في يناير من العام الماضي 2010 وقعت شركة الخطوط الجوية اليمنية عقداً مع شركة إيرباص العالمية لشراء عشر طائرات إيرباص A320 لتوسيع وتحديث أسطولها الجوي وفي نهاية الشهر الماضي ذهب وفد من اليمنية لاستلام أولى طائرات هذه الصفقة والتي تحمل اسم المكلا. تكون الوفد من قيادات اليمنية برئاسة الكابتن عبدالخالق القاضي ومجموعة من الإعلاميين كان كاتب السطور احدهم وأيضا عدد من وكلاء اليمنية المميزين. مدينة النور حلقت بنا طائرة اليمنية ليلا باتجاه العاصمة الفرنسية باريس بعد توقفها لحوالي ساعة في مطار مدينة القاهرة لتصل بعد ذلك طائرة اليمنية إلى مطار شارل ديجول في الثامنة صباحا من يوم الاثنين في رحلة استغرقت حوالي ثمان ساعات قبل الهبوط إلى مطار شارل ديجول لم نكن نتوقع جميعا أن مدينة باريس التي تقع على نهر السين بهذا الجمال وهذه الروعة التي تجمع الحداثة بالتاريخ والحضارة فكانت حقيقة مدينة عصرية بمعنى الكلمة. يرجع اسم مدينة باريس إلى قبيلة كلتية كانت أول من سكن المنطقة وتدعى باريسي ، كما تعرف باريس باسم “مدينة النور” وذلك لأنها في عام 1828 كانت أول مدينة في أوروبا تضاء طرقاتها بمصابيح تعمل بالكيروسين. وتعد باريس ميناء نهري هام جدا وتعد رابع أهم ميناء فرنسي (بعد مرسيليا والهافر ودنكرك). تاريخ المدينة نشأت المدينة في “أيل - دي سيتي” وهي جزيرة صغيرة يحتل جزءا منها الآن وزارة العدل وقاعة البلدية وكنيسة نوتردام - دي باري، وكانت قرية صيد صغيرة ، وسرعان ما نمت لتصبح مدينة رومانية مهمة، سمح الإمبراطور جوليان للفرنكيين وهم من القبائل الجرمانية بعبور نهر الراين والاستقرار على حدود الإمبراطورية الرومانية، وعندما بدأ الانحلال والتدهور في القسم الغربي من الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي توغل الفرنكيين في أراضي الإمبراطورية، واستعمروا الأجزاء الشمالية من بلاد الغال ووصلوا إلى شمال مدينة باريس الرومانية، وكان من ملوكهم كلوديون الملتحي الذي انتصر على الجيوش الرومانية بقيادة أئسيوس ثم حكم بعده ميروفيوس الذي نسبت إليه السلالة الميروفنجية، وأصبحت باريس في القرن الخامس عاصمة الملوك الميروفنجيين، وفي عام 845 أغار الفايكنج على باريس، وحاصروها بين عامي (885 - 886)، كما خربتها إغارات النورديين في القرن التاسع. وبإعلان هيو كابت كونت باريس ملكا على فرنسا (مايو 987 - 24 أكتوبر 996)، أصبحت باريس العاصمة القومية وازدهرت كمركز تجاري وثقافي في العصور الوسطى، وفى 1120 تم تأسيس جامعة باريس ولكنها عانت الكثير في حرب المائة عام، احتلتها إنجلترا (1420 - 1436). شارع الشانزليزيه بعد الوصول إلى مطار شارل ديجول كان البرنامج الذي أعد للوفد من قبل شركة إيرباص هو التوجه مباشرة إلى احد الفنادق الفخمة والقريبة من المطار لأخذ قسط من الراحة والنوم للتوجه بعد ذلك في الرابعة عصرا إلى مدينة تولوز المقر الرئيسي لشركة ومصانع إيرباص لصناعة الطائرات حسب البرنامج ، فاقترح بعض الزملاء زيارة المدينة عبر مترو الأنفاق للتعرف على المدينة ولو لبضع ساعات وكانت وجهتنا إلى الشانزلزيه وهو أرقى وأفخم الشوارع السياحية بالعالم بشكل عام وذلك لوجود افخر أو أرقى المحلات والماركات العالمية والمطاعم الراقية مثل مطعم بيتزا بينو وكما يوجد فيه مقهى الكارديدورو وغيره من المقاهي المنتشرة على جنبات الرصيف والطرقات كما يوجد به العديد من الحدائق كحديقة بالونيا الشهيرة والتي يوجد فيها بحيرة مفضلة للعشاق كما يمارس اغلب السكان فيها رياضة المشي والجري في جنبات الحديقة ويمر بها نهر السين. المشي والتجول المشي والتجول أو التسوق في هذا الشارع متعة حقيقة وذلك لوجود الرصيف الواسع النابض بالحركة والمحلات الكبيرة الراقية والمباني الجميلة ذات الطراز الأوروبي الراقي والتي مازالت محافظة على أصالتها وتاريخها حيث يصل عمر بعضها إلى ثلاثة قرون أو أربعة تقريبا . في هذه الأثناء تذكرت ما يقابله من شوارع في العاصمة صنعاء وهو شارع جمال الشهير بشارع الموضة في اليمن لوجود العديد من محلات الملابس والرصيف الضيق جدا والمحتل أيضا من الباعة المتجولين فقلت لزميلي عبدالواسع الحمدي هذا شارع جمال لديهم فأنفجر من الضحك من هذا التشبيه. وللأسف لم نستطع زيارة متحف اللوفر الشهير أو برج إيفل والحدائق التي تقع تحت البرج وذلك بسبب ضيق الوقت للرجوع إلى الفندق لتناول وجبة الغداء ومن ثم التوجه إلى مدينة تولوز ، لكنها كانت ساعات لا تنسى حسب وصف الزميل العزيز نبيل الحيدري والذي قال حرام نصل باريس لساعات فقط ونرقد .. إلى مدينة تولوز في الرابعة عصرا من يوم الاثنين الخامس والعشرين من ابريل الماضي توجهت بنا الحافلة جنوبا نحو مدينة تولوز الفرنسية في رحلة استغرقت حوالي عشر ساعات كان الطريق فسيحا جدا تكسوه الخضرة ومختلف الأشجار من جانبيه لم نشعر أبدا من الملل لطول الوقت خاصة أن هموم وقضايا البلد والمؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك كان كل ذلك حاضرا بقوة وذلك لأن الزملاء الإعلاميين كانوا من الإعلام الرسمي ومن إعلام المعارضة.. الجميع حقيقة كان متفقاً على ضرورة التغيير باعتباره سنة من سنن الحياة لكن الاختلاف هو في كيفية هذا التغيير. في صباح اليوم الثاني من الوصول إلى تولوز نظمت شركة إيرباص للوفد جولة سياحية في مختلف أرجاء مدينة تولوز وإلى مدينة كاركسون التاريخية والتي تبعد عن تولوز بمسافة تقدر بحوالي ساعة ونصف بالحافلة وكان الزميل الرائع خالد الحمادي مراسل القدس العربي هو من تولى مسؤولية ترجمة حديث المرشدة السياحية حيث ذكرت أن مدينة تولوز تقع في جنوب غرب البلاد.علي نهر جارونيه. وبها عدد من المباني التي تعود إلى العصور الوسطى ذات الطراز المعماري الرومانيسكي والطراز المعماري القوطي. وتوجد بها جامعة طلوشة التي بنيت عام 1229م، ويأتي ترتيبها من حيث القدَم في المركز الثاني بعد جامعة باريس. كما ذكرت أن عدد سكان المدينة حوالي ثلاثة ملايين نسمة 10% منهم عرب من أصول تونسية وجزائرية ومغربية ،وذكرت بأنه تعاقب على حكمها عدة سلالات وكان من ضمنها السلالة العربية الإسلامية بعد ما قام بفتحها المسلمون بقيادة السمح بن مالك الخولاني في العصور الوسطى وهو يمني الأصل توفي في تولوز ومازال ضريحه موجودا فيها ، حيث حدثت بها عدة معارك بين المسلمين ودوق تولوز حتى سقطت بأيدي المسلمين خلال معركة تولوز الفاصلة واستقر بها المسلمون لفترة من الزمن في خلال فترة الحكم الإسلامي في الأندلس, وقد أقاموا بها معسكرات لهم وقام القائد المسلم للمنطقة عنبسة بن سحيم الكلبي ومن قبله ابن مالك الخولاني ببناء مساجد عدة وقصور لا زالت قائمة حتى اليوم. وقالت بأن المسلمين أطلقوا على المدينة اسم طلوشة وبني القائد المسلم عبد الرحمن الغافقي جسرا لا يزال احد معالم المدينة البارزة . كما يوجد في المدينة المصنع الرئيسي للشركة الأوروبية للدفاع الجوي والفضاء إيرباص والتي يعمل بها حوالي اثنين وخمسين ألف وخمسمائة شخص. أكثر من رائعة تولوز مدينة أكثر من رائعة.. الخضرة والماء والوجوه الحسنة في مختلف شوارعها وأحيائها الجميلة التي تفوح منها رائحة العطر الفرنسي وذلك لانتشار الورود والأشجار بمختلف أنواعها في هذه المدينة الساحرة.. لا يوجد فيها اعتصامات أو شوارع مقطوعة تطالب باسطوانات الغاز ، الجميع هنا مشغولون ببناء البلد ، النساء والرجال صغارا وكبارا يمارسون حياتهم بحرية تامة يزاولون رياضة المشي والجري ، يدخلون السينما يتجولون في الشوارع.. شعب فعلا يعرف كيف يعيش بحرية تامة ، التقيد بالقوانين أصبح ثقافة عامة لديهم كم تحسرنا على بلادنا من ذلك ومن احتقار القوانين لدينا. كل شيء في تولوز يغري بالمشاهدة والزيارة، ساحاتها وحدائقها، متاحفها ومعابدها، شوارعها النظيفة وأزقتها الضيقة وبناياتها التاريخية، أنهارها وجسورها وأسواقها، أهلها،كما أن العرب المغاربة أضافوا الكثير من الجمال إلى جمالها وذلك من خلال ترحيبهم الحار بنا عندما يعرفون أننا عرب وعندما نعرفهم بأننا يمنيون يدعون الله كثيراً بأن يحفظ اليمن ووحدته واستقراره ويقولون بلهجتهم العربية المكسرة بأن اليمن هي الموطن الأصل للعرب وأن اليمنيين عظماء بدليل وصولهم إلى هذه المدينة الرائعة بقيادة الفاتح والقائد المسلم السمح بن مالك الخولاني رحمه الله. تشتهر فرنسا بشكل عام وتولوز بشكل خاص في صناعة وإعداد الخبز وما زلت أتذكر إعجاب الرائع عادل الأحمدي بالخبز الفرنسي ولذته وتذكرت فوراً الروتي الفرنسي الذي يباع لدينا في اليمن والذي ليس له من فرنسا إلا الاسم فقط . كما تتميز مدينة تولوز بوجود العديد من المحلات التجارية الفخمة والسوبرماركات الكبيرة التي تغري الزائر على شراء كل ما فيها ، لكنها في المقابل تحتاج قبل أن تدخلها أن يكون جيبك عامرا برزم من اليوروهات وليس الدولار لأن التعامل دائما يكون باليورو .