لايختلف اثنان على أنَّ حكومة الدكتور علي محمد مجور قد واجهت متغيرات سياسية واقتصادية محلية وخارجية لم يسبق لأي حكومة يمنية أن واجهتها. ومع ذلك فإنَّ هذه الحكومة تحظى بدعم ومساندة من المجتمع الدولي والمحيط الخليجي بصورة لم يسبق لها مثيل .. وفي حوار مع «محطات» قال الدكتور مجور: إنَّ حكومته تعرضت لنقد لم يسبق لأي حكومة أن تعرضت له. ومع ذلك جزم بأنًَّ إشكاليات قانونية وإجرائية هي التي حالت دون استيعاب القروض والمنح التي حصلت عليها اليمن خلال مؤتمر لندن الأول، كما كشف عن تعقيدات مرتبطة بالمانحين الجدد لليمن، و تقديراتهم لطبيعة المشاريع التي يريدون تمويلها، وتعارض ذلك مع الاحتياجات والأولويات التي تراها الحكومة اليمنية.. مجور أعاد التأكيد على أن البطالة والفقر وضعف البنى التحتية تحديات رئيسية تواجه اليمن، وأن ذلك يخلق بيئة ملائمة للتطرف. كما تحدث عن مشكلة الأراضي في مدينة عدن، والحراك في الجنوب، والحرب على الإرهاب في الحوار الآتي اجراه الزميلان محمد صدام و محمد الغباري: **فيما يتعلق بمؤتمر الرياض الخاص بالمانحين لليمن، هل يمكن القول أنه بمثابة النهاية للالتزامات المترتبة على مؤتمر المانحين في لندن عام 2006م، وأن مؤتمر برلين سيكرس لإعلان التزامات مالية جديدة لليمن؟ - مؤتمر الرياض جاء كحلقة مستمرة لاجتماع لندن الذي انعقد في نهاية شهر يناير الماضي، والذي دعت له الحكومة البريطانية ورئيس وزرائها جوردن براون، والذي كرس لمناقشة التحديات التي تواجه اليمن. وهذه التحديات هي التي أفرزت ظواهر التطرف والإرهاب. صحيح أن تصوير موضوع الإرهاب كانت فيه مبالغة كبيرة؛ خصوصاً من قبل الدوائر في الغرب والصحافة، مع أنه لم يكن بتلك الصورة. نعم التحديات التي توجد لدينا في اليمن هي تحديات حقيقية، وهي تحديات الفقر والبطالة، ماذا تتوقع من بيئة كهذه إلا أن تنمو فيها ظاهرة التطرف والإرهاب. وفي اجتماع لندن تم الوقوف أمام هذه المسألة، وتم الإقرار بأن هناك فعلاً ظاهرة التطرف والإرهاب؛ نتيجة لتفشي البطالة والفقر، وأوضح الوفد الذي رأسته هذه التحديات بشكل شفاف لم يسبق له مثيل، وقلت: إن هذه هي التحديات التي نواجهها، وأن التحديات الرئيسية أمام اليمن هي ضعف في الموارد واحتياجات كبيرة جداً. نواجه تحدي ارتفاع معدلات الفقر بشكل كبير، وارتفاع معدلات البطالة في أوساط الشباب في مختلف المناطق، إضافةً إلى ضعف مشاريع البنى التحتية من كهرباء وطرق أي مشاريع التنمية البشرية، وبالتأكيد هذه ستكون لها نتائج سلبية باستمرار، وستكون لها انعكاسات خطيرة.. ** لكن ذلك لا ينفي حقيقة وجود القاعدة في اليمن ؟ - كما قلت، ليست بالصورة التي تم تقديمها للعالم، ونحن ندرك هذا الأمر، واجتماع لندن كانت مدته ساعتين، لكنه للحقيقة كان ناجحاً بكل المقاييس، وكانت كلمات المنظمات الدولية والوفود التي حضرت - وعددها تجاوز اثنين وعشرين دولة - كلمات ممتازة، وتفهمت التحليل الذي قدمه الوفد اليمني، وتحديده لطبيعة التحديات التي نواجهها. وكانت الكلمات متعاطفة إلى حد كبير مع ما يعانيه اليمن، وتطالب المجتمع الدولي ومجتمع المانحين بالالتفات إلى المشاكل التي نعاني منها، وأهم ما في الأمر أن هذا الاجتماع أكد على حقيقة مهمة جداً، هي الحفاظ على يمن موحد مستقر ومزدهر، وكل الوفود أكدت على ذلك بلا استثناء. وقد شدد المتحدثون على ضرورة أن يلتفت المجتمع الدولي للتشخيص الذي قُدِّم لطبيعة المشكلات التي تواجهها اليمن؛ وبالتالي لابد من تأمين الموارد الكافية لإيجاد نهضة تنموية، ولابد أن يكون هناك اهتمام كبير بحل مشكلة البطالة؛ ولهذا جاء مؤتمر الرياض كحلقة أخرى وأكثر تفصيلاً، وطرحت فيه التحديات بصورة مفصلة. صحيح أن مؤتمر الرياض لم يكن التمثيل فيه على مستوى وزاري، بل على مستوى فني، ولكننا نعتبر أن المؤتمر وقف وقفة حقيقية تفصيلية أمام المشاكل والتحديات التي تواجهها اليمن. ** ما هي القضايا التي طرحت في اجتماع الرياض تحديداً؟ - طرحت بحدة قضية البطالة، وكما تعرف؛ فاليمنيون مغتربون باستمرار، وخصوصاً في منطقة الخليج؛ ولهذا طرح أنه لا يمكن أن نوجد حلاً حقيقياً لمشكلة البطالة في أوساط الشباب في الوقت القصير والمتوسط إلا أن نفتح باب الهجرة مرة أخرى إلى دول الخليج. وحقيقةً نحن في زيارتنا الأخيرة إلى الرياض ولقائنا بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز طرحنا هذا الأمر، وقلت: إنكم كنتم يا خادم الحرمين المبادرين في قمة مجلس التعاون حين دعوتم للالتفات إلى اليمن واستيعاب العمالة اليمنية، كما كانت عليه في فترة سابقة. وقلت له: نريد أن تكون المملكة النموذج في هذا الأمر، وينبغي أن تعود العمالة اليمنية إلى السعودية إلى عهدها الذهبي.. ** وكيف وجدتم الرد السعودي؟ - حقيقيةً كانوا متجاوبين، وأنا طرحت الموضوع أيضاً في اجتماعات مجلس التنسيق اليمني السعودي، وتقريباً كان هذا هو الموضوع الرئيسي. وأمام هذا الوضع شكلت لجنة من ثلاث وزارات في السعودية واليمن، هي: وزارات الخارجية، الشؤون الاجتماعية، الداخلية؛ لبحث المشاكل التي يعاني منها المغتربون اليمنيون في المملكة، ومن ضمنها مشكلة الكفيل، ومشكلة البصمة، ومشكلة إلحاق أبنائهم في مدارس التعليم الحكومية هناك، وكذا دراسة آلية تدفق العمالة اليمنية الجديدة إلى السعودية، وغيرها من مشاكل عديدة تم طرحها. ** إذاً ماذا خرج به مؤتمر الرياض؟ - أهم القضايا التي خرج بها مؤتمر الرياض هو التحضير الجاد لمؤتمر مجموعة أصدقاء اليمن. طبعاً هذا المقترح الخاص بإنشاء المجموعة طرح في مؤتمر لندن، وطرح بقوة من وزير الخارجية الايطالي، وكانت تدعم هذا التوجه من سابق دولة الإمارات العربية المتحدة، وقالت: إنه لابد من إنشاء المجموعة، والتي ستهتم بدراسة وتحليل أوضاع اليمن باستمرار، ولابد أن يترافق معها إنشاء صندوق دولي لدعم مشاريع التنمية في اليمن بشكل كبير. ومؤتمر الرياض أكد على هذا، أنا برأيي أعتبر أن المؤتمر خطوة مهمة في التشخيص الحقيقي للمشاكل، سواء كانت اقتصادية أو تنموية، أو أمنية، وأيضا فيما يمثل احتياجات اليمن خلال الفترة القادمة .. ** وفيما يخص تعهدات المانحين في مؤتمر لندن عام 2006م، قيل: إن الحكومة اليمنية لم تتمكن من الاستفادة من تلك التعهدات .. - هناك لغط كبير يدور حول تعهدات المانحين، وأقرأها بالصحف بشكل كبير، وهي تنتقد الحكومة بصورة لم تنتقد أي حكومة سابقة، مع أنها تواجه تحديات لم تواجهها أي حكومة من قبل، وبهذا الشأن نقول: إن التعهدات التي خرج بها مؤتمر لندن بلغت 5.7 مليار دولار، بعض هؤلاء مانحون تقليديون، مثل البنك الدولي والصناديق العالمية الأخرى، والبعض الآخر هي مجموعة مجلس التعاون الخليجي بتفاوت تعهداتها؛ ولهذا فيما يخص المانحين التقليديين لك أن تتأكد أننا لم نجد أية مشكلة في الوفاء بتلك التعهدات، ولعلك تسمع كل يوم عن الاتفاقيات التي يصادق عليها مجلس النواب، سواء في مشروع تنمية ريفية أو مشروع زراعي، وهذه التعهدات تسير بشكل ممتاز. ما نعانيه هو أن الأمور لم تسر بالشكل الذي نريده مع مجموعة المانحين غير التقليديين، سواء في موضوع التخصيص، أو في اتفاقيات القروض، أو في السحب؛ لأن هذه المبالغ ينبغي أن تمر بثلاث مراحل، أولاها: الاتفاق مع المانحين على تخصيص تلك المبالغ لمشاريع على الورق، وينبغي أن يكون الاتفاق حسب أولوياتك أنت... للأسف بعض المانحين يتلكأ، ويريد أن يكون التخصيص وفقاً للطريقة التي يراها هو، وهناك مبالغ لم تخصص بعد... المبدأ أن التخصيص ينطلق من صاحب الاحتياج ، أنا أرى ما هي أولوياتي ؛ ولهذا ينبغي أن تنسجم إرادة المانحين مع احتياجاتي؛ ولهذا واجهنا مشكلة. أيضا هناك مانحون آخرون يقولون : إنهم سيشرفون على تنفيذ تعهداتهم، هناك من يطرح أنه سينشئ مكتباً شبيهاً بمكتب دولة الكويت الذي كان قائماً، وحقق إنجازات، ونحن مع هذا، وقد قالها الرئيس خلال مؤتمر لندن الأول: نحن لا نريد دولاراً واحداً، بل نريد مشاريع، ودعا الدول المانحة لتنفيذ المشاريع التي تمولها. هذه المكاتب لم تشكل بعد، أنا لا توجد لدي مشكلة، فمن يريد أن ينشئ مكتباً فليكن! ليأتي ويطرح المناقصات والدراسات ويتعاقد مع المقاولين، بالعكس هذا سيحمل عبئاً من كاهل الحكومة، لكن لا هذا صار ولا ذاك تم، ومازلنا نراوح في مكاننا، والمعاناة التي تواجهها الحكومة معاناة حقيقية في هذا الجانب، ومع ذلك أشعر أننا حققنا بعض التقدم، حيث أننا انتهينا مع بعض المانحين بتخصيص تعهداتهم، وانتهينا بتوقيع اتفاقيات القروض، وعلى سبيل المثال المبلغ المقدم من السعودية وقدره مليار دولار ...أستطيع أن أؤكد لك أننا قد خصصناه بنسبة مائة في المائة، وتم التوقيع على عقود تنفيذ. ** والتنفيذ متى؟ - عندما أوقع القرض أنا لا أحمله معي في الطائرة، هذا القرض يذهب إلى مجلس الوزراء لإقراره، ثم يذهب إلى مجلس النواب، وتصور معي كم يظل في المجلس، ثم يصدر به قرار جمهوري، وبعد ذلك لابد أن تخضعه للمناقصة، كم ستأخذ المناقصات ، تأهيل الشركات المقاولة، ولنأخذ كمثال فقط مشروع طريق عمرانعدن، هذا المشروع قد وقعنا القرض المخصص له منذ أربعة أو خمسة أشهر، ومازال في مجلس النواب، ولن أستطيع أن أعمل مناقصة المرحلة الأولى للمشروع إلاّ حين يتم إقرار القرض من البرلمان ويصدر به قرار جمهوري، ومن ثم سوف أقوم بتأهيل شركات محددة .. صحيح أن لدينا خللاً، ونحن بحاجة لتعديل بعض تشريعاتنا لكي يكون هناك طريق سريع لتنفيذ المشاريع والاستفادة من القروض، ولكن هذا هو واقع الحال وحتى لا تنتقد الحكومة جزافاً .. ** هل أفهم من هذا أنه لا يوجد خلل في الحكومة ووزارة التخطيط تحديداً المعنية بالتعاون الدولي؟ - شرحت لك الخطوات التي تمر بها القروض أو المنح، ومع هذا يوجد خلل لدينا، أنا معك في هذا، ولكن ليس الخلل كله لدينا حتى لا نظلم، مساراتنا لإقرار المناقصات طويلة، وهذا قانون إقرار قانون المناقصات! وتفضل قل لي: كيف أختصر الطريق وأقر مناقصة؟! وكما تعلم أن المناقصات لم تعد سلطة الحكومة بل اللجنة العليا للمناقصات، لقد أصبحت هذه اللجنة مجلس وزراء موازي لمجلس الوزراء في موضوع المناقصات. تصور كم أعاني من أجل الإسراع في إقرار أي قرض داخل مجلس النواب. صحيح نحن بحاجة لكي نتفق على اختصار المسافات وإيجاد مسارات سريعة، وهناك خلل آخر في بعض الوزارات مثل عدم وجود وحدات تنفيذية؛ فبعض الوزارات غير مهيئة، وليست لديها دراسات كافية عن المشاريع، والبعض الآخر أعتبرها وزارات نموذجية مثل وزارة الأشغال العامة والطرق، لديها دراساتها ووحداتها التنفيذية، وتستوعب مشاريعها بشكل كبير. وأنا أطرح بشكل مستمر بضرورة فصل إدارة المشاريع عن البيروقراطية الموجودة في الوزارات .. ** وفيما يخص مؤتمر برلين هل سيشهد تعهدات مالية جديدة لدعم اليمن؟ - سنحرص أشد الحرص على أن يكون التمثيل في المؤتمر بما لا يقل عن المستوى الوزاري كما كان عليه الأمر في مؤتمر لندن الأخير؛ حتى يكون هناك قرار. ثانياً: ما سيناقش في مؤتمر برلين هو خلاصة لما تم مناقشته في مؤتمر لندن ومؤتمر الرياض؛ وبالتالي سيقف على خلاصة ما تم من قبل، وسيحدد ماذا على المجتمع الدولي من التزامات تجاه دعم اليمن. وأتصور- ونحن في إطار التحضير له- أن هذا المؤتمر سيخرج بإشهار مجموعة أصدقاء اليمن، وسيكون لهذه المجموعة كيانها الاعتباري، وستقف باستمرار على الأوضاع في اليمن أولاً بأول، وسيترافق مع هذا الأمر تأسيس صندوق لدعم اليمن بشكل مستمر، قد تلتزم الدول المشاركة بتعهدات مالية خلال هذا المؤتمر وقد تلتزم في وقت لاحق. **وما ذكر عن تأجيل موعد انعقاد المؤتمر حتى مايو؟ - مازلنا نتناقش مع دول مجلس التعاون باعتبارهم مكوناً أساسياً من مكونات مجموعة أصدقاء اليمن، ونتناقش أيضاً مع الاتحاد الأوربي، لا يهمنا الوقت بقدر ما يهمنا نجاح هذا المؤتمر والتحضير الجيد له.. *وفيما يخص الحرب على الإرهاب، هل استطعتم استعادة السيطرة على أنشطة تنظيم القاعدة؟ - نحن قلناها عدة مرات؛ حتى لا تتهم اليمن، وتصبح هذه الصفة لاصقة به، بأنه أصبح ملاذاً للإرهاب. ينبغي على المجتمع الدولي أن يدرس الواقع بشكل حقيقي؛ فنحن لا نريد من هذا المجتمع أن يدعو لانعقاد مؤتمر من أجل اليمن؛ لأنه أصبح ملاذاً للقاعدة. اليمن- مثلها مثل أي بلد آخر- يوجد فيه عناصر تطرف، وعناصر إرهاب، وجدت هذه العناصر في فترة سابقة لأحداث سبتمبر، واكتوت اليمن واقتصادها بنار الإرهاب، من خلال ضرب السواح والمدمرة كول في عدن، والناقلة ليمبرج في حضرموت. وكنا منذ ذلك الوقت ننبه المجتمع الدولي إلى خطورة هذا التنظيم، المجتمع الدولي لم يكن يسمع ما نقول، وقد استيقظ بعد أحداث سبتمبر، وقال: ينبغي أن نعلن شراكة لمحاربة الإرهاب، ومع ذلك أقولها بوضوح : اليمن لم يكن ملاذاً للإرهاب، توجد عناصر إرهابية، هذا صحيح، لكن القاعدة توجد في كل مكان حتى في الدول الصناعية.. وسنجد أن الذين ينظمون إلى تنظيم القاعدة داخل الدول الكبرى أكثر مما هو عليه الوضع في اليمن. ينبغي أن نعترف بأنه يوجد لدينا بذور تطرف وإرهاب وعناصر للقاعدة نتيجة للتحديات التي نواجهها، توجد بطالة في أوساط الشباب؛ نتيجة للفقر. والمتطرفون يوجدون في مناطق نائية وبعيدة جداً؛ ومع هذا اليمن أعلنت حربها على الإرهاب، وقبل ذهابنا إلى لندن كانت للضربات الاستباقية التي وجهت ضد مواقع للقاعدة تأثيرها الكبير في تغيير تلك النظرة التي كانت قائمة عن اليمن. وفي الاجتماع أعلنا التزامنا الكامل بمواصلة حربنا على الإرهاب واستمرار شراكتنا مع المجتمع الدولي. * * الوضع في الجنوب، هناك تشكيل لجان للأراضي وأخرى لمعالجة الأوضاع الوظيفية؟ - فيما يخص الوضع في المحافظات الجنوبية، هو كما قلت في إحدى جلسات مجلس النواب: الخطاب هو الخطاب، خطاب الانفصال رفع في عام 1994م، أما فك الارتباط فمصطلح جديد لا أدري من أوعز به؟! لهذا عندما يطرح البعض اليوم أن الطرح الانفصالي سببه وجود مظالم، وغبن في المحافظات الجنوبية، طيب هذا الخطاب رفع في 94م والوحدة لم يمر عليها سوى أربع سنوات، وهؤلاء مازالوا في السلطة، ولم تكن هناك قضية المتقاعدين، ولا قضية أراضي، وهم من نهبوها. الحزب الاشتراكي عندما كان في السلطة لم يبق أراضي في عدن عشية قيام الوحدة، والكشوفات موجودة في هيئة الأراضي. ولهذا لا يوجد ارتباط بين عناصر لديها أجندة الانفصال، وبين المظالم والغبن الذي يتحدثون عنه. هذه مسألة يجب أن تحسم، الخطاب هو الخطاب وأضيف إليه مصطلح فك الارتباط؛ وبالتالي فأنا أعتبر ما يجري في المحافظات الجنوبية دعوة من عناصر فقدت مصالحها وكأن هذا الوطن في حالة بيع وشراء. أنت لم تكن تمثل كل أبناء المحافظات الجنوبية في فترة من الفترات، أنت كنت هاضماً لهم، وبالتالي فهؤلاء وحدويون حتى العظم، وأكبر دليل دفاعهم عن الوحدة في حرب الانفصال، وسيظلون يدافعون عنها، وستظل هذه الأصوات بالتأكيد مثل أي مجتمع فيه أصوات انفصالية، ولكن الغالبية العظمى وحدويون وسيدافعون عن الوحدة، والناس في هذه المحافظات عانوا كثيراً من دورات العنف أثناء حكم الحزب الاشتراكي، وصدقني لا توجد أسرة واحدة في تلك المحافظات إلاّ واكتوت بذلك .. ** واللجان التي شكلت ألا تؤكد وجود مشكلة؟ - لا يوجد رابط بين هذا وذاك، مشكلة الأراضي في عدن معقدة، وجزء من التعقيد سببها الحزب الاشتراكي الذي كان يحكم المحافظات الجنوبية، والذي خلط بين التوزيعات. وقد وقفنا في إحدى المرات على الأراضي المخصصة للمنطقة الحرة، وقد رأيت العجب؛ ففي إحدى القطع يوجد لها خمسين مالك، هذه هي وضعية المنطقة الحرة، وهذه هي التقسيمات التي كانت؛ لأنهم كانوا مستعجلين عندما تم الاتفاق على الوحدة، والملفات موجودة، وهناك أراضي وزعت بالعشرات والمئات لأسر محددة، وأمام وضع كهذا لابد أن نحل مشكلة الأراضي، وهذه ليست اللجنة الوحيدة، وفي تقديري أن اللجنة الأخيرة برئاسة الدكتور يحيى الشعيبي ستعمل بمهنية على فك الاشتباك، والأهم من ذلك هو الحل المؤسسي. نحن لدينا الآن قانون في مجلس النواب، وللأسف القوانين تؤخر هناك، ومازلنا نعاني من هذا الأمر، وهو قانون السجل العقاري. هذا القانون سيحسم موضوع تحديد ملكية الأراضي ... وعن الأوضاع في صعدة، هناك اتهامات للمتمردين بإعاقة عمل اللجان المشرفة على تنفيذ شروط وقف إطلاق النار. **هل أنتم راضون عن سير عمل اللجان ؟ - حتى الآن العمل يسير بشكل ممتاز، وأنا أعتبر أن كل اللجان وفي مختلف المحاور تعمل بشكل ممتاز، ونحن نتابع التقارير أولاً بأول. فيما يخص فتح الطرق ونزع الألغام، لابد من الإدراك أن أي وقف لإطلاق النار لابد وأن يشهد بعض الاختراقات. وينبغي أن نتعامل بصبر مع هذا الأمر. صحيح إنهم تجازوا البرنامج الزمني الذي طرحته اللجنة الأمنية العليا لتنفيذ الشروط الستة لوقف إطلاق النار؛ وبالتالي فإن أهم ما في الأمر هو فتح الطرقات، والسلطة المحلية في بعض المديريات عادت لممارسة مهامها. وأعتبر أن هذه الخطوة هي الأهم؛ لأن عودة مدير المديرية، ومدير التربية، والقاضي هو الذي سيفرض هيبة الدولة. اجتمعنا نحن اللجنة الخاصة بإعادة إعمار صعدة سواء فيما يخص المشاريع أو الطرق؛ لأن صعدة تهدمت بشكل كامل خصوصاً المرافق الخدمية: المدارس أو المستشفيات، أو المساكن، وقلنا إن الخطوة الأولى في هذا الجانب هو أن تستعيد السلطة المحلية مواقعها ومن ثم نبدأ الإعمار... ** مؤخرا ناقشتم مشكلة المياه، وقد رسمت التقارير الفنية صورة قاتمة لمستقبل المياه في اليمن، هل لديكم تصور لطبيعة المعالجات؟ - ما وقفنا عليه هو تقرير من أمانة العاصمة، وفيه مقترحات لمعالجات سريعة وتمت الموافقة عليها، وهناك بدائل على المدى البعيد؛ ولهذا شكلنا لها فريق آخر .. أنا أتفق معك أن التحدي الأساسي أمام اليمن هو مشكلة المياه في مناطق المرتفعات، لأننا في المناطق الساحلية يمكننا حل المشكلة، وبأقل كلفة، كما نفكر حالياً في حل مشكلة المياه في تعز وإب من خلال مشروع كبير للتحلية، لكن فيما يخص المرتفعات هناك مشكلة حقيقية، لكننا ندرس هذه المشكلة وإن شاء الله نصل إلى حل ... * * طيب فيما يتعلق بتدهور سعر الريال في السوق، الناس يتساءلون عن أسباب ذلك، وما هي المعالجات الحكومية؟ - إلى الآن لا يوجد تدهور بالمعنى الحقيقي للكلمة، وصل سعر الدولار إلى 212 ريال، ونحن نعتبره في الإطار المعقول،. والمشكلة الحقيقية لنا هي ارتباط السياسة النقدية بالسياسة المالية. السياسية مازالت فيها اختلالات كبيرة، فمازال لدينا إنفاق كبير جداً لا يتناسب مع الموارد الموجودة، كما أننا تأثرنا بتداعيات الأزمة المالية العالمية فيما يخص إيراداتنا المعتمدة بصورة أساسية على عائدات النفط، وقد انخفضت أسعار النفط إلى ما دون النصف عما كانت عليه في العام 2008م، وهذا أدى إلى زيادة العجز في الموازنة. وتصور معي عندما يكون لدينا عجز كبير في الموازنة كما كان الحال في موازنة العام الماضي؛ حيث وصل العجز الفعلي إلى 9.1% من الناتج المحلي الإجمالي، وأنا أعتبر ذلك وضعاً غير طبيعي؛ لأن العجز عندما يكون بهذا المستوى ستكون أنت بحاجة إلى تمويله من مصادر غير تضخمية؛ ما يسبب لك هذا الإرباك الكبير. إضافةً إلى ذلك فنحن نستورد كل شيء، تصور! حتى الجنابي والحلبة أصبحنا نستوردها!!. ** لكنكم أوقفتم استيراد بعض المنتجات؟ - منعنا بشكل جزئي استيراد الصناعات الحرفية، ولكننا لا نستطيع المضي في هذا الأمر، ونحن ذاهبون إلى عضوية منظمة التجارة العالمية. ولهذا ينبغي أن نعلم أننا عندما نستورد كل شيء نزيد مقدار العجز؛ ومع ذلك فالبنك المركزي يبذل جهوداً كبيرة للسيطرة على الأمور، وإن شاء الله نصل إلى حل لظاهرة الإنفاق الكبير التي زادت من العجز في الموازنة، وأقصد به دعم المشتقات النفطية. هل تعلم أننا مازلنا ندعم المشتقات النفطية بمبلغ خمسمائة مليار ريال! هذا وضع غير طبيعي، هذا هو الدعم الذي نعتقد في الحكومة أنه لا يذهب لمستحقيه. وعندما نتحدث عن هذا الخلل تقول الصحف: إننا نبحث عن المسار السهل بإلغاء الدعم عن المشتقات النفطية. الدعم لا يذهب إلى مستحقيه، ويمكن أن المستحقين للدعم لا يتجاوزون 20% المزارعين وغيرهم، ويمكن أن تحلها من خلال تعويضات لهؤلاء عبر صندوق الرعاية الاجتماعية. لكن لماذا أدعم رجل أعمال ببيعه نفطاً مدعوماً وبأكثر من أربعين ريال في كل لتر. ولذا ينبغي أن ننظر للأمر بصورة عملية، فالدعم ليس هدفاً بذاته، وإنما ننظر إلى من يذهب هذا الدعم. لكني أؤكد لك من كل التقارير أن عدد المستفيدين من هذا الدعم لا يتجاوز النسبة التي أشرت لها. صحيفة السياسية نقلاً عن مجلة محطات