كما أن الأهمية السياحية لليمن تستمد من هذا الإرث الغني، وبالتالي فإن السياحة استناداً إلى هذا الإرث، ينبغي أن تمثل استحقاقاً هاماً في الأجندة الرسمية في الحاضر والمستقبل، في وقت تشكل فيه التنمية إحدى أهم وأكبر التحديات التي تواجه اليمن. خلال السنوات الماضية، تم اتخاذ جملة من التدابير والإجراءات، وتم صياغة التشريعات المنظمة لقطاع السياحة، وكان ذلك يمثل استجابة بمستويات مختلفة، لما يمكن وصفه بوتيرة نمو ملحوظة في هذا القطاع، تأتي من أفواج السياح المنتظمة التي تزور البلاد، التي شجعت على توظيف بعض الاستثمارات في إقامة فنادق ومطاعم مصنفة في المدن الرئيسة، وتأمين بعض الخدمات المرتبطة بالسياحة. وعي استثماري افتقد قطاع السياحة خلال الفترة الماضية، إلى مايمكن اعتباره، حالة وعي ضرورية بدوره الاقتصادي، وهذا الوعي، لم يكن ليتحقق ما لم تستوعب المؤشرات الإحصائية، التأثير المباشر وغير المباشر للسياحة وللإنفاق السياحي. اليوم هناك تحولات لافتة يعيشها قطاع السياحة، يتجسد هذا التحول في التطور الذي يشهده هذا القطاع على المستويين المؤسسي والتشريعي، وفي الحرص على معرفة دوره الاقتصادي في دعم الناتج المحلي الإجمالي، من خلال نظام إحصائي أكثر استيعاباً للتأثير المباشر وغير المباشر لهذا القطاع على مجمل الأنشطة الاقتصادية والخدمات. ولكننا مازلنا نعتقد بأن هذا القدر من التحول، يحتاج إلى إسناد حقيقي على المستويين الرسمي والشعبي، وهذا يفترض أن الجميع على وعي كامل بالأهمية الاقتصادية للسياحة.. ووسيلة تأسيس هذا الوعي وتعزيزه هو الإعلام بمختلف وسائله، الإعلام العام “إذاعة وتلفزيون” والصحافة، ومنابر الرأي، ويمكن لمنظمات المجتمع المدني والفعاليات الاجتماعية والمجالس المحلية أن تسهم هي أيضاً، في النهوض بهذا الدور التوعوي. هناك حقيقة مفادها أن قطاع السياحة، رغم الصعوبات الجمة التي يواجهها بسبب ضعف إمكانيات صناعة السياحة، والقصور في مستوى الوعي الاجتماعي تجاه هذا القطاع، فضلاً عن المهددات الطارئة، قد استطاع أن ينمي إسهاماته في دعم الناتج المحلي الإجمالي، ليتجاوز سقف ال85 مليار ريال خلال العام الماضي. آن الأوان، إذاً لكي ندرك جميعاً أن النفط الذي شكل خلال العقدين الماضيين الجزء الأهم من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، يسجل تراجعاً ملحوظاً، بسبب انخفاض حجم الإنتاج نتيجة لنضوب بعض الحقول.. وفي ظل حقيقة موضوعية كهذا يمكن القول إن من بين أهم البدائل الاقتصادية المتاحة أمامنا في اليمن، هو السياحة وليس غيرها. إنجاز تشريعي هناك مؤشرات يمكن البناء عليها، في تقديرنا لمستقبل السياحة في اليمن، فالبرلمان أظهر تفاعلاً كبيراً تجاه مقترحات الوزارة بشأن إصدار قانون للسياحة بديل عن القانون النافذ، وتعديل في قانون الترويج السياحي النافذ أيضاً. الوزارة هدفت من وراء هذا الإنجاز التشريعي إلى الارتقاء بالقطاع السياحي، وإزالة أية معوقات يمكن أن تؤثر في تطور هذا القطاع.. وفي حين تتوفر إمكانية للتغلب على المعوقات المؤسسية والتشريعية يبدو الأمر مختلفاً بالنسبة لبقية المعوقات، وخصوصاً تلك التي ترتبط بإدراك الأهمية الاقتصادية للسياحة. إن قطاع السياحة بالفعل، أحوج ما يكون إلى وعي الجميع بأهميته كثقافة دعماً لأهميته الاقتصادية، ويتعين أيضاً أن تتوفر الفرصة التي تتيح للجميع أن يلمس التأثير الإيجابي لهذا القطاع على المستويين العام والخاص، بحيث يدرك كل فرد أن السياحة توفر له فرصاً حقيقة، للعمل، وللدخل المجزي عبر مختلف المشاريع والمبادرات التي يُقدم عليها. تطور المؤشرات السياحية حسام الحكيمي معيد في كلية العلوم الإدارية ربما أراد في ورقته بعنوان المؤشرات السياحية أن يتجاوز النظرة التشاؤمية لواقع السياحة في البلاد كنتاج للهجمات الإرهابية الذي تعرضت له مناطق عديدة في اليمن واكتفى باستذكار تطور القطاع السياحي في ظل الوحدة اليمنية المباركة قبل الضربات الموجهة التي أرهقت هذا الجانب وكبدت اليمن خسائر فادحة حيث أشار قائلاً: لقد زاد حجم المنتج السياحي بعد تحقيق الوحدة المباركة حين عانقت تعزعدن والتقت إب بالضالع والبيضاء بأبين والتحمت مأرب بشبوة وحضرموت ورغم حداثة النشاط السياحي إلا أن المؤشرات الأساسية أظهرت تطوراً ملموساً خلال الخمس عشرة سنة الأولى من عمر الوحدة حيث ارتفع عدد السياح من 52 ألف سائح في العام 1990م إلى حوالي 200 ألف سائح خلال العام 2004م أي بزيادة 285% وقد شكلت نسبة السياح القادمين من دول أوروبا وخاصة ألمانيا وايطاليا وفرنسا، بين 50 65% من السياح خلال الفترة 1990م 2000م مقابل 18% نصيب السياح الوافدين من الشرق الأوسط غير أن الوضع تغير في السنوات الأخيرة حيث زادت نسبة السياح الوافدين من الشرق الأوسط ليصلوا إلى 68% أغلبهم من دول الخليج العربي أما بالنسبة للعائدات السياحية فقد ارتفعت من 40 مليون دولار عام 1990م إلى 180 مليون دولار في العام 2004م. تطور الإيواء الفندقي ويتطرق الحكيمي إلى تطور الإيواء الفندقي قائلاً: شهدت معظم المدن اليمنية تطوراً كبيراً في بناء الفنادق السياحية وزاد عدد المنشآت الفندقية من 111 منشأة في عام 1990م إلى 457 منشأة في العام 2004م بزيادة 412% حيث كانت المنشآت الفندقية قبل قيام الوحدة محصورة في بعض عواصم المحافظات مثل صنعاءتعزالحديدةعدنالمكلا وقد ارتفعت الطاقة من الإيوائية للفنادق المنتشرة في كافة المحافظات من 7816 سريراً إلى 35.316 سريرا خلال الفترة نفسها بزيادة قدرها 452%، بالإضافة إلى التطور الملموس في المطاعم السياحية التي بلغت 1247 مطعماً في عام 2004م مقارنة ب 75 مطعماً في العام 1990م، كما انتشرت خدمات وكالات السياحة والسفر بشكل ملحوظ؛ إذ بلغ عدد الوكالات في العام 2004م أكثر من 328 وكالة مقابل 70 وكالة عام 1990م، وقد أدى تطور المؤشرات السياحية الأساسية إلى ظهور الأهمية الاقتصادية للسياحة كنشاط واعد حيث ارتفع عدد العاملين في مجال السياحة من حوالي 8 آلاف عامل عام 1990م إلى أكثر من 50 ألف عامل عام 2004م. آفاق التنمية السياحية وعن هذا الجانب يؤكد الحكيمي بالقول:”صنفت سياسات وخطط التنمية السياحية أولويات التنمية المستقبلية واعتبرت السياحة من القطاعات الواعدة؛ نظراً لأهميتها في رفد الاقتصاد الوطني بموارد جديدة ومتجددة، وتؤكد التوجهات أن هذا القطاع سيحظى باهتمام سواء في مجال البناء الإداري والمؤسسي أو من خلال تطوير البنية الأساسية والاهتمام بتدريب وتأهيل القوى العاملة، ويعد إعلان 2005م كعام للترويج السياحي دليلاً على بدء مرحلة جديدة من الاهتمام بتنمية وتطوير هذا القطاع واستغلال فرص الاستثمار الكبيرة فيه.