بغداد (أ ف ب) اعتقلت السلطات العراقية أعضاء شبكة تابعة لتنظيم القاعدة مسؤولة عن قتل العشرات، من أبرز قيادييها شخص يعمل في منظمة لحقوق الإنسان تطالب بإطلاق سراح معتقلين من السجون. وقال المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا لوكالة “فرانس برس” أمس ان “القوات الأمنية تمكنت من اعتقال فراس فليح رئيس منظمة حقوق الإنسان، أحد منظمات المجتمع المدني المعنية بالسجون والمعتقلات، وينتمي إلى تنظيم القاعدة”. وأوضح ان “فليح انتمى إلى تنظيم القاعدة في 2005، وكان يعمل في نفس الوقت في منظمة مجتمع مدني يدعي أنها مدعومة من الأممالمتحدة”. وأكد عطا ان “المجرم من أبرز قياديي مجموعة تضم 34 شخصاً مسؤولة حتى الآن عن 15 عملية إرهابية، أبرزها قتل 70 شخصاً حضروا حفل زفاف بينهم نساء وأطفال في عام 2006 من أهالي منطقة التاجي” على بعد نحو 20 كلم من شمال بغداد. وأشار إلى ان “قواتنا تمكنت حتى الآن من اعتقال 25 من عناصر الشبكة التي يتزعمها شخص يحمل الجنسية المصرية ويدعى أبو ذيبة”، مشيراً إلى ان عمليات الاعتقال جرت قبل اسبوعين. وعثرت السلطات على عشرات الهويات المزورة في منزلين يعودان لفليح أحدهما في التاجي وآخر في بغداد، كما عثرت على تسجيلات فيديو يوثق فيها الجرائم التي ارتكبها، بحسب عطا. وفقاً لاعترافات أدلى بها فليح، فقد كان عضواً في تنظيم الجيش الإسلامي في مطلع 2005، قبل أن ينضم إلى تنظيم القاعدة. وذكر فليح (33 عاماً) الذي يحمل شهادتين جامعيتين إحداهما في العلوم السياسية، أنه “فجر جسر المثنى (شمال بغداد) بعبوة ناسفة تسببت بسقوط ضحايا من عناصر الجيش”. كما ذكر أنه شارك في جريمة حفل الزفاف التي جرى خلالها قتل جميع الحاضرين بمن فيهم النساء والأطفال ورمي جثثهم في النهر بعد أن تم اغتصاب كل الفتيات المشاركات، وكذلك اغتصاب العروس أمام عريسها. وعرضت القناة العراقية الحكومية الجمعة بعض اعترافات فليح، واعترافات شخص آخر يدعى حكمت فاضل ابراهيم الجبوري (25 عاماً) ويعمل شرطيا في حماية المنشآت، قال إنه شارك في 14 عملية بينها قتل سبعة من بائعي قارورات الغاز. وبحسب عطا، فإن بائعي الغاز من سكان مدينة الصدر التي تقيم فيها غالبية شيعية كبيرة “كانوا يأتون إلى منطقة التاجي لبيع الغاز للسكان عندما قامت المجموعة بقتلهم قبل أن يصبوا الزيت عليهم ويحرقونهم”. وقال الجبوري إنه قام بذبح ابن عمه “بواسطة السكين لكونه كان يهددني بإبلاغ الأميركيين عني، وقد رميت جثته في شارع الغاز قرب معمل الصوف في قضاء التاجي”. وقتل عشرات آلاف العراقيين منذ اجتياح القوات الأميركية للبلاد عام 2003. ورغم مرور ثماني سنوات على إسقاط نظام صدام حسين، لاتزال البلاد تشهد أعمال عنف شبه يومية بينها تفجير عبوات ناسفة وهجمات انتحارية وعمليات اغتيال. وكان العراق شهد بين عامي 2006 و2008 مواجهات طائفية شرسة خصوصاً بين السنة والشيعة راح ضحيتها عشرات الآلاف. من جهة أخرى قال المتحدث باسم القوات الأمريكية الجنرال جيفري بوكانان الجمعة إن هجمات الجماعات المسلحة ازدادت ضد القوات الأمريكية، مع اقتراب موعد انسحابها من العراق، بهدف “استعراض القوة والادعاء بأنهم يقفون وراء مغادرتها العراق” بحسب وكالة CNN. وقالت الوكالة في نشرتها أمس: “مع اقتراب موعد رحيل القوات الأمريكية من العراق، بموجب الاتفاق الأمني الموقع بين الجانبين، شهدت الهجمات ضد القوات الأمريكية تزايداً من قبل المليشيات المسلحة، في محاولة على ما يبدو لاستعراض القوة، بحسب ما ذكر متحدث عسكري رفيع المستوى”. وجاءت الهجمات فيما يعيش العراق جدلاً حول ما إذا سيطلب من القوات الأمريكية البقاء إلى ما بعد الأول من ديسمبر/كانون الول المقبل، وهو الموعد النهائي لانسحاب القوات الأمريكية المقدر عددها حالياً بنحو 46 ألف جندي. وبحسب ما أفاد الجنرال جيفري بوكانان، المتحدث باسم القوات الأمريكية لCNN باتصال هاتفي فإن القوات الأمريكية، التي يتمركز جزء كبير منها في العاصمة العراقية بغداد وفي جنوبالعراق، كانت عرضة لهجمات بالعبوات الناسفة وقصف بقذائف الهاون. وأوضح بوكانان أنه كان يتوقع مثل هذا الأمر منذ وقت. وقال: “في حين أن تنظيم القاعدة في العراق، الذي يغلب عليه العراقيون السنة، يواصلون شن الهجمات، فإن المسلحين (الشيعة) يهاجمون القوات الأمريكية بهدف استعراض القوة, وهم يريدون الادعاء بأنهم يقفون وراء مغادرتنا للبلاد”. وكانت الأيام الأخيرة قد شهدت تعرض أربع مركبات عسكرية أمريكية لهجمات بواسطة العبوات الناسفة، بما في ذلك هجوم الأحد الماضي خارج بغداد، وأسفر عن مصرع جنديين أمريكيين. وتنص الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن في نهاية تشرين الثاني من العام 2008 على وجوب انسحاب جميع قوات الولاياتالمتحدة من جميع الأراضي والمياه والأجواء العراقية في موعد لا يتعدى 31 كانون الأول من العام الحالي، وكانت قد انسحبت قوات الولاياتالمتحدة المقاتلة بموجب الاتفاقية من المدن والقرى والقصبات العراقية في 30 حزيران من عام 2009. وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد أكد أن بقاء جزء من القوات الأميركية بعد 2011 مرهون بموافقة الكتل السياسية، مشيراً إلى أن علاقة العراق مع الولاياتالمتحدة الأميركية ستكون مدنية في ظل إطار الاتفاق الاستراتيجي الموقع بين البلدين، رافضاً الإدلاء برأيه وموقف كتلته من مسألة الانسحاب الأمريكي، مشيراً إلى أن الموضوع سيناقش مع رؤساء الكتل البرلمانية لتحديد موقفها منه. ولا تعلن معظم الكتل السياسية الرئيسية مواقف واضحة من مسألة انسحاب القوات الأمريكية نهاية العام الحالي وفق الاتفاق الاستراتيجي بين البلدين، باستثناء الكتلة الصدرية التي أعلنت وبشكل رسمي عدة مرات رفضها لأي تمديد لفترة بقاء تلك القوات، فيما أعلن قادة كرد بينهم رئيس وزراء إقليم كردستان برهم صالح رغبتهم في بقاء تلك القوات لحين حسم المشاكل السياسية المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها فضلاً عن تعزيز قدرات القوات العراقية على حفظ أمن البلاد. وفي موقف متناغم ذكر رئيس أركان الجيش العراقي، ان العراق في حاجة إلى دعم القوات الأمريكية لعدة سنوات قادمة لحين تكملة تجهيز القوات العراقية.