تلك الوردة تذكرينها جيداً.. تذكري شكلها الأخاذ البسيط ولونها الخافق فيك ومعناها في صورتك، الوردة تلك التي قطفتها لك وحدك من أعماقي التي مرت كل حروب التاريخ فيها.. تذكرينها؟!! تذكري نفسك ياجميلتي حين رسمتك خصلةً خصلة في تنفسي ونبضةً نبضة وبسمةً بسمة على أوراقي وأحداقي وتصوراتي، رسمتك وردة لأسحب بلاد النسيم إليك ويكون قانونك الرسمي، رسمتك بجعة لأعرف أن البحيرات لها أصل فيك. تذكري أنني حين جئتك ربما حافياً وربما مشتت الجهات، جئت ومعي في حقيبتي الصغيرة الحب والفراشة، والحب الشجرة، الحب المعزوفة لأقدمها إليك كلوحات لأعرفك أنك أعظم وأرقى من كل هذا الفن وصوره من أول ما جاء تاريخ البشر حتى آخر حرب سيخوضونها.. جئتك ياسيدتي البهية في زحام الواقع لاممتطي فرساً وليس في يدي سيف، لأقطع به كل الحواجز التي تحاصرك، إنما في يدي وردة لها أوراق كضحكات الأطفال.. جئتك ولم أكن أحمل لك كلمات ليست كالكلمات، ولم أكن غنياً لعينك التي هي أنقى من ضوء القمر في ليلةٍ ممطرة كما في الأغنيات القديمة أو كما ينفعل الشعراء على تراب ذاكرتهم، بل كنت أحمل كلمة قليلة مضت معي كثيراً هي «أحبك». تذكري همسة نسجت ارتعاشها من أول ماء كان على الأرض ووضعتها في كل خلاياك.. همسة لأقول عنك كم أنت ياحبيبتي حبيبتي، أيها الملاك الصغير بملامح إنسان هي أعذب من خصلة سماء زرقاء ممتدة ومليئة ضوء.. وثلج أبيض ملأ المكان نعومة وهدوءاً.. وصوت ماء مد لظلال الشجر التنفس والحكمة، أو وردة نبتت في فكري. بل أنت مجرد من أحبها. تذكري وجهك المسكون بالعطر والريش والصباح الباكر عندما رايته وحدي واكتشفت أبعاده الأرضية كالحدائق السماوية، وحفظته في كل أشيائي ولم أخبر أحداً. أعرف أنك غادرت نظراتي التي تعبت وهي تتنفسك، ولم تتذكري شيئاً، أعرف خيوطك التي كانت تحرك لي إيقاع اللغات لأعرف أو أتكلم سحبيتها من مساماتي على آخر أبعاد رعشة هدب، ومضيتِ بعيدة عني ربما على قصر من موسيقى الجاز أو... والحقيقة حبيبتي الآن أجيد المشي وأنا أدندن لمسافات بعيدة جداً، وأجيد أن أتنفس عطرك من أول خفقة شمس تشرق.