مشهد درامي يصور انعكاس خبر مقتل المرتزق ياسر أبو شباب على المرتزقة اليمنيين وإدراكهم المصير المحتوم الذي ينتظرهم . كانت الغرفة الضيقة في طرف المعسكر بالوديعة تشبه صندوقاً معدنيا بارداً .. الجدران رمادية خشنة .. الأرضية إسمنت مجروح والهواء يدخل من فتحة صغيرة في أعلى الباب كأنه نفس متقطع البرد في هذه الأيام من العام قاس يلسع الأصابع ويجعل الأنفاس بيضاء ثقيلة كأنها غبار يخرج من الصدور . جلس سالم على السرير الحديدي المائل يديه متشابكتان كتفاه منكمشتان بفعل البرد . عيناه تتحركان ببطء وكأنهما تخافان النظر في مكان معين . كان وجهه شاحباً. شفتيه متصلبتين والقلق يطل منه بوضوح شديد . دخل جلال وهو يفرك يديه بحثاً عن دفء لا يأتي. ضرب الباب خلفه بخفة. ثم قال بصوت منخفض : - سمعت الخبر ؟ رفع سالم رأسه سريعاً. لم يقل شيئاً كان يكفيه النظر في ملامح جلال ليفهم تلك النظرة المتجمدة التي لا تعرف أين تبدأ الكلمات . تابع جلال وهو يقترب خطوة : - ياسر أبو الشباب حق غزة المرتزق لصالح الإسرائيليين قتلوه . لم تهتز الغرفة لم يتحرك الهواء لكن وجه سالم ارتجف لحظة قصيرة شهقة صغيرة خرجت من صدره قال بصوت مبحوح : - كيف !! جلس جلال على السرير المقابل بخار أنفاسه يتصاعد من فمه كأنه دخان بارد قال بصوت مرتبك : - ما حد وضّح قالوا قتله احد عناصره .. وقالوا في مهمة .. بس النتيجة واحده تم قتله !! أطرق سالم برأسه بوجه نادم ويدان ترتعشان فوق ركبتيه قائلاً : - لقد قتلوه المقاومة التي كنا نتغنى بها طوال حياتنا وفجأه اصبحنا نتجنب ذكرهم . نظر جلال إلى الأرض .. وجهه كان جامداً لكنه يحمل شيئاً يشبه الصدمة ليرد عليه : - هذا هو واقع السياسة وها انت ترى أردوغان وقيادات حزبنا كيف يغيرون ولاءاتهم . ثم اردف بكل حنق : - لا يهمنا ذلك . . ما يهمنا هو هل سنتعلم من قتل ياسر أبو الشباب !! هبت نسمة باردة من فتحة الباب فارتجف الاثنان. مدّ سالم ذراعيه حول صدره وقال : - تحس كأن الغرفة أصغر اليوم كأن البرد يضغط أكثر . أجابه جلال وهو يلف ذراعيه اكثر : - البرد يزيد بسبب الحقيقة يا صاحبي فكم ساروا علينا زملاء وقادة وكانوا مجرد ارقام عند من استأجرونا . كان يتحدث وهو يلهث يواصل كلامه : - كل واحد في المعسكر يعرف إنه ممكن يخرج من الباب هذا وما يرجع. رفع سالم رأسه ببطء قائلاً : - تقصد الدور ؟ هز جلال رأسه مرة واحدة. ملامحه كانت ثقيلة. عيناه محمرتان من السهر والبرد. يجيبه : - ايه الدور اليوم ياسر بكرة واحد بعده والضابط السعودي والاماراتي يكتب سطر ويقفل الملف فنحن مجرد سطور وأرقام لا غير . نظر سالم إلى السرير الفارغ في زاوية الغرفة. السرير الذي كان ينام عليه زميلهم ناجي قبل يومين فقط والذي قتل على يد ضابط سعودي ليقول له بصوت مكسور : - ما توقعت ولا تخيلت أن نهاية ناجي تكون هكذاك ولا حد يهتم. قال جلال وهو يشد ياقة سترته العسكرية : - هنا ما حد يهتم هنا وجهك واسمك وذكرياتك كلها تنتهي بنقطة واحدة . نقطة تقول مات وخلاص . طال الصمت للحظة صوت الريح من خارج الغرفة كان يضرب الألواح المعدنية ويصنع رنيناً بارداً يشبه صرير باب قديم . قال سالم وهو يغمض عينيه : - تخيلت نفسي مكانه نفس اللحظة نفس الوحدة . أجابه جلال بصوت هادئ لكنه محمّل بثقل كبير : - كلنا تخيلنا وكلنا ما نعرف متى تصير حقيقة نحن نعرف يا سالم اننا مجرد أرقام وان قياداتنا خانوا كيف بالامس باعوا حضرموت كما خانوا كل المبادئ التي قاتلنا لأجلها . ثم اردف وهو يجز على اسنانه : - وان صنعاء أصدق واوفى لانهم على الحق . . بعد كلماته ساد صمت مطبق بقى الاثنان في الغرفة ذاتها نفس البرد نفس الهواء الثقيل نفس الوجوه التي تحاول أن تخفي خوفها خلف صمت طويل . كل واحد منهما يشعر أن مقتل ياسر لم يكن حادثة بعيدة. بل ظل يقف خلفهما . ينتظر . . بلا صوت . بلا تفسير . . بلا فرصة للهروب . انتهى ... مشهد درامي يصور انعكاس خبر مقتل المرتزق ياسر أبو شباب على المرتزقة اليمنيين وإدراكهم المصير المحتوم الذي ينتظرهم . كانت الغرفة الضيقة في طرف المعسكر بالوديعة تشبه صندوقاً معدنيا بارداً .. الجدران رمادية خشنة .. الأرضية إسمنت مجروح والهواء يدخل من فتحة صغيرة في أعلى الباب كأنه نفس متقطع البرد في هذه الأيام من العام قاس يلسع الأصابع ويجعل الأنفاس بيضاء ثقيلة كأنها غبار يخرج من الصدور . جلس سالم على السرير الحديدي المائل يديه متشابكتان كتفاه منكمشتان بفعل البرد . عيناه تتحركان ببطء وكأنهما تخافان النظر في مكان معين . كان وجهه شاحباً. شفتيه متصلبتين والقلق يطل منه بوضوح شديد . دخل جلال وهو يفرك يديه بحثاً عن دفء لا يأتي. ضرب الباب خلفه بخفة. ثم قال بصوت منخفض : - سمعت الخبر ؟ رفع سالم رأسه سريعاً. لم يقل شيئاً كان يكفيه النظر في ملامح جلال ليفهم تلك النظرة المتجمدة التي لا تعرف أين تبدأ الكلمات . تابع جلال وهو يقترب خطوة : - ياسر أبو الشباب حق غزة المرتزق لصالح الإسرائيليين قتلوه . لم تهتز الغرفة لم يتحرك الهواء لكن وجه سالم ارتجف لحظة قصيرة شهقة صغيرة خرجت من صدره قال بصوت مبحوح : - كيف !! جلس جلال على السرير المقابل بخار أنفاسه يتصاعد من فمه كأنه دخان بارد قال بصوت مرتبك : - ما حد وضّح قالوا قتله احد عناصره .. وقالوا في مهمة .. بس النتيجة واحده تم قتله !! أطرق سالم برأسه بوجه نادم ويدان ترتعشان فوق ركبتيه قائلاً : - لقد قتلوه المقاومة التي كنا نتغنى بها طوال حياتنا وفجأه اصبحنا نتجنب ذكرهم . نظر جلال إلى الأرض .. وجهه كان جامداً لكنه يحمل شيئاً يشبه الصدمة ليرد عليه : - هذا هو واقع السياسة وها انت ترى أردوغان وقيادات حزبنا كيف يغيرون ولاءاتهم . ثم اردف بكل حنق : - لا يهمنا ذلك . . ما يهمنا هو هل سنتعلم من قتل ياسر أبو الشباب !! هبت نسمة باردة من فتحة الباب فارتجف الاثنان. مدّ سالم ذراعيه حول صدره وقال : - تحس كأن الغرفة أصغر اليوم كأن البرد يضغط أكثر . أجابه جلال وهو يلف ذراعيه اكثر : - البرد يزيد بسبب الحقيقة يا صاحبي فكم ساروا علينا زملاء وقادة وكانوا مجرد ارقام عند من استأجرونا . كان يتحدث وهو يلهث يواصل كلامه : - كل واحد في المعسكر يعرف إنه ممكن يخرج من الباب هذا وما يرجع. رفع سالم رأسه ببطء قائلاً : - تقصد الدور ؟ هز جلال رأسه مرة واحدة. ملامحه كانت ثقيلة. عيناه محمرتان من السهر والبرد. يجيبه : - ايه الدور اليوم ياسر بكرة واحد بعده والضابط السعودي والاماراتي يكتب سطر ويقفل الملف فنحن مجرد سطور وأرقام لا غير . نظر سالم إلى السرير الفارغ في زاوية الغرفة. السرير الذي كان ينام عليه زميلهم ناجي قبل يومين فقط والذي قتل على يد ضابط سعودي ليقول له بصوت مكسور : - ما توقعت ولا تخيلت أن نهاية ناجي تكون هكذاك ولا حد يهتم. قال جلال وهو يشد ياقة سترته العسكرية : - هنا ما حد يهتم هنا وجهك واسمك وذكرياتك كلها تنتهي بنقطة واحدة . نقطة تقول مات وخلاص . طال الصمت للحظة صوت الريح من خارج الغرفة كان يضرب الألواح المعدنية ويصنع رنيناً بارداً يشبه صرير باب قديم . قال سالم وهو يغمض عينيه : - تخيلت نفسي مكانه نفس اللحظة نفس الوحدة . أجابه جلال بصوت هادئ لكنه محمّل بثقل كبير : - كلنا تخيلنا وكلنا ما نعرف متى تصير حقيقة نحن نعرف يا سالم اننا مجرد أرقام وان قياداتنا خانوا كيف بالامس باعوا حضرموت كما خانوا كل المبادئ التي قاتلنا لأجلها . ثم اردف وهو يجز على اسنانه : - وان صنعاء أصدق واوفى لانهم على الحق . . بعد كلماته ساد صمت مطبق بقى الاثنان في الغرفة ذاتها نفس البرد نفس الهواء الثقيل نفس الوجوه التي تحاول أن تخفي خوفها خلف صمت طويل . كل واحد منهما يشعر أن مقتل ياسر لم يكن حادثة بعيدة. بل ظل يقف خلفهما . ينتظر . . بلا صوت . بلا تفسير . . بلا فرصة للهروب . انتهى ...