مع تنامي ظاهرة التسرب من المدارس تتسع ظاهرة أطفال الشوارع كمؤشر خطير يفقد المجتمع جزءاً من جوانبه القوية؛ لأن الجهل مرض قاتل للروح، وقد يأتي التسرب نتيجة لانحراف المعلم والإدارة المدرسية عن معايير الأداء السليم، لكن العوامل المؤدية لترك المدرسة عديدة والعمل على مواجهتها ممكن.. ماهي تلك العوامل وكيف يمكن مواجهة الظاهرة؟ أ. عبد الرحمن زيد مدير مركز الطفولة الآمنة تحدث في ذلك حيث قال: العملية التعليمة تمثل نسقاً اجتماعياً لها أنساقها الفرعية وهي ككل تتحدد فلسفتها وأهدافها وأساليبها ومناهجها في ضوء خطط التنمية المستدامة وطبيعة العصر واحتياجات الفرد والمجتمع ومواردها البشرية والطبيعية والمادية المتاحة، والقدرة على توظيف المتاح منها حيث لابد أن يرتكز التخطيط في مجال التعليم على التكامل والتساند الوظيفي بين التعليم الرسمي والأهلي كنسقين فرعيين متكاملين يؤثر كل منهما في الآخر ويتأثر به. ولما كان التعليم الحكومي يعمل على تحقيق أهدافها متخصصون مؤهلون من حيث المبدأ، فإن تقييم نتائج العملية التربوية والتعليمية، ومدى تحقيق أهدافها وتحديد أوجه القصور يصبح أمراً واقعياً وعلى أسس موضوعية. التفكك الأسري - في ضوء هذا يرى أ. عبد الرحمن أحمد علي زيد أن هناك عوامل اجتماعية واقتصادية من خارج البيئة المدرسية وعوامل من داخلها تؤدي إلى تسرب أعداد من الطلاب ذكوراً وإناثاً من المدرسة، أبرز هذه العوامل في شقها الاجتماعي وفاة رب الأسرة والتفكك في بعض الأسر، ويترتب على ذلك إهمال الأطفال من جميع الجوانب، وخاصة الجانب التعليمي لعجز الأسرة عن الإنفاق على متطلبات التعليم، إلى جانب عدم متابعة الأبناء في المدارس من قبل أولياء الأمور. أما العامل الاقتصادي فيؤدي إلى قيام بعض الأسر الفقيرة بإخراج أبنائها من المدارس بسبب الفقر وعدم قدرة الأسرة على توفير الحد الأدنى من متطلبات الطفل ذاته لاستمراره في الدراسة سواء في بداية العام حين تزيد الأعباء لضرورة توفير الزي المدرسي والمستلزمات الأخرى من دفاتر وأقلام وحقيبة والمصروف اليومي، بل إن حاجات الأسرة الأساسية تفرض عليها دفع الطفل إلى الشارع بحثاً عن عمل ليعوله ما يترتب عليه أضرار يصبح الطفل معرضاً لها بسبب استغلاله في أعمال غير مناسبة لسنه، ويترتب عليها أضرار ومخاطر بدنية ونفسية وقبلها حرمانه من حقه في التعليم. طرق تدريس منفرة - وهناك عوامل تتصل بالبيئة التعليمية داخل المدرسة هي كما يصفها مدير مركز الطفولة الآمنة انعكاس لتدني كفاءة ومسئولية المعلم حيث يقول: مدرسون في بعض المدارس يعتمدون طرق تدريس منفرة للتلاميذ، ويحولون الفصل إلى جحيم والأسوأ استخدام الضرب المبرح في معاقبة الأطفال، وهي طريقة متخلفة ومهينة. ثقافة مغلوطة - زد على ذلك ضعف مستوى التحصيل بسبب ازدحام الفصول وأثرها السلبي على مستوى إدراك التلاميذ، وبالتالي الرسوب الذي يترك أثرا في نفس الطالب قد يدفعه إلى ترك المدرسة، كما أن تعقيد المنهج- المقرر- يمثل مشكلة ليس للطالب، بل ولبعض المدرسين وفي الريف تبرز العوامل الثقافية حيث تدفع بعض الأسر أبناءها إلى العمل، إلى جانب أفرادها في الزراعة أو الرعي في سن مبكرة، وخاصة الفتيات ، والسبب الآخر هو الزواج المبكر بفعل العادات والتقاليد السلبية والتنشئة الاجتماعية الخاطئة ..ومؤخراً أدت ظاهرة البطالة بين المتعلمين إلى شيوع مفاهيم كانت تراجعت مما يفقد الأبناء دور الأهل في تحفيزهم على مواصلة التعليم، ويساعد على ذلك الأزمات المالية والكوارث كالجفاف وتدني الإنتاج الزراعي، إلى جانب عوامل أخرى مثل الافتقار للمكتبات المدرسية، وتخلف الإمكانيات كالمختبرات والمعامل. التسرب من التعليم هل هو ظاهرة أم مشكلة محدودة؟ أ. عبد الرحمن زيد يقول: نتائج التسرب سلبية على الفرد والأسرة والمجتمع وهذا المهم، وإن اختلف البعض حول ما إذا كانت مشكلة أم أنها ظاهرة، فالتعليم سر قوة الفرد وبه يتقدم المجتمع ويرتقي. ظاهرة أطفال الشوارع - مجمل العوامل السالفة الذكر هي أبرز الأسباب التي تؤدي إلى نشوء ظاهرة أطفال الشوارع حسب قول مدير مركز الطفولة الآمنة، والذي أضاف قائلاً: في ضوء ذلك يعمل المركز، وكذا مركز حماية أطفال الشوارع نوعين من الخدمات داخلية وهي الإيواء والإعاشة وتقديم الملبس والمأكل والمشرب للنزلاء، إلى جانب تقديم الخدمات الصحية، وتعليم نظامي ومحو أمية الأكبر سناً ودروس تقويم لمن يحتاجها من النزلاء المشمولين بالتعليم النظامي. أما الخدمات الخارجية فمن خلال النزول الميداني لمراقبة الشوارع، ومقابلة الأسر الفقيرة والتوعية والتثقيف للحد من ظاهرة أطفال الشوارع ويعمل المركز على مدار الساعة وقد استقبل 300 طفل العام الماضي مقيمين وعدد من المترددين، وتم إعادة البعض من الأطفال إلى مراكز اجتماعية رعائية أخرى. معالجات وحلول يمكن معالجة مشكلة التسرب من المدارس من خلال عدة وسائل هي: - إعادة النظر في القرارات المدرسية المعقدة بحد ذاتها أو لافتقار المدرسة إلى الإمكانيات والوسائل التي تحقق تكامل المنهج المدرسي. - معالجة المشكلات داخل المدرسة أولاً بأول أي مشاكل الطلاب من خلال تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي، وتفهم ظروف الأبناء في أسرهم. - تخصيص درجات وظيفية للأخصائيين الاجتماعيين من قبل الخدمة المدنية من مخرجات علم الاجتماع، والخدمة الاجتماعية سنوياً بحيث يكون أخصائي اجتماعي على الأقل لكل مدرسة. - تركيز الاهتمام الإعلامي للأسرة والمجتمع بمخاطر التسرب من التعليم، وذلك عبر مختلف وسائل الإعلام. - تفعيل دور الوعظ والإرشاد والتوعية والتثقيف بالقضايا المختلفة المتصلة بالتعليم والطفولة، وخاصة بكيفية قضاء أوقات الفراغ بما هو مفيد. - استغلال العطلة الصيفية بمراكز أنشطة فاعلة تنمي قدرات الشباب، وهذه مهمة التربية والتعليم، وليس فقط وزارة الشباب والرياضة، بل هي مهمة مؤسسات المجتمع بشكل عام، وبما يجعل الشباب مؤثرين في أسرهم ومحيطهم الاجتماعي، بما يحد من تأثير العوامل الثقافية والعادات والتقاليد البالية وغيرها من العوامل التي تساعد على التسرب أو التقليل من شأن استمرار الفتاة في التعليم. - تحفيز المعلمين في المدارس وخطباء المساجد بإبراز مخاطر الجهل والانحناء أمام الأزمات فالجهل ظلم قاتل.