البرودة أعلنت سيطرتها على المدينة وفرضت حظر التجوال وتمكنت من إيقاف المياه في شرايين شبكاتها، ظل يراقب النجوم في السماء بعد أن نفد محصول الليلة السابقة، تسللت البرودة إلى الداخل، ظل الأطفال يتطلعون إلى النجوم بعد أن قطع شبح الجوع سلسلة أحلامهم البريئة، ظل منتظراً موعد وصول النجوم إلى الموضع المعتاد، أغارت البرودة على الأطفال وأوقفت كامل حركاتهم, ظلت أبصارهم موجهة نحو النجوم بعد أن عكرت السحب صفو مسيرها، لملم ما تبقى من ملابس حول عظامه المغطاة بالجلد، ساقته قدماه , على عادتها, كان الشارع قد تجمد بعد أن تجمدت محتوياته، كان قد غير هيئته، تقدم ببطء أمام خيوط الضوء المندفعة من مصابيح الإنارة بعد أن حجبت عتمة الضباب معظم خيوطها الكثيفة، نثرت عكازه – التي يصطحبها لتفريق الكلاب – المخلفات الأخرى , جمع الفضلات التي يبحث عنها، تطلع من حوله شمالاً ويميناً، جمع الفضلات بعناية , لم تمهله البرودة في العودة بما جمع، ظل مبتسماً عندما وجد المكان خالياً من الكلاب، تجمدت حركة الدماء في أحشائه , عندما شعر بالبرودة ، ظل مبتسماً عندما كانت جثته تهوي وتهوي, جوارها عكازه التي أعلنت الاستسلام.