من جديد تطل أزمة مادتي البترول والديزل برأسها على المواطنين، ويتكرر مشهد معاناة المواطنين ومعاقبة بقايا النظام العائلي لهم، وفي ذات الوقت كشفت وثائق وأرقام عن فساد كبير في شركة النفط من خلال تهريب كميات كبيرة من مادة الديزل وبيعها أو تصريفها وهي لا تزال محملة على متن سفن في وسط البحر قبل أن تصل إلى وجهتها المحددة. وفي واحدة من أخطر قضايا التهريب المنظمة لمادة الديزل توضح الوثائق الممهورة بختم وتوقيع مدير الأمن البحري بمحافظة عدن سمير عبد الله علي يوضح” أنه في أواخر العام 2006م وتحديداً خلال شهر واحد فقط “أكتوبر” خرجت 14 باخرة من شركة مصافي عدن تحمل (121300) طن من الديزل والبترول والمازوت، كمية الديزل(82000) طن، و(22500) طن من البترول، و(11800) طن من المازوت. فيما بلغ حجم أطنان الديزل التي لم تصل إلى وجهتها المحددة أو وصلت بكميات منقوصة بعد إفراغ آلاف الأطنان منها وسط البحر بلغت (30571) طناً من الديزل، فيما بلغت كمية البترول (2270) طنًا، أما كمية المازوت فقد بلغت (3989) طنا. وبإجمالي (37830) طناً تم تهريبها، وبخسارة مالية تقدري ب(237.6600.26) مليون دولار حسب الوثائق. وفي الوقت الذي كانت الحكومة قد سعت إلى التخفيف من الآثار والأعباء الناجمة عن عدم تحرير مادة الديزل مما أثر ذلك على المواطن، فزعمت من خلال قرار رقم (302) أصدرته بتاريخ 29 /7 / 2008 قضى بتحرير مادة الديزل من الدعم وبيعه لمصانع الأسمنت والشركات بالسعر العالمي (250) ريالاً ، وجاء هذا الإجراء بهدف تخفيف العبء على المواطنين كما زعمت الحكومة في حينه، حيث يقدر حجم الدعم المُسخّر للديزل بثلث الميزانية العامة للدولة، إذ يبلغ مقداره (600) مليار ريال، وهو إجراء كان هدفه مساعدة المواطن في الحصول على هذه المادة الهامة، ووفقاً لذلك الإجراء فإن سعر لتر الديزل يكون خمسين ريالا، إلا ان الوثائق تعكس حقيقة أخرى، مفادها أن ذلك الدعم المزعوم لا يعدو عن كونه تستراً على الفساد المستشري في شركة النفط اليمنية وفروعها في المحافظات. طريقة تهريب الديزل: وتؤكد الوقائع والأدلة والوثائق أن تهريب مادة الديزل يتم بمعرفة واطلاع ومشاركة مسئولي شركة النفط وعلى رأسهم مدير الشركة ومصافي عدن، فتؤكد أن كمية المشتقات النفطية التي يتم تحميلها بواسطة السفن من مصافي عدن إلى منشآت شركة النفط في الحديدة لا تصل، وإن وصلتْ فلا تصل كاملة، بحسب بيانات شركة مصافي عدن، بل تصل وقد أُفُرِغْت منها أطنان من الديزل، حيث يتم تفريغ جزء من الكميات القادمة من مصافي عدن إلى سفن رابضة وسط البحر، وما يؤكد ذلك العجز الدائم لدى شركة النفط بالحديدة، وقيامها بالتعويض عن تلك الأطنان المفقودة من الديزل على ظهر البحر بخصم تلك الكميات من حصص المحافظات ومحطات القطاع الخاص، ويتم توزيع عملية الخصم من قبل شركة النفط بالحديدة واحتساب قيمتها بالسعر المحلي المدعوم والمحدد ب(50) ريالاً لكل لتر، وتوقيع استلامات رسمية بها”. حسب الوثائق. كما أن من الطرق التي يتبعها قادة شركة النفط اليمنية وشركاؤهم لتوفير الغطاء الشرعي (الشكلي) على عملية التهريب المنظمة لمادة الديزل قيامهم بتوريد كميات الوقود (الديزل) بشكل دفتري، وذلك من خلال إعداد كشوفات صُورية لكميات ديزل منصرفة تم احتسابها على شركة النفط من قبل مصافي عدن بعشرات آلاف الأطنان نقلتها سفن، إلا أنهم يقومون بالتحايل على ذلك بتوريد تلك السفن القادمة من مصافي عدن الى خزانات شركة النفط بالحديدة دفترياً، حيث يقوم مسئولو شركة النفط بالحديدة باستقبال تلك السفن القادمة من مصافي عدن المحملة بأطنان الديزل والرفع بكشوفات تتضمن أسماء محطات في مختلف المحافظات تزعم شركة النفط بالحديدة في تلك الكشوفات التفصيلية المرفوعة إلى شركة وزارة المالية بأنها صرفت (بيعت) لتلك المحطات وبالسعر المحلي (المدعوم)، أو أنها لن تستغرق تلك الكميات التي أوردتها شركة النفط في تقاريرها المرفوعة للمالية، مع أن شركة النفط في واقع الأمر قد قامت بإفراغ حمولة تلك السفن من الديزل في البحر وبيعها بالسعر العالمي، في ممارسة واضحة لعملية تهريب الديزل إلى الخارج، وفي هذه الحالة يتم اقتسام تلك العائدات بملايين الدولارات بين أطراف ومُلاّك السفينة (الباخرة) ومسئولي شركة النفط، بعد إعدادهم خطط وعمليات حسابية يتم اعتمادها فور وصولها من قبل وزارة المالية دون تدقيق أو تحري ومتابعة، ووفقا لهذا السيناريو المظلل يتم إقناع وزارة المالية التي تحاسب شركة مصافي عدن عن تلك الكميات من الديزل بالسعر العالمي وهي أيضا من تقوم بدفع فارق السعر والمقدَّر ب( 200) ريال/ لتر”. وذلك حسب (وثيقة) تقرير مدير الأمن البحري السابق بعدن. ناهيك عن فارق السعر الذي تتكبده الخزينة العامة جراء عملية تهريب الديزل داخلياً والذي يقوم به مدراء شركة النفط وشركاؤهم، بالنظر إلى العائدات المالية من مادة الديزل والتي يتم توريدها إلى وزارة المالية، لكمية (31) ألف طن هي حجم الكمية التي يتم التحايل عليها فيما يتعلق ببيع هذه المادة للمصانع والشركات، والتي كان من المفترض ان تضاف إلى (17) ألف طن على ان يتم بيع كل الكمية والتي تبلغ (48) ألف طن بالسعر العالمي بحسب توجيه مجلس الوزراء لكن تم تخفيض الكمية إلى (17) ألفاً وبهذا يصبح الفارق، مابين السعر العالمي لذات الكمية وما تورده شركة النفط إلى المالية ب(22.000.000) دولار شهرياً. ولأن الحق العام لايسقط بالتقادم وعليه فإن عملية تهريب مادة الديزل التي تتم بالتنسيق مع شركة النفط بحسب ماجاء على لسان مدير الأمن البحري في حوار له على الفضائية اليمنية بتاريخ 9/ 9/ 2011م، ووفقًا لما تضمنته الوثيقة المرفقة والتي هي عبارة عن تقرير رسمي من مدير الأمن البحري في عدن لا يعفي وزارة المالية من المسؤولية، كونها هي من يدفع قيمة تلك الأطنان من الديزل لشركة مصافي عدن وبالسعر العالمي للتر أي (250 ريال/ لتر). كما أن التقرير المرفوع من مدير الأمن البحري يؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك غياب دور الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في الرقابة على شركتي النفط ومصافي عدن ومحاسبة الشركتين عن تلك الكميات المفقودة من أطنان الديزل.