المقاومة الوطنية التابعة لطارق صالح تصدر بيان هام    صيد حوثي ثمين في محافظة جنوبية يقع بيد قوات درع الوطن    ليس حوثي!.. خطر كبير يقترب من مارب ويستعد للانقضاض على منابع النفط والغاز ومحلل يقرع جرس الإنذار    عملية نوعية لقوات الانتقالي تحبط تهريب معدات عسكرية لمليشيا الحوثي في لحج    العودة المحتملة للحرب: الحوثيون يلوحون بإنهاء الهدنة في اليمن    نائب مقرب من المليشيا: سياسة اعتقالات الحوثي تعجل بالانفجار الكبير    التلال يضيف لقب دوري عدن إلى خزائنه بعد انتصار صعب على الشعلة    احتجاز أكثر من 100 مخالف للزي العسكري في عدن ضمن حملة أمنية مكثفة    صحفي يمني مرموق يتعرض لأزمة قلبية طارئة في صنعاء    مليشيا الحوثي تختطف أكثر من 35 شخصاً في إب دعوا للاحتفاء ب26سبتمبر    إصلاح البيضاء يدشن الدوري الرياضي الأول لكرة القدم احتفاءً بذكرى التأسيس    التلال يقلب النتيجة على الشعلة ويتوج بلقب كأس العاصمة عدن بنسختها الثانية    الوية العمالقة تعلق عل ذكرى نكبة 21 سبتمبر وسيطرة الحوثي على صنعاء    طالب عبقري يمني يحرم من المشاركة في أولمبياد عالمي للرياضيات    استشاري إماراتي: مشروب شهير يدمر البنكرياس لدى الأطفال ويسبب لهم الإصابة بالسكري بعد بلوغهم    بالوتيلي يريد العودة للكالتشيو    نيوكاسل يونايتد يحصّن مهاجمه من ليفربول    مدافع يوفنتوس مرشح لخلافة فان دايك في ليفربول    الجنوب لن يدفع ثمن مواءمات الإقليم    أمريكا ترفض إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية    تزامنا مع الذكرى ال34 للتأسيس.. اصلاح سيئون ينظم برنامجا تدريبيا للقيادات الطلابية    بمناسبة ذكرى التأسيس.. إصلاح غيل باوزير يقيم أمسية احتفالية فنية وخطابية    القاهرة.. نقابة الصحفيين اليمنيين تناقش تحريك دعوى قضائية ضد مليشيا الحوثي    متظاهرون في مارب وتعز ينددون باستمرار جرائم الإرهاب الصهيوني بحق سكان قطاع غزة    اديبة يمنية تفوز بجائزة دولية    وفاة الإمام أحمد في تعز ودفنه في صنعاء    اتهام رسمي أمريكي: وسائل التواصل الاجتماعي تتجسس على المستخدمين    موناكو يقلب النتيجة على برشلونة ويتغلب عليه بدوري أبطال أوروبا    شيوع ظاهرة (الفوضى الدينية) من قبل بعض أئمة ومشائخ (الترند)    معارك وقصف مدفعي شمالي محافظة لحج    البنك المركزي اليمني بعدن يجمد أصول خمس شركات صرافة غير مرخصة    فرحة الزفاف تنقلب إلى مأساة في الحديدة    الهجري: مأرب وقبائلها أفشلت المشروع الكهنوتي وأعادت الاعتبار للجمهورية    في مشهد صادم: شاب من تعز ينهي حياته والسبب ما زال لغزاً!    بداية جديدة: الكهرباء تستعيد هيبتها وتعيد النظام إلى الشبكة في لحج    الانترنت الفضائي يدخل ضمن ادوات الحرب الاقتصادية في اليمن    جيشها قتل 653 ألف ثائر مسلم: سلفية الهند تحرّم الخروج على وليّة الأمر ملكة بريطانيا    حرب التجويع.. مؤامرات الأعداء تتعرض لها المحافظات الجنوبية    منظمة الصحة العالمي تكرم الوكيل الدكتور الشبحي    الصين: ندعم بحزم قضية الشعب الفلسطيني العادلة لاستعادة حقوقه المشروعة    النفط يرتفع في التعاملات المبكرة بعد خفض أسعار الفائدة    بعد توقفها لسنوات.. مطار عدن الدولي يستقبل أولى رحلات شركة افريكان أكسبرس    البنك المركزي يجمّد أصول خمس شركات صرافة غير مرخصة    نمبر وان ملك الأزمات... سيدة تقاضي محمد رمضان بعد تعديه على نجلها بالضرب    رئيس كاك بنك يبحث فرص التعاون المشترك مع البنك الزراعي الروسي في بطرسبورغ    خطط لتأهيل عشرات الطرق في عدن بتمويل محلي وخارجي    صنعاء تعاني تصحر ثقافي وفني .. عرض اخر قاعة للعروض الفنية والثقافية للبيع    3 اعمال لو عملتها تساوي «أفضل عبادة لك عند الله».. اغتنمها في الليل    أأضحك عليه أم أبكيه؟!    شجرة العشر: بها سم قاتل وتعالج 50 مرضا ويصنع منها الباروت (صور)    بالصور .. نعجة تضع مولود على هيئة طفل بشري في لحج    سيدي رسول الله محمد .. وُجوبُ تعزيرِه وتوقيرِه وتعظيمِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم    14 قطعة في المباراة.. لماذا يحرص أنشيلوتي على مضغ العلكة؟    مؤسسة ايوب طارش توضح حول ما نشر عن ملكية النشيد الوطني    السلطة عقدة بعض سياسيِ الجنوب.    يسار الاشتراكي وأمن الدولة يمنعون بناء أكثر من 10 أدوار ل"فندق عدن"    في هاي ماركيت بخورمكسر: رأيت 180 نوعاً من البهارات كلها مغلفة بطريقة انيقة.. هل لا زالت؟؟    لم يحفظ أبناء اليمن العهد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدرسة الأحرار وملاذ الأبطال !
عدن.. قلب اليمن النابض...

مثلت مدينة عدن المعطاءة الحضن الحنون والملاذ الآمن للثوار والأحرار في كل اليمن مجسدة لوحدة اليمن أرضاً وشعباً قبل قيام الثورات التحريرية، مما يعطيها الريادة في تجسيد الوحدة اليمنية رغم كل المحاولات من الاستعمار البريطاني والحكم ألإمامي البائدين لتجزئة اليمن وتقسيمه ونشر الثقافة الانفصالية والشطرية لتؤثر على روابط الشعب الواحد.. حول الدور الرائد لمدينة عدن في ثورة 26سبتمبر وثورة 14أكتوبر وكذا دورها الرائد في تجسيد الوحدة اليمنية..
ودورها الفاعل في دعم الانتفاضات والحركات الوطنية التحررية في اليمن كان اللقاء مع المناضل مقبل عوض علوان والذي استهل حديثه بالقول: عدن مدرسة الوحدة عدن الباسلة التي قدم أبناؤها تضحيات في كل انتفاضة أو حركة وطنية في كل أجزاء اليمن شمالاً وجنوباً.. فلتعط عدن حقها في التكريم والعرفان بما قدمت ولا تحرم وأهلها من نصيبهم في الرعاية والاهتمام والمشاركة في كل نعم الحرية المحققة ونيل المكانة اللائقة.
ملهمة وحاضنة للثوار
واستطرد المناضل علوان: عدن هي الملهمة والحاضنة للثوار وأهلها الكرام يستحقون الوفاء والعرفان لأدوارهم البطولية، فكل واحد فيهم بطل أعطى بلا حدود، وقدم بسخاء، وضحى بعنفوان. على سفوحها وسهولها وهضابها ولدت الوحدة اليمنية لأول مرة.. وفوق ترابها تجسدت واحدية الثورة اليمنية..لم تتخلف عن أداء دورها الريادي في أي وقت من الأوقات، كانت السباقة والمبادرة وفي الطليعة دائماً وأبداً.. وعندما ضاقت أراضي الشطر الشمالي (سابقاً) بالثوار والأحرار من أبنائها إبان عهد الإمامة البائد.. كانت عدن الصدر الرحيب والحضن الدافئ والملاذ الآمن والداعم لهم.
اضطرابات بين اليهود والعرب
كما أشار المناضل /علوان إلى أن عدن كانت في الطليعة ضد إقامة الكيان الصهيوني عام 1948م، فقد بدأت الاضطرابات بين اليهود والعرب في مدينة عدن في ديسمبر 1947م وكان الحادث الأول قد وقع في كريتر بتاريخ 3/12/1947م وقتل فيه ثلاثة من العرب وأصيب أربعة منهم بإطلاق النار، كما أحرقت سيارات ومحلات اليهود، ولكن لم تقع أية إصابات بين اليهود، وقد اندلعت عدة حرائق في الشيخ عثمان شملت معبد اليهود وبيوتهم في قسم (أ) شارع رقم (1) وبعض المحلات اليهودية وجرت حوادث شغب وقتل بين العرب واليهود في المعلا والتواهي.
فرض حظر التجوال
ومضى علوان يروي ذكريات النضال: في الخامس من ديسمبر من العام 1947م تم فرض حظر التجوال، وقد حصل القائد البريطاني على المساعدة من الأسطول البريطاني ومد مرتين، وتم استدعاء مشاة البحرية البريطانية لوضعها في حالة الاستعداد.
انفجرت قنبلة في 24 ديسمبر 1947م في مكان العمال بحجيف،وتسببت في مقتل اثنين من العرب وجرح ستة منهم، وكان إجمالي الإصابات المعروفة بفعل الأحداث بين العرب والهنود والمسلمين من أبناء عدن 38 حالة و 76 حالة بين اليهود والهندوس. وأثناء الاضطرابات تم احتجاز 448 شخصاً وقد نظر في قضايا 226 من قبل المحاكم، 12 منهم سجنوا لمدة سنتين و 52 شخصا تم الإفراج عنهم لعدم اشتراكهم بأية أحداث و 127 أخذوا من قبل القوات البريطانية في أوقات مختلفة لاحتجازهم وبدون أية تهم محددة، وقد طردوا من مستعمرة عدن وسادت حالة طوارئ في 5 ديسمبر 1947م واستمرت خلال شهر يناير 1948م. طالبت الجالية اليهودية بالتعويض مقابل ما حصل لها وأمرت الحكومة البريطانية بتكوين لجنة تحقيق للنظر في أسباب الاضطرابات التي حصلت في عدن كذلك في 8 مارس 1948م واستمرت لمدة شهر تقريباً. وقد شارك في هذه القضية السر هاري ترستيد من انجلترا للقيام بمهام التحقيق، المدعي العام أي كروشو، نيابة عن الحكومة، السيد منتوتيش، محامي من لندن نيابة عن الجالية اليهودية والقبطان أرلي نيابة عن مركز القوات الجوية. وعن العرب الشيخ محمد عبدالله المحامي والد الشيخ طارق المحامي،السيد محمد علي لقمان المحامي والأستاذ محمد حسن هندا. وقد أستدعى المدعي العام 61 شاهدا، 16 انجليزيا معظمهم من رؤساء القوات المسلحة، الأسطول، الشرطة والإدارة وهم مكلفون بواجبات مختلفة على سبيل المثال، المارشال ليدفورد والقائد ريتشارد بين و 13 يهوديا من ضمنهم واحد فرنسي هو السيد انتوني بسن قسان مسيحيان وواحد فارسي وآخر هندوسي، و 25 عربيا بمن فيهم هنود مسلمون، وكان منهم الشيخ سالمين عمر باسنيد وحامد احمد ميسري وصالح جعفر والشيخ خالد عبداللطيف والشيخ سعيد احمد عبد عمر بازرعة وعبده صالح ضالعي. وقد قام السيد كروشو المدعي العام والسيد بنتويك المحامي والشيخ عبدالله المحامي جميعهم قاموا باستجواب ومناقشة الشهود، وقد مثلت هذه الأحداث بداية الهجرة لليهود من عدن إلى إسرائيل وقد بلغ عدد اليهود الذين هاجروا من اليمن إلى إسرائيل (فلسطين المحتلة) 38 ألف يهودي ولم يستغرق نقل هذا العدد من رجال ونساء وأطفال أكثر من 10 أشهر..
وكان من جملة هذا العدد 4000 يهودي من عدن أما العدد الذي بقي في اليمن والمحميات فكان لا يقل عن 20 ألف يهودي، كما قدرته حكومة إسرائيل في تلك الفترة.
العدوان الثلاثي على مصر
ولم تتقاعس عدن عن أي دور وطني أو قومي أو ديني.. وفي هذا الصدد يؤكد المناضل/علوان: كان لعدن حضورها الفاعل عند العدوان الثلاثي على مصر، فقد وقف عمالنا في عدن من العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م وقوف الأبطال ورفضوا في الميناء والمطار تزويد السفن والطائرات الحربية البريطانية بالوقود فاضطروا إلى إيجاد سفينة عائمة في البحر لتموين سفنهم. كما كان لعدن وعمالها موقف مشهود في رفضهم تفريغ أو شحن أي سفينة أمريكية في ميناء عدن رداً على معاملة الأمريكان للسفينة المصرية كليوباترا التي رفضوا تقديم خدمات لها.
حضور فاعل مع كل الثورات وكذا كان وقوف عدن في دعم ونصر ثورة الجزائر. وليس ببعيد عن الذاكرة الدور الحيوي الذي لعبته عدن على الصعيد الوطني عبر كل المراحل في مقارعة الاستعمار والتصدي له فكانت بركاناً يتفجر تحت أقدام المستعمر كما كان لعدن حضور فاعل مع كل الثورات التي قامت في اليمن منذ ثورة ابن عبدات عام 1940- 1945م بالغرفة في حضرموت، ومع ثورة الأحرار في صنعاء عام 1948م، وما تلتها من ثورات الربيزي في العوالق والمصعبي في بيحان وآل أمد ماني في العواذل والمجعلي في دثينة ومحمد بن عيدروس في يافع السفلى (القارة) والمصلي في يافع العليا وحالمين والصبيحة والحواشب وردفان والضالع (الشعار) آل الشاعري.
ساحة ملتهبة لمختلف الفعاليات
وكانت عدن ساحة ملتهبة لمختلف الفعاليات والحركات العمالية والحزبية والثقافية والشبابية والأدبية والنسائية والطلابية والصحفية...الخ. وفي هذا يقول المناضل/علوان: لم تستطع قوى الاحتلال الاستعمارية التغلب على وحدانية اليمن شعبا وأرضاً رغم إيغال البريطانيين بتجزئة جنوب الوطن وتقسيمه ولم تؤثر الثقافة الانفصالية والشطرية التي كرستها بريطانيا على روابط الشعب الواحد، فقد كانت عدن تضم بين أحضانها من أبناء اليمن شمالاً وجنوبا دون تفريق بينهم وحققت النواة الفعلية للوحدة اليمنية.
تكوين تجمعات مهنية
في مطلع الخمسينيات من القرن العشرين بدأ تكوين تجمعات مهنية كان أبرزها نقابة العمال الفنيين برئاسة صادق زين، ونظراً للظلم الفادح الذي كان يعانيه العمال من قلة الأجور وساعات العمل غير المحدودة والطرد التعسفي وغيره من المعاناة كالمرض والإصابة في العمل، أدى كل ذلك إلى حدوث انتفاضات عمالية وصدامات مع قوى الأمن للسلطات الاستعمارية وقد كان للجبهة الوطنية المتحدة وأمينها العام الأستاذ محمد عبده نعمان الحكيمي فضل كبير في تنوير العمال بحقوقهم المهضومة وتحفيزهم للقيام بإضرابات لنيل حقوقهم.. ولم تجد السلطات البريطانية من سبيل إلا أن تقوم بتسفير الأستاذ محمد عبده نعمان بحجة أنه من مواليد الشمال الذي كانوا يعتبرونه في نظرهم أجنبيا والتسفير إلى الشمال في ذلك الوقت كان أقسى عقوبة يواجهها المرء فهول المعاناة التي كان يواجهها الشعب في ظل الحكم الإمامي الكهنوتي جحيم لا يطاق.. فالفقر والمجاعة والجهل والأمراض كانت الحالة السائدة التي كان يعيشها أبناء الشطر الشمالي من الوطن.. فالراحل إلى هناك كالمستجير من الرمضاء بالنار. ومع ذلك لم تتوقف الانطلاقة واستمرت البذرة الأولى في تكوين عدد من النقابات في مراحلها الأولى بفضل استمرارية وجهود عدد من المناضلين النقابيين أمثال عبده خليل سليمان وعبدالله عبدالمجيد الاصنج ومحمد سعيد مسواط ومحمد سعد القباطي ومحمد السوقي ومحمد سالم علي عبده وحسين سالم باوزير وعبدالقادر الفروي وغيرهم، وكان من أول مهامها الأساسية هي الدفاع عن حقوق العمال وتوعيتهم وتنويرهم عبر المنشورات واللقاءات والمطالبة بحقوقهم والدفاع عنها.
مؤتمر عدن للنقابات
وبفضل تلك الجهود المخلصة تحققت بعض المكاسب العمالية مما شجع الكثيرين إلى الانضمام إلى تلك التجمعات لتشكل النقابات ثم الاتحادات العمالية التي انضوت جميعها يوم 3 مارس 1956م لتشكل مؤتمر عدن للنقابات برئاسة الأخ محمد سعيد مسواط ونيابة الأخ محمد سعد القباطي وأمينها العام الأخ عبدالله عبدالمجيد الاصنج الذي كان له دور مميز ونشاط في إحداث تكوين الحركة العمالية. لقد حقق هذا التجمع وحدة عمالية راسخة التزاما بالدفاع عن حقوق العمال المهضومة والنضال الدؤوب من أجل تحقيق حياة فضلى والحد من جشع أرباب الشركات الأجنبية، فأعلنت الإضرابات وقامت العديد من التظاهرات لتحقيق ذلك. ولقد كان هذا التجمع العمالي العظيم مصدر إقلاق للسلطة البريطانية، لاسيما وقد تمكن من خلق علاقات دولية واسعة على المستوى العربي والأجنبي بعد أن أثبت وجوده بدعم شعبي هائل.
يوم الزحف الخالد على المجلس التشريعي
وقد تصاعد النضال الوطني في عدن بحسب شهادة المناضل مقبل علوان إلى أوجه حين تضامنت القوى الوطنية للتصدي للمشروع البريطاني في ضم عدن إلى بقية الكيانات تمهيدا لقيام مشروع الاتحاد العربي فدعى المؤتمر العمالي وحزب الشعب الاشتراكي إلى الزحف إلى المجلس التشريعي الذي كان قد تقرر عقده لضم عدن إلى الاتحاد المزيف، وتعرض عدد من قادة المؤتمر العمالي والحركة الوطنية إلى الاعتقال من قبل الأجهزة البريطانية بهدف إفشال الزحف. والزحف الخالد الذي شهدته عدن في الرابع والعشرين من سبتمبر عام 1962م أضحى وساماً على صدرها حيث خرجت الجماهير ملتهبة المشاعر في مظاهرات زحفت إلى مبنى المجلس التشريعي، وقد عجزت القوات البريطانية عن إيقاف الزحف الشعبي رغم استعمالها القنابل المسيلة للدموع بكثافة، فأطلقت النارعلى المتظاهرين وتواصلت المظاهرات يوم 25سبتمبر 1962م وكانت حصيلة تلك المواجهات استشهاد خمسة وجرح 15 واعتقال 120 من المتظاهرين وتعرض للاعتقال عبدالله الأصنج ومحمد سالم علي وإدريس حنبلة وغيرهم . هؤلاء هم ضحايا مظاهرات 24سبتمبر. وبلغ عدد الضحايا ما يقارب إثنا عشر شخصاً في الاشتباكات التي دارت بين جموع الشعب التي اشتركت في المظاهرة يوم 24 سبتمبر وبين قوات الأمن وهم:عبدالرحمن عبده/توفي على إثر إصابته برصاصة قبل وصوله المستشفى.
. عبدالرحمن- توفي في المستشفى على إثر إصابته برصاصة اخترقت الرصاصة كتفه ورقبته واستقرت بالقرب من أذنه.
. شخص غير معروف/ مات برصاصة اخترقت قلبه.
. سالم صالح/ أصيب بجراح رصاصة في ظهره وكسر في جمجمته توفي على إثرها.
عبده سيف/ أصيب بجراح. في ساعده الأيسر.
عبدالقادر محمد علي/ أصيب بجراح رصاصة في ظهره.
علي عبدالله فائز/ أصيب بجراح رصاصة في رأسه وساقه.
على أحمد/ أصيب بجراح رصاصة في فخذه.
عبدالله محمد علي الهريش/ أصيب بجراح في الجانب الأيسر من جهة وفي قدميه.
محمد غالب/ أصيب بغازات مسيلة للدموع.
محسن محمد عوض/ أصيب في رأسه نتيجة اصطدام سيارة به.
عبدالقوي/ وعلي إسماعيل ومنصور سليمان أصيبوا بغازات مسيلة للدموع و12آخرين.
احتفال بثورة سبتمبر
وفي اليوم الثالث الموافق 26سبتمبر حققت الثورة الانتصار في صنعاء وخرجت عدن عن بكرة أبيها تبايع الثورة وتؤيدها مما حدا بقيادة الحركة الوطنية والعمالية آنذاك بعد يومين إثنين من قيام الثورة الخالدة في 28سبتمبر 1962م إلى تنظيم مهرجان خطابي جماهيري على ساحة المؤتمر العمالي وكان حشداً هائلاً قدر يومها بأكثر من 60 ألف من العمال المواطنين وألقيت في ذلك الحشد الجماهيري أقوى الخطابات الحماسية من قبل أعضاء قيادة الحركة العمالية تؤكد فيها دعم الثورة و إسنادها بكل غالي ورخيص وأنذرت السلطات البريطانية علانية من مغبة أي حماقة تقوم بها بريطانيا ضد الثورة في صنعاء وأعلنت من خلال هذا المهرجان فتح باب التطوع للدفاع عن ثورة سبتمبر حيث بلغ عدد المتطوعين خمسة ألاف ووصل إلى عشرين ألف. كما فتح باب التبرع فتبرعن من خلاله نسوة عدن بالذهب والمجوهرات بالإضافة إلى الأموال النقدية. وقد غادر الوطنيون المعتقلون من القيادة العمالية السادة عبدالله عبدالمجيد الأصنج رئيس حزب الشعب الاشتراكي والأمين العام للمؤتمر العمالي ومحمد سالم علي وإدريس حنبلة العمالي وحزب الشعب والحركة العمالية، الذين تعرضوا للاعتقال نتيجة دعوة المؤتمر العمالي وحزب الشعب إلى الزحف إلى المجلس التشريعي رفضاً للمشروع البريطاني في ضم عدن إلى الإتحاد المزيف (إتحاد الجنوب العربي) وكان اعتقالهم لإفشال الزحف الذي تم 24 سبتمبر 1962م... وعجزت القوات البريطانية عن إيقافه واستمرت المظاهرات يوم25 سبتمبر 1962م. وكان خروج القادة المذكورين من المعتقل يوم 8سبتمبر 1962م وهو يوم الدعوة لتنظيم المهرجان الخطابي الجماهيري تأييداً لثورة 26سبتمبر وقد كانت أياما مشهودة..
ولتأكيد دور عدن الريادي فقد صرح الأمين العام للمؤتمر العمالي ورئيس حزب الشعب الإشتراكي السيد عبدالله عبدالمجيد الأصنج بعد مغادرته السجن قائلاً:(إننا نعتبر قيام الثورة في الشمال وإعلان جمهورية عربية يمنية خطوة أسس الإشتراكية،وإننا نرقب التطورات باهتمام، ونعلن بأن أي تدخل خارجي من قبل بريطانيا بصفة خاصة أو من يدور في فلكها - عدوان على قضية الشعب بأسره، كما نعلن أن المواطنين مصممون على حماية الثورة مهما كلف الثمن. إن جنوب اليمن المحتل هو جزء متمم لجمهورية الشعب في المنطقة، وقال كذلك بأن الأحداث وسرعتها أتت متلاحقة في المنطقة فمن محاولة بريطانية لفرض اتفاقية لندن على الجنوب المحتل،وموت الإمام أحمد وثورة الجيش في الشمال التي قضت على معاقل الرجعية، كل هذه الأحداث تؤكد أن النصر لشعبنا والمستقبل للأحرار كما أثبت التاريخ ذلك في كل مكان .
إفشال المشروع البريطاني كانت عدن تهتز تحت قوة تصاعد النضال الوطني فقد تضامنت القوى الوطنية للتصدي للمشروع البريطاني في ضم عدن إلى بقية المحميات تمهيداً لقيام مشروع الإتحاد العربي .. فقد وقفت مجموعة من أعضاء المجلس التشريعي من ممثلي عدن جانب المعارضة على رأسهم السيد عبدالقوي مكاوي (أمين عام جبهة التحرير فيما بعد رحمة الله) وقد ألقى كلمة رائعة في المجلس حول المطالبة بقبول التعديل الذي قدمه أحد أعضاء المجلس وهو السيد سعيد محمد حسن حول تقرير مستقبل عدن من قبل ممثليها وأهلها وأن حكومة عدن تعاني مركب نقص لأنها تخشى فكرة استفتاء الشعب قبل دخول عدن إلى الإتحاد وترفض فكرة إجراء انتخابات عامة قبل عقد مؤتمر دستوري حول الاندماج.. رغم تأكيدنا على أن الوحدة القوة الرئيسية لكل عمل عظيم وقوة ضاربة لرخاء الشعب وتقدمة . وكذا ماقاله العضو من المعارضة في المجلس التشريعي السيد علي محمد لقمان في كلمته حيث قال فيها الحديث عن ضرورة إتحاد عدن مع المحمية أمر مفروغ منه، فالاتحاد نفسه كلمه لايمكن أن ينكر معناها المفيد كل إنسان.. فإن المرء يتعلم منذ صغره أن الفرقة شتات والألفة جبارة. ويجد في عمرة المثال عن نجاح وحدة الصف وفشل تفرق الأخوان . وما ينطبق على الفرد من التجارب ينطبق على الجماعات والأمم.. فإن فرقتها يحرمها المقام الحميد .. وإتحادها يكسبها الكرامة والحرية.. ونحن العرب ليس في الجنوب فحسب بل أيضا في البلاد العربية الممتدة من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي نشعر أننا ما أضعنا مجدنا الغابر إلا لأننا أصبحنا بسبب استعمار بلادنا منذ انحلال العهد العباسي شيعاً وأحزاباً. واستطاع المتسلطون على بلادنا العربية كلها أن يستغلوا هذا التفرق وان يضربوا على وتيرته فزدنا تباعداً وزدنا بالتالي حرماناً من كل حق وأصبحنا شعوبا وما نحن غير شعب عربي واحد.
وقد انسحب سبعة من أعضاء المجلس التشريعي يوم 26سبتمبر 1962م احتجاجاً على رفض الحكومة التعديل المقدم من السيد سعيد محمد حسن وإصرارها على المضي في الحصول على موافقة المجلس على اتفاقية لندن ومشروع ضم عدن إلى الاتحاد الفيدرالي والسبعه هم السادة:علي محمد لقمان، عبدالقوي مكاوي،عبدالله ابراهيم صعيدي ،سعيد محمد حسن، مصطفى عبد الإله عبده، علي علوان ملهي، وعلي سالم علي.
رفض تكوين كيان شطري
لقد كانت جماهير عدن تنبض قلوبها لزوال الاستعمار بشكل كلي وفوري، والتعجيل بإعادة ربط الجنوب المحتل بالشمال المتحرر- الوطن الأم- ورفض تكوين كيان خاص باليمن الجنوبي. وكان اتحاد نقابات عمال عدن (المؤتمر العمالي ) هو القاعدة العريقة والواسعة والصلبة الذي استند عليها الأمين العام للمؤتمر العمالي عبدالله عبد المجيد الأصنج رئيس حزب الشعب الاشتراكي الذي كان يدعو وحزبه إلى أفكار وحدودية واضحة المعالم، وهي الرجوع إلى اليمن الأم وقد كان الأصنج من الرواد السياسيين في مستعمرة عدن الذين طالبوا بالوحدة اليمنية في ظروف سياسية غاية في التعقيد. وكان وحزبه يشتبكان دائما في حروب سياسية مع السلطات في عدن من ناحية، وحكومة إتحاد الجنوب العربي من جهة أخرى . وقد تعرض الأصنج وأعضاء حزبه وعضواته إلى كثير من المضايقات من اعتقالات وأحكام بالسجن، وقد كان الأصنج ينبذ العنف وإسالة الدماء طالما الحصول على الاستقلال عبر الحوارات والمناقشات السياسية ممكن، وخاض وحزبه معارك لنيل الاستقلال على المستوى الداخلي والخارجي وحولت قضية استقلال الجنوب قضية عالمية وقام بالاتصالات وعرض قضية الاستقلال دولياً.
تحديد موعد الاستقلال
وبعد أن أصبح الوجود المصري حقيقة وواقعة على بعد بضعة أميال من مدينة عدن، أكثر من هذا عندما أصبح استقلال الجنوب من بريطانيا أقل مقدرة على تبرير بقائها في المنطقة ومن ثم قضت باستقلاله في موعد حددته في 9يناير1968م. وانصهرت الخلافات في شكل هذا الاستقلال، ولمن يسلم، كيف يتم؟ وكانت الأمم المتحدة قد اعتبرت نفسها مسئولة عن تنظيم نقل السيادة لشعب الجنوب عبر انتخابات حرة .. وفي نفس الوقت كانت بريطانيا تبحث عن البديل الذي يضمن مصالحها ،وقد حاولت بريطانيا تسليم حكم الجنوب لحكومة الإتحاد الفيدرالي في مؤتمر لندن الدستوري ورفض من حكام الولايات ووزراء الاتحاد بعد أن أحسوا بالاجتياح الشعبي المعادي للاستعمار عقب انبثاق فجر الثورة في اليمن الشمالي ووجود قوات مصرية تدعم الثورة اليمنية ...كما عرض البريطانيون تسليم الحكم لأحزاب سياسية أخرى.
تحركات القيادة المصرية
في 23إبريل1964م أعلن الزعيم العربي الخالد عبدالناصر للجماهير المحتشدة في تعز أنه سيجبر الاستعمار البريطاني على الرحيل حيث قال: إن على الاستعمار في الجنوب أن يحمل عصاه ويرحل. وتحركت القيادة المصرية ومكتب الأمن للمخابرات وأجريت اتصالات مع كافة أبناء الجنوب وقرعت طبول الحرب وبدأت ببناء جهاز الكفاح المسلح ضد الاستعمار صاحبتها دعاية واسعة وشاملة ومركزة من راديو صنعاء وتعز والقاهرة بتهيئة الوجود في الجنوب للعمل المسلح.
رفضت الأحزاب ذات التاريخ العريق في مصارعة الاستعمار البريطاني في الجنوب التي أرغمته خلال كفاحها الطويل المسلح علىاتخاذه قراراً بالجلاء عن الجنوب ... ورأت هذه الأحزاب أن النشاط العسكري في الجنوب بعد القرار البريطاني بالجلاء عن الجنوب واستقلاله فقد مبرراته . وان أسلوب المعارضة في تلك المرحلة يجب أن ينحصر في النشاط السياسي وليس في أعمال التخريب أو القيام بأعمال فدائية ضد بريطانيا وإرهابية.
فقرار الانسحاب قد أعلن والأهم هو التفاوض بشأن ضمان الجلاء وحق الشعب في ممارسة حق تقرير المصير وصولاً إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي وتفاديا للحرب الأهلية والفوضى. لم ترضى الأجهزة العربية في تعز عن موقف تلك الأحزاب الوطنية، وتحت شعار كثيف من الدعاية وتصعيد الاتجاه القائل بأن الاستعمار في ارض الجنوب أن يلقى مصرعه على أيدي شعب الجنوب وعليهم أن يأخذوا استقلالهم بقوة السلاح لا أن يمدوا أيديهم.
وكأننا نرفض عرضاً باستلام حقوقنا بدون إراقة دماء أخرى لنقول سنسلم الحقوق بعد مزيد من الدماء... قبلوا جميعاً الانضواء في جبهة واحده أطلقت عليها المخابرات المصرية في تعز أسم (الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل) برئاسة قحطان الشعبي وكان مستشاراً في حكومة الجمهورية العربية اليمنية لشئون الجنوب. ولم تكن الجبهة القومية حزبا سياسيا يشق طريقه بين صفوف الجماهير الوطنية ولكنها وجدت لتكون (جهازا إرهابيا ) لإرهاب الوطنيين في الجنوب لا لكسب ولائهم.. وجعلت منهم قوة الدعاية المصرية عمالقة من الأقزام في وقت قصير. واتخذت من يوم 14أكتوبر 1963م استشهاد أحد المجاهدين في جبال ردفان وهو المرحوم راجح بن غالب لبوزة كبداية (انطلاق) الثورة بأثر رجعي .. متجاهلة حادث إلقاء قنبلة على مطار عدن يوم 10ديسمبر 1963م على المندوب السامي لعدن وحكام ولايات الإتحاد الفيدرالي خلال مغادرتهم مطار عدن في طريقهم إلى طائرة الخاصة المعدة لنقلهم على لندن والمتهم فيها خليفه عبدالله حسن خليفة. .وقد أعتقلت السلطات البريطانية قيادات عمالية وحزبية بتهمة المشاركة في هذه العملية.. وهم:
علي حسين القاضي علي عبدالرحمن الأسودي - عبدالله عبدالمجيد الأصنج عبدالله علي عبيد خالد عبده علي - عبده خليل سليمان - محمد سعيد باشرين محمد عبدالله الذهب أحمد محمد حيدر - علي أحمد ناصر السلامي طه أحمد مقبل سيف الضالعي - محمد عبدالله القاضي - محمود عشيش - عمر كتبي عبدالله مطلق محمد حميد فارع علي محمد الزريقي - ناصرأحمد عرجي - صالح أحمد عرجي - محمد عبدالوارث سعيد - علي مسواط - عبداللطيف اسماعيل - سعيد طبحي - عبده حسين الأدهل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.