تعصف المخاوف بالقارة الأوروبية طيلة الأسابيع الثلاثة الماضية وهي تدافع عن نفسها من بكتيريا فتاكة غامضة إلا أنه سرعان ما برز معهد الصين لعلوم الجينوميات منذ ايام والذي يبعد عن أوروبا قرابة سبعة آلاف كيلومتر كي يميط اللثام عن هذه الأزمة. ففي وقت متأخر من يوم الخميس الماضي أعلن المعهد الصيني لعلوم الجينوميات في بكين وهو أضخم مركز من نوعه في العالم لرصد تسلسل الحمض النووي الريبوزي المنقوص الأكسجين (دنا) في الكائنات الحية أن انتشار السلالة الفتاكة من البكتيريا المعوية (ايكولاي) في أوروبا مرجعه «سلالة بكتيرية جديدة ذات قدرات عالية على العدوى والسمية». وتمكن العلماء الذين حصلوا على عينات من (دنا) من البكتيريا من علماء يتعاونون معهم في المانيا خلال ثلاثة أيام فقط من رصد التسلسل الجيني بالكامل لهذه السلالة ليصبحوا أول من ينجح في إتمام هذه المهمة ثم بثوا نتائج أبحاثهم على شبكة الانترنت. كما تمكن الباحثون الصينيون أيضاً من تحديد الجينات على هذه السلالة البكتيرية المسؤولة عن إكسابها مقاومة ضد ثلاثة على الأقل من الطوائف الرئيسية للمضادات الحيوية وهو الأمر الذي يفسر الصعوبات التي تواجه الأطباء في أوروبا في مجال مكافحة هذه السلالة الفتاكة التي أودت بحياة 17 شخصاً وأمرضت أكثر من 1700 آخرين. ولايزال العمل جارياً في المعهد الصيني لعلوم الجينوميات الواقع إلى الشمال من هو نج كو نج لرصد خصائص هذه السلالة.. ويضم المعهد أكثر من 180 جهازاً لرصد التسلسل الجيني ليصبح أضخم مركز بحثي من نوعه في العالم ويعمل به أربعة آلاف شخص. ومعظم سلالات (ايكولاي) غير ممرضة بل إنها تمد الإنسان بفيتامين (ب)، إلا أن هذه السلالة اللعينة التي تروع ألمانيا وبعض بلدان أوروبا حالياً والمعروفة باسم (0104..اتش 4) فتعرف باسم سلالة شيجا المفرزة للسموم. وبمقدور هذه السلالة الالتصاق بجدران أمعاء المرضى ليتسنى لها إفراز سمومها مما يسبب الإسهال والقيء، أما في الحالات الحادة فإنها تسبب تحلل مكونات الدم وانطلاق البولينا علاوة على مهاجمة الكلى مما يفضي إلى الإصابة بالغيبوبة واعتلال وظائف أعضاء الجسم وربما السكتة الدماغية. وأكدت منظمة الصحة العالمية أن هذه السلالة لم يتم عزلها عن المرضى من قبل، مشيرة إلى أن هذه السلالة البكتيرية الفتاكة ربما تكون قد اكتسبت جينات إضافية مما جعلها على هذه الدرجة من الشراسة. ولايزال مصدر انتشار هذه العدوى غير معروف على وجه الدقة حتى الآن.