دعا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي يوم أمس الخميس اللبنانيين إلى تفويت الفرصة على الراغبين في دفع البلاد نحو الفتنة. وقال ميقاتي في كلمة نقلها التلفزيون بعد ساعات من صدور قرار الاتهام المتعلق باغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري: إن الأمر “يتطلب منا مقاربة واعية ومدركة نضع فيها مصلحة البلاد العليا وسلامتنا الأهلية ووحدتنا الوطنية وحرصنا على معرفة الحقيقة فوق كل اعتبار”. وأضاف: “سنتعاطى بمسؤولية وواقعية مع هذا الحدث انطلاقاً من أن القرارات الاتهامية أياً كان مصدرها ليست أحكاماً وأن الاتهامات تحتاج إلى أدلة دامغة لا يرقى إليها الشك وبأن كل متهم بريء حتى تثبت إدانته”. ومضى يقول: “دقة الظروف التي تمر بها البلاد تدعونا إلى التعقل والتبصر مليا أين تكمن مصلحة وطننا من جهة وما علينا القيام به كلبنانيين من جهة أخرى لتفويت الفرصة على الراغبين باستهداف هذا الوطن ودفعنا إلى فتنة نعرف متى تبدأ، لكننا حتماً لن نعرف متى تنتهي. هذا وقد صادق قاضي الإجراءات التمهيدية في محكمة الحريري، أمس الخميس، في لبنان على القرار الاتهامي الخاص باغتياله مباشرة بعد تسلمه من المحكمة الدولية. وكانت المحكمة الدولية سلمت للقضاء اللبناني القرار الاتهامي لاغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري, حيث أكدت مصادر من المعارضة اللبنانية تسليم وفد من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القرار الاتهامي إلى المدعي العام اللبناني سعيد ميرزا. وقال المنسق العام لقوى 14 آذار، فارس سعيد، لوكالة “فرانس برس”: “تشير المعلومات التي بحوزتنا إلى أن وفداً من المحكمة الدولية سلم المدعي العام سعيد ميرزا القرار الاتهامي في قضية اغتيال الحريري”. وذكرت المؤسسة اللبنانية للإرسال أن القرار يتضمن 4 مذكرات توقيف بحق متهمين كشفت منهم اسم مصطفى بدر الدين الذي وصفته بأنه مقرّب من حزب الله، وسليم العياش وحسن عيسى. مشيرة في ذات الوقت إلى صعوبة توقيفهم.. وبحسب خبراء قانونيين، فإن أمام لبنان مهلة 30 يوماً لتنفيذ مذكرات التوقيف، وفي حال عدم توقيف المتهمين خلال هذه المهلة، تنشر المحكمة الدولية علناً القرار الاتهامي وتطلب من المتهمين المثول أمام العدالة. ويأتي الإعلان عن تسليم القرار الاتهامي صباح الخميس إلى السلطات اللبنانية غداة إعلان الحكومة اللبنانية توصلها إلى صيغة “مقبولة من جميع الأطراف” حول الفقرة المتعلقة بالمحكمة الدولية، وهي الفقرة الأكثر حساسية في البيان الوزاري لحكومة ميقاتي التي شكلت في 13 حزيران - يونيو. وتجتمع الحكومة اللبنانية في هذه الأثناء لمناقشة بيانها الوزاري وإقراره قبل عرضه على مجلس النواب. وينقسم اللبنانيون بين مؤيد للمحكمة ورافض لها؛ إذ يتوقع حزب الله أن توجه إليه المحكمة الاتهام في الجريمة ويطالب بوقف التعاون معها، في حين يتمسك بها فريق رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، وحلفاؤه. من جانبه أكد رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري أمس أن لبنان يعيش لحظة تاريخية مميزة في حياته السياسية والقضائية والأمنية والأخلاقية. وقال الحريري في بيان صحافي عقب صدور القرار الاتهامي في جريمة مقتل والده رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري:”إننا ناضلنا جميعاً من أجل هذه اللحظة التاريخية وارتضينا ألا ننتقم وألا نحقد واتكلنا على الله سبحانه وتعالى وبدأنا مسيرة طويلة مكلفة”. وأوضح أن هذه هي الحقيقة والعدالة ظهرت عبر محكمة ذات طابع دولي فيها قضاة لبنانيون وتقدم الأدلة والبراهين وتعطي المتهمين أياً كانوا فرصة الدفاع عن أنفسهم.. وأكد أن الحكومة اللبنانية مدعوة سياسياً ووطنياً وقانونياً وأخلاقياً إلى تنفيذ التزامات لبنان تجاه المحكمة الخاصة بلبنان، ولا حجة لأحد في الهروب من هذه المسؤولية، مشدداً على الجميع الامتناع عن التشويش على مسار العدالة. ودعا الحريري إلى “أن نجعل من الإعلان عن صدور القرار الاتهامي فرصة لقيام الدولة اللبنانية بمسؤولياتها والتزام الحكومة اللبنانية بالتعاون الكامل مع المحكمة الدولية”، مشيراً إلى أن تسليم المتهمين للعدالة يعتبر ضمانة للديمقراطية والاستقرار. وتقدم بالشكر لعائلات الشهداء الذين سقطوا إلى جانب الرئيس الشهيد والذين أطلقوا شرارة الحرية في لبنان والوطن العربي واختاروا طريق العدالة لا الثأر وطريق الحقيقة لا الانتقام من أجل السيادة والحرية والاستقلال.