تظل قضية المدرب الوطني نجاحه وفشله وقوة شخصيته وضعفها من الأمور والبديهيات التي لا تزال تطرق أبواب رياضتنا المغلوبة على أمرها، ومحلك سر لا يدرك أسرارها إلا من تعمق ببواطن الأمور الرياضية الكروية منها على وجه الخصوص. أعجبتني بعض التناولات الرياضية والتي كان بعض الزملاء ولا يزالون يتداولونها فيما بينهم وخلصت في مجملها العام حول مفهوم واحد مفاده سؤال يطرح نفسه وبقوة وبمنتهى الصراحة هل المدرب الوطني يعد في المفهوم العام مدرباً ظالماً أم مظلوماً؟ . ورغم الاجتهاد في هذا الموضوع إلا أن هناك بعض الأرصدة التي طرأت على البال وتناولتها في مواضيع سابقة ورغم أن الحق لا «يزعل» أحد وهي حقيقة لا جدال فيها فإن هذه المواضيع تعد من ذوات الحساسية المفرطة والتي لا قد لا تجد لها في طيات هذه السطور أجوبةمقنعة. الرصيد الكبير للمدربين الوطنيين مع المنتخبات الوطنية المختلفة تشهد بما لايدع مجالاً للشك أن المدرب الوطني قد حقق انجازات عجز عنها أقرانه من المدربين الأجانب من عرب وعجم ولعل هناك انجازات لا يزال صداها يرتفع ببورصة المدربين الوطنيين مقارنة بما حققه المدرب الأجنبي، من الأمثلة التي لا حصر لها قيادة منتخب الأمل للناشئين إلى نهائيات كأس العالم للناشئين في فنلندا وبطاقم تدريبي يمني بحت وبقيادة المدرب غير المحظوظ والمحنك والكفؤ الكابتن أمين السنيني والذي يضرب بيد من حديد حارة في كل مكان يعمل فيه مع المنتخبات والأندية التي دربها وربما كان هذا سبباً من الأسباب التي أدت به في نهاية المطاف إلى الاعتذارات المتوالية كما حدث آخر مرة مع صقر الحالمة تعز ودخوله في مشادة كلامية مع بعض النجوم من ذوي العيار الثقيل ولكنه مع ذلك نجح فيما بعد مع منتخبات أكبر وأندية أكبر وينطبق نفس الحال على الكثير من المدربين الذين يحملون ماركة طيبة أسمها مدرب ناجح مع مرتبة الشرف كما كان الحال مع المدربين الذين نجحوا مع الكثير من الأندية وفشلوا مع أندية أخرى ولكنه فشل بمسببات دخيلة تسببت فيها الكثير من الأيادي الدخيلة على الرياضة وعلى إدارات بعض الأندية على وجه التحديد كما هو الحال بالمدربين الوطنيين المحنكين والناجحين بجدارة أمثال الكابتن محمد اليريمي وعادل المنصوب وطيب الذكر وليد النزيلي وخالد الخربة والمخضرم أحمد علي قاسم والنعاش سامي والمرحوم عبدالله عتيق والخلوق عبدالله فضيل ورفيق دربه محمود عبيد و أبو الكباتن حيدرة فضل وجميعهم يستحقون عن جدارة النجاح وقيادة المنتخبات والأندية رغم ما يفتح عليهم من الأقلام الرياضية أو لنقل من البعض منهم من نار قد لا يستطيع أحد تحمل حرارتها المحرقة ولا ننسى المدرب عبدالوهاب الهدار وعلي العبيدي والاخير نجح كثيراً وتحمل الكثير من الأعباء وقد يكون بعضها لأغراض شخصية لم تستطع النيل من تألقه ونجاحه التدريبي. الأسباب كثيرة لعل أبرزها مع هذا الوضع أتطرق إليه من الواقع الإداري من وجهة نظر الكثيرين ممن عمل مع المدرب الوطني وعاصر المدرب الأجنبي وشتان بين الاثنين أو بين الطرفين. الجانب الإداري و-يرى البعض أن الإدارات تعمد كثيراً إلى ترجيح كفة المدرب الأجنبي على المدرب الوطني المغلوب على أمره من الجانب الأول وهو أن جميع طلبات المدرب الأجنبي مجابة فيما يخص جانب الحوافز المادية واللاعبين المحترفين ومتطلبات التدريب والامكانات المتاحة ونرى كل هذا يقابل بحوافز حديدية فولاذية فيما يطلب المدرب الوطني وترى أن هذه المتطلبات تعتبراً أموراً تعجيزية في حد ذاتها ونرى أن الكثيرين يحملون المدرب الوطني كل أسباب ومسببات التعثر ولا أقصد هيئة إدارية محددة ولكنها بالفعل موجودة ولا ينكرها أحد والخسارات التي يتعرض لها الفريق كذلك أو كما يقولون للفوز والانجازات ألف أب وأما الخسارات فليس لها إلا أب واحد هو المدرب الذي يتعرض دائماً للنهش في جسده أما إذا تعرض المدرب الاجنبي لهذا الظرف فإن الجميع يلتمسون له ألف عذر وعذر ويخرجونه من الملامة كما يقال في المثل كالشعرة من العجين!! فالجميع يدافعون عنه فقط لأنه مدرب يعمل تحت ظروف لم تسعفه للنجاح وخيرها في غيرها أو كما يقول البعض نترك له فرصة أخيرة. ونرى أن المدرب الأجنبي لم يكن في الكثير من المواسم ناجحاً إلا أنه حصل على ظروف طيبة وأجواء ملائمة توفرت له الامكانات المادية والبشرية من لاعبين أكفاء محليين وأجانب كما حدث مع مدرب الصقر سيوم كبدي الذي نجح مع مرتبة الشرف في الصقر وفشل في التلال .. والمصري محمد حلمي الذي نجح في أهلي صنعاء وشباب البيضاء وفشل في أهلي تعز .. كما هو الحال أيضاً مع طيب الذكر الكابتن سامي النعاش أكثر المدربين اليمنيين فرصة مع المنتخبات الوطنية حتى وإن رافقه الفشل في بعض المشاركات سواء مع الاندية أو المنتخبات ولكنه فشل في الهلال الساحلي والتلال ومع ذلك يظل علامة فارقة في جبين الرياضة اليمنية والتدريبية على وجه الخصوص . نعود إلى المدرب العراقي المخضرم الكابتن فيصل عزيز المدرب العراقي الكفؤ الذي حقق الكثير من النجاحات مع عديد الأندية التي دربها ومع ذلك نجح في شعب إب نجاحاً باهراً وعندما اضطرته الظروف إلى الانتقال لأندية أخرى تجرع معها الويلات وفشل فشلاً ذريعاً مع أندية أهلي ووحدة صنعاء وأخفق أكثر عندما عاد إلى شعب إب مرة أخرى بمعنى أن نجوم الأندية ولاعبيها وتخمتها هي التي تصنع المدربين وتجعلهم في أعلى درجات وسلم النجومية التدريبية وتجعلهم في الهاوية عندما يفقد البريق أو يغيب الجانب المادي المغري كما حدث في أندية شعب إب والصقر والهلال الساحلي والتلال وأهلي صنعاء. خلاصة الخلاصة في هذه التناولة أجدها تتحدث عن واقعين متناقضين وهي أن المدرب الوطني ونظيره الأجنبي يفشلان حيث يظهر الفشل وينجحان في الجانب الآخر ولنا أمثلة في مدربين حققوا نجاحات وفشلٍ كبيرين وهذا لاينكر وجوده الكثير من المدربين المقتدرين من الجانبين كما هو الحال في المدرب العراقي المخضرم خليل محمد علاوي ونعرفه جيداً ونعرف انجازاته التي حققها مع أفضل أجيال شعب إب وأبرزها نجومية وأكثرها ملائمة جماهيرية ومادية وبشرية. وأرى أن المدرب الوطني يحتاج للكثير والكثير من سبل النجاح وأبرز هذه السبل تكمن في الآتي: 1 - إعطاء المدرب الوطني الكثير من الثقة المنعدمة من الكثير من الإدارات الرياضية. 2 - تشكيل لجانٍ فنية وإشرافية تعمل على محاسبة المدرب سلباً أو إيجاباً ووفق رؤى وطرق كروية بحتة وغير قابلةٍ للجدال. 3 - إعطاء الأجهزة الفنية الوطنية الصلاحيات المخولة لهم وعدم التدخل في الجوانب الفنية التدريبية سواء من قريب أو بعيد. 4 - عدم فرض النجوم الصغيرة على المدربين إلا وفق رؤية وإقتناع شخصي من المدربين ونظرتهم المستقبلية حتى لايكون الصاعدون عرضة للإحراق والانتهاء قبل فترة النجومية نتيجة انتقاله من واقعٍ صغير إلى واقع كبير فيه الكثير من الصعوبة مع عدم إنكار أن هناك نجوماً صاعدين يستطيعون التأقلم مع الكبار والخوض في منافساتهم. 5 - إعطاء المدرب الوطني من الحوافز المادية والمعنوية بقدر مايقدم للكادر الأجنبي الذي يعامل بالعملة الصعبة فيما يتقاضى الوطني الفتات وخصوصاً عندما يتم إبعاد المدرب الأجنبي من صفوف التدريب مع الأندية حال فشله أو عدم قدرته على تحقيق أي شيء يذكر. 6 - إعطاء المدرب الوطني كافة الصلاحيات للتعامل مع اللاعبين بقدر نجوميتهم وليس بقدر ثقلهم في الفريق وفتح مبدأ الثواب والعقاب.