)    الاتحاد العربي لكرة القدم يختار الجمهور الأفضل في الجولة الأولى لكأس العرب 2025    الهجرة الدولية تسجل نزوح 50 أسرة يمنية خلال الأسبوع الفائت    فقيد الوطن و الساحه الفنية الشاعر سالم زين عدس    الصحفي والأديب والقاص المتألق عزالدين العامري    شركة بترومسيلة تصدر بيانًا بعد ساعات من مواجهات عسكرية في محيطها    ( ظل السقوط )    حضرموت وشبوة.. قلب الجنوب القديم الذي هزم ممالك اليمن عبر العصور    الرئيس المشاط يعزّي مستشار المجلس السياسي محمد أنعم في وفاة والده    المنتخب اليمني يفتتح بطولة كأس الخليج بفوز مثير    تدشين حصاد القمح المحسن في جحانة بمحافظة صنعاء    الكثيري يتفقد جرحى القوات المسلحة الجنوبية في مستشفى سيئون العام    وزير الصناعة يتفقد أسواق مأرب ويشدد على ضبط الأسعار    منتخبنا الوطني يستهل مشواره في بطولة كأس الخليج بالفوز على العراق    دعوة للتركيز على المستقبل    مشروع جديد لصون المعالم الدينية والتاريخية في البيضاء    صنعاء.. شركة الغاز تمهل مالكي المحطات لتحويلها إلى محطات نموذجية    هيئة الآثار تنشر أبحاثاً جديدة حول نقوش المسند وتاريخ اليمن القديم    تراجع الذهب مع توخّي المستثمرين الحذر قبل اجتماع «الفيدرالي»    ريال مدريد يعود لسكة الانتصارات ويواصل مطاردة برشلونة    مدير فرع الأحوال المدنية بذمار: نحرص على تقديم النموذج الأرقى في خدمة المواطنين    اختتام الدورة التدريبية الخاصة بأمناء المخازن وموزعي الادوية في الشركات    دراسة حديثة تكشف دور الشتاء في مضاعفة خطر النوبات القلبية    تأخير الهاتف الذكي يقلل المخاطر الصحية لدى المراهقين    قرار حكومي بمنع اصطياد وتسويق السلاحف البحرية لحمايتها من الانقراض    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    الهيئة النسائية في تعز تدشن فعاليات إحياء ذكرى ميلاد الزهراء    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يوقف عبث الاحتكام إلى شريعة الغاب؟
نشر في الجمهورية يوم 16 - 10 - 2010

ثارات قبلية تأكل الأخضر واليابس وتخلّف أرامل وأيتاماً وأسراً مشرّدة وأبرياء مضرّجين بدمائهم في قضايا لا يعلمون عنها شيئاً
إن ظاهرة الثأر من الظواهر السلبية التي تنخر عظام النسيج الاجتماعي في العديد من المناطق اليمنية وتتهدد في نفس الوقت الأمن والاستقرار وتعيق التنمية .. والظاهرة كما هو معروف ليست وليدة اليوم أو الأمس القريب لكن أغلب قضاياها تمتد عبر سلسلة متواصلة تراكمت عبر عشرات السنين الماضية .. وذمار من المحافظات التي تعاني بامتياز من الثارات القبلية التي أكلت الأخضر واليابس وحصدت معها مئات من الضحايا, وتعود خلفيات الثارات القبلية ودواعيها إلى فترات متباعدة وأخرى حديثة العهد توالدت بفعل الضغائن والأحقاد وحب التملك وفرض الإرادات على الآخر, ومنها ما تشتعل لأتفه الأسباب ولا يدرك أصحابها حجم الجرم الذي ارتكبوه إلا بعد فوات الأوان وبعد أن يقع الفأس في الرأس, وخلال الأشهر القليلة الماضية تحولت مدينة ذمار عاصمة المحافظة إلى مسرح لعمليات الثأر والثأر الآخر إن صح التعبير, وكانت معظمها في الأماكن المزدحمة بالسكان والمارة مثل الأسواق والشوارع الرئيسية والفرعية وللأسف فهي تتوسع يوماً بعد آخر.
وما يحز في النفس أكثر أن هناك من الأبرياء سقطوا مضرجين بدمائهم في قضايا لا يعلمون عنها شيئاً وكل ذنبهم أن مرورهم لقضاء بعض حاجياتهم صادف عملية إطلاق النار لفتوّات جاهلية في هذا المكان أو ذاك فاخترقت إحدى الرصاصات الطائشة جسده وتركته جثة هامدة, صحيح أن هناك محاولات مختلفة لإخراج من أنهكتهم هذه الثارات من عنق الزجاجة حتى يسود السلام والوئام وطي صفحة الماضي ومن أبرز تلك المحاولات إنشاء اللجنة الوطنية العليا لحل قضايا الثأر بموجب قرار رئاسي إلا أن هذه المبادرات على أهميتها لا تزال ضعيفة وغير ملموسة, الأمر الذي يدعونا جميعاً حكومة وشعباً, سلطة ومعارضة إلى الاصطفاف الواعي الصادق للحد من انتشار هذه الظاهرة الخطيرة.
وللوقوف على جوانب هذه القضايا القاتلة التي شرّدت الكثير من الأسر وأفرزت الأرامل والأيتام وقضت على كل آمال الأطفال في مستقبل أفضل علينا الانصات إلى انطباعات وتفاعل المسئولين والمشائخ والمواطنين تجاه الثارات.
الثارات وحمل السلاح
حول هذه القضية الشائكة يعلق الأخ إبراهيم عبده غوبر, موظف بمكتب المالية : الثارات القبلية مصيبة - بكل ما تعنيه الكلمة - حلت على اليمن واليمنيين ويتعاظم الخوف بتوسع الظاهرة بشكل مستمر وهذه الثارات والاقتتال الذي يندلع لصغائر الأشياء يدل على جهل مدقع وغياب الوعي والوازع الديني لأن الأطراف لو ارتفعت وسلمت بشرع الله لما رأينا هذا الغول الرهيب يتمدد ويكاد يبتلع الآخرين الذين لا علاقة لهم بهذه القضايا وإذا لم توضع المعالجات الصارمة لجذور هذا الاقتتال واللجوء إلى شرع الله باعتبارنا مسلمين فإن القادم سيكون أشد وأنكى وسنجد أنفسنا وكأننا في غابة, الصغير والضعيف لقمة سائغة للكبير والأقوى, وعلى الناس جميعاً محاربة هذه الإشكالية الخطيرة التي لا ترحم حتى الأبرياء لأن من ظن أنه في حل من هذه القضايا فهو مخطىء لأننا نركب سفينة واحدة, وحتى أوضح المقصود بصورة أفضل أقول: قبل عده سنوات كنا نسمع ونحن في المدينة عن احتراب قبلي طاحن يتخلله اغتيال أو اقتتال فردي (غريم لغريمه) لكن هذه العمليات كانت محصورة أي في نطاق الأرياف والقرى فكنا نعتقد حينها أننا في منأى عن هذه الكوارث الاجتماعية ومع مرور الأيام تأكد لنا العكس فقد انتقلت التصفيات الجسدية إلى المدينة في ظل انتشار ظاهرة حمل السلاح والمشكلة الأكبر سقوط ضحايا أبرياء نتيجة رصاصة طائشة جاءت من هنا أو هناك, إذاً ما دام الاقتتال وفيروس الثأر القاتل وصل إلى عقر الدار وأصبح يهددنا ويهدد أطفالنا لأنه لا يمكننا أن نحميه من رصاصة طائشة فمن الواجب علينا بل فرض عين أن نسهم في مواجهة هذه الأعمال الإجرامية ونطالب الدولة باتخاذ الإجراءات الصارمة في حق هؤلاء الذين يعبثون بأرواح الناس.
حمل السلاح
أما المواطن عبدالإله صالح الماعطي من مخلاف أنس بمحافظة ذمار فيقول: الثارات القبلية بالرغم من الهالة الإعلامية التي تثار حولها فإن حلها ومعالجتها بسيط جداً يمكن تطبيق القانون فلو أن القضاء كان يتعامل بصورة أكثر جدية بعيداً عن الروتين وتطويل القضايا لعدة سنوات وحبس المتهم الذي ألقى القبض عليه لعدة سنوات أيضاً فهذه الأمور لها مغارم وخسائر لأصحاب الدم فكيف يتكبدون عناء الشريعة وصرف الأموال وهم من خسروا قريباً لهم مثلهم مثل غرمائهم فأكثر الناس يختصر الطريق ويقوم بالاقتصاص بيده وهذا محرم شرعاً لكن المرافعات والقضايا التي تستغرق وقتاً طويلاً هي السبب في بعض القضايا والمشكلة تزداد تعقيداً أن أصحاب الدم يريدون أن يشفوا غليلهم ولو باستهداف أحد أقارب القاتل وبالتالي فإن القضية تتشعب وتصعب بعد ذلك على الحل.
وفي اعتقادي إذا أعاد القضاء حساباته تجاه هذه القضايا بالذات فإن كل شيء سيصلح وسيتم تقليص الثارات والحد منها لأن من قتل يقتل في زمن قياسي المفروض أن لا يزيد عن الشهر الواحد.
هذا جانب, الجانب الآخر لا يقل أهمية عن ما ذكر آنفاً والمتمثل في أداة الجريمة أي السلاح بأنواعه المختلفة, فمادام السلاح منتشراً وظاهرة حمله بين القبائل ومرافقي المشائخ الذين نلاحظهم بصورة يومية في مدينة ذمار وغيرها من المدن والمناطق فهذه الظاهرة هي السم الناقع الذي يغذي ظاهرة الثأر ويدعم استمرارها وتوسعها وقد لاحظنا انخفاض نسبة الجريمة في المدينة وغيرها من عواصم المديريات عندما نفذت وزارة الداخلية قبل ثلاث سنوات ولاقت ترحيباً كبيراً لدى الشارع العام.
إذاً إذا تم إصدار قانون حمل السلاح من قبل نواب الشعب وألزمت الأجهزة الأمنية بتطبيق القانون بحذافيره فإن هذه القضايا سوف ينتهي معظمها.
ضحايا الثأر
الأخت نوال أحمد – طالبة جامعية تلفت النظر إلى زاوية مهمة قد يغفل عنها الكثير وهي الآثار السلبية والسيئة التي تخلفها الثارات فهناك من يقتصر اهتمامه على القتل والقتل الآخر ولا ينتبه إلى فقدان العائل وتشريد الأسر فالبعض يتم إرغامه على الرحيل من البلاد إلى مكان مجهول علاوة على تخليف أيتام ومستقبل غامض وغير مضمون للأطفال الذين يتعرضون للاعتداءات والجنوح, فمنهم من يصبح متسولاً أو سارقاً أو قاتلاً أو إرهابياً فيتحول إلى خنجر في خاصرة الوطن والمجتمع مما يجدر بوسائل ومنظمات المجتمع المدني والجهات ذات العلاقة السعي للمساهمة في إبراز جذور الثارات والمساهمة في قطع دابر الفتنة حتى نتمكن من ضمان أمننا واستقرارنا ومستقبل أولادنا.
وعي المواطن وإدراكه
وبما أن الأجهزة الأمنية من الجهات ذات العلاقة بهذه الظاهرة فقد ألتقينا العميد أحمد علي مسعود – مدير أمن محافظة ذمار الذي علق على الموضوع قائلاً : بالتأكيد أن الثارات القبلية من الإشكاليات العويصة التي تواجهنا وتواجه المجتمع لكننا في نفس الوقت نعول على الوعي والإدراك الذي أصبح مجتمعنا يتحلى به في محاربة هذه الظاهرة وما نحن في الجهات الأمنية إلا أداة لتحقيق العدالة لأن العملية الأمنية لا تستقيم إلا بطرفيها الأساسين رجل الأمن والمواطن وهناك جهود كثيرة تم من خلالها معالجة الكثير من هذه القضايا وإقفال ملفاتها تماماً لكن لايزال أمامنا الكثير كون هذه الأمور لا تحل بين عشية وضحاها والمسألة مسألة وقت ..وعلى العموم لقد تم تكليف لجنة من قبلنا للنزول الميداني وحصر هذه القضايا وخلفياتها وجذورها ليتبع ذلك اجتماع مع فرع اللجنة الوطنية لمكافحة الثأر التي أنشئت بموجب قرار رئيس الجمهورية حرصاً من فخامته على الحفاظ على أرواح الناس وصيانة دماء المواطنين وممتلكاتهم وسيتم خلال الاجتماع مناقشة الخطوات والآليات التي سنقف عليها للشروع في استكمال المهمة الوطنية للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة.
ضعف الوازع الديني
وحول هذه القضية الشائكة التمسنا النظرة الشرعية في هذا الجانب حيث تفضّل القاضي العلامة – محمد علي دادية – عضو جمعية علماء اليمن بالقول:
لم يعد خافياً على أحد مدى انتشار ظاهرة الثأر التي أقلقت الأمن وروعت الآمنين ويتّمت الأطفال ورملت النساء واختطفت حياة الأبرياء وهم آمنون وليس أدل على ذلك من الحادثة التي حصلت في مدينة ذمار الشهر الماضي بالقرب من مبنى المحافظة نتيجة ثأر قديم وصار ضحيتها مجموعة من الأبرياء بينهم طفلة في سن العاشرة عندما أقدمت مجموعة مسلحة على فتح النيران على السيارة التي كانت تقل المجنى عليهم.
لقد أهلكت الظاهرة الحرث والنسل ودمرت القرى في عدد من المحافظات , وهذا يحدث مع أن حرمة الدماء في الإسلام معلومة من الدين بالضرورة وجاءت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية لتأكيد قيمة الحياة وبأن الإنسان هو خليفة الله في أرضه قال تعالى ( من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً).
وقد أعد الله لمن اقترف تلك الجريمة عقوبات في الدنيا والآخرة, قال عز من قائل:( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً ) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع (إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)..ويشير العلامة دادية إلى أن لهذه الظاهرة أسباباً يجب التعامل معها والتغلب عليها ومن أبرزها الجهل وضعف الوازع الديني والعصبية والنزاعات الجاهلية وانتشار ظاهرة حمل السلاح في الريف والمدن على حدٍ سواء وبخاصة لدى بعض الشخصيات الاجتماعية الذين لا يمرون إلا بمرافقين مدججين بالسلاح وتراخي الجهات الأمنية عن القيام بواجباتها في سرعة إلقاء القبض على الجناة والتطويل في إجراءات التقاضي في المحاكم وحماية القتلة والجناة من قبل بعض الشخصيات الاجتماعية وعدم القبول بالاحتكام للقضاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.