بعد أن سحب البنك الدولي منحته لإنشاء مصنع تدوير المخلفات في 2008م بكلفة “12” مليون دولار بسبب عجز قيادة المحافظة عن توفير أرض للمشروع سحب منحة لتعز بقيمة “12” مليون دولار في العام “2008”م كانت مدينة تعز على موعد لتدشين العمل في واحد من أهم المشاريع البيئية على مستوى الشرق الأوسط، والمتمثل بإنشاء مصنع لإعادة تدوير القمامة، خصصت له ميزانية تبلغ “12” مليون دولار بمنحة من البنك الدولي، إلا أن هذا المشروع أخفق بسبب عدم قيام السلطة المحلية بتوفير قطعة الأرض اللازمة للبدء بالعمل. يصيبون المانحين بالسأم فبعد مماطلة دامت عامين تقريباً من الاتفاق على المشروع، حذّرت بعثة البنك الدولي أثناء زيارتها لمدينة تعز من إمكانية سحب المشروع من محافظة تعز في حال تعثر الحصول على قطعة أرض، إلا أن التحذير لم يغير شيئاً في موقف قيادة السلطة المحلية في محافظة تعز التي فشلت في الوفاء بالتزامها للبنك الدولي بتوفير الأرض، مما دفع الأخير إلى سحب المنحة في بداية العام “2009”م. مشاريع طاردة التخبط في تنفيذ المشاريع كان العامل الرئيس في إحباط عملية تنفيذ مشروع مصنع تدوير القمامة، حيث تحدث المهندس سليمان العريقي، مدير مشروع التطوير البلدي لحماية تعز من كوارث السيول - وهو الجهة المشرفة على تنفيذ المشروع - أن “الدراسة الأولية حول الأرض المناسبة لمصنع تدوير المخلفات كانت قد حددت منطقة البريهي كأفضل مكان لإقامة المشروع، لكن قيام الدولة بافتتاح خط الستين الذي كان يفترض أن يفتتح في العام “2025” حسب دراسة المخطط التنموي العام لمدينة تعز رفع سعر الأرض في المنطقة المحددة وهيّج المواطنين الذين رفضوا أن يقام المشروع في منطقتهم. الذنب القديم الإهمال الذي واجهه الأهالي في منطقة البريهي بسبب المشاكل الجانبية الناتجة عن وجود محطة مياه الصرف معالجة مياه الصرف الصحي في منطقتهم جعل موقف المواطنين أشد ضراوة في رفض إقامة مصنع لتدوير القمامة في منطقتهم، مما جعل موقف السلطة المحلية ضعيفاً في مساعي إقناعهم بتقبل المشروع. انعدام الثقة وحول هذا الأمر يرى المهندس سليمان أنه “ لا يستطيع أحد أن يلوم المواطنين نظراً لانعدام الوعي والثقة بين المواطن والدولة، لأن المواطنين في منطقة البريهي كانوا يعانون مشاكل محطة المعالجة التي جلبت لهم الأمراض دون أن تقوم الدولة بأي حلول للحد من معاناة الأهالي، ولو حتى بإنشاء وحدة صحية في المنطقة. وحول إذا ما كانت السلطات في المحافظة قد بحثت عن أرض بديلة لتنفيذ المشروع، قال المهندس سليمان: “إن الأرض اللازمة لإقامة هذا المصنع تتطلب مواصفات خاصة تتوافر فيها شروط السلامة البيئية بحيث لا تؤثر على المياه الجوفية، وكانت مسألة إيجاد أرض بديلة تحتاج إلى نوع من السرية، خوفاً من معرفة السماسرة بوجود توجهات لشراء أرضية بديلة وسعيهم إلى المضاربة بسعرها، لكن الوقت مضى وسحبت المنحة!!”. كل يوم نهمل مشروعاً مهماً لكن مصادر مطّلعة على الموضوع في محافظة تعز وصفت مساعي السلطة المحلية للاستحواذ على الأرض بأنها “لم تكن تتوازى مع حجم ضخامة وأهمية المشروع” وأضافت تلك المصادر بالقول: “إن السلطة المحلية تعاملت مع الأمر بطريقة اعتيادية، وكأن المدينة تشهد كل يوم مشاريع مماثلة لمشروع مصنع تدوير المخلفات!”. خسارة بيئية وعمالة وطاقة يفيد الأخ عبدالجليل الحميري، مدير مشروع النظافة في تعز أن هذا المشروع الاستراتيجي الذي خسرته المحافظة، كان سيحمل في طياته هدفين إلى جانب الهدف البيئي الأساسي، وهما هدف توليد الطاقة الكهربائية الناتجة عن تدوير المخلفات أسوة بالمشاريع المماثلة في دول العالم؛ إضافة إلى تشغيل الكثير من العمالة في مصنع تدوير المخلفات.