لم تكن هي المرة الأولى التي استيقظ فيها أبناء مدينة البيضاء على وقع قذائف دبابات “البي ام” وأصوات الكاتيوشا, بل كانت هي المرة الأعنف منذ أن شهدت البيضاء عمليات الكر والفر بين المسلّحين والقوات الأمنية والعسكرية في المدينة. استيقظ أهالي مدينة البيضاء على أصوات انفجارات هزّت البيوت وأحالت سماء المدينة إلى قطعة من السحاب الأسود الذي حال دون شروق الفجر الجميل على المدينة, وبلغت قوة الانفجارات إلى أبعد أمد يعرفه المواطنون, ووصلت شظايا التفجير إلى مسافة تصل إلى ألف وخمسمائة متر. وبحسب الرواية الرسمية – التي لم نتأكد من صحتها – فقد أقدم شخصان يستقلان سيارة هايلوكس غمارتين على دخول موقع “دار النصر” الذي تتمركز فيه كتيبة من كتائب الحرس الجمهوري, وكانت لديهم بطائق عسكرية تتبع الحرس الجمهوري, وبعد دخول السيارة إلى المنطقة بدأ أحد أفراد الحراسة في التشكك من مجيء هذين اللذين زعما أنهما جاءا من صنعاء في مهمة سرية, فاستوقفهما وفجأة تفجرّت تلك السيارة تاركة أضراراً مادية كبيرة وقتل من كان في داخلها. لقد تم نسف “دار النصر” بأكمله وهو دار قديم مكون من أربعة طوابق, ويرجع بناؤه إلى عشرات السنين قبل ولادة الجمهورية اليمنية, وتضرّرت المباني الحديثة المجاورة له, ونسفت بعض الهناجر الموجودة هناك, وامتدت الأضرار لتصل إلى جميع المنازل المحيطة بالمنطقة في إطار ألف متر مربع تقريباً, حيث تشققت بعض المنازل وتكسّرت زجاجات النوافذ, وتطايرت الشظايا إلى مسافة تصل إلى ألف وخمسمائة متر, حيث وصلت إحدى الشظايا إلى ساحة أبناء الثوار التي يرابط فيها شباب التغيير, وسقطت فوق “بيجو” وألحقت به أضراراً كبيرة, وكانت الشظية قطعة من جنزير دبابة تزن 26 كيلوجراماً, وتطايرت أشلاء من كانوا في السيارة إلى مسافات بعيدة, وعثر على بعض أشلائهم مقطعة, كما تطايرت قطع السيارة المفخخة إلى مسافة تصل إلى 500 متر تقريباً. وبحسب موقع الجيش فإن تفجير السيارة المفخخة أدّى إلى إصابة أربعة جنود من الحرس الجمهوري ومواطن, ولكن الرواية المتداولة هناك على الأرض تقول إن حجم الضحايا أكثر بكثير مما ذكره المصدر الحكومي. الحادث الذي تبنّته القاعدة هو الحادث الرابع من نوعه في المحافظة, حيث قتل ضابطان في الأمن السياسي بعملية منفصلة في المدينة قبل شهرين, وبعدها تم اغتيال رئيس اللجنة الإشرافية للانتخابات في المحافظة وأربعة من مرافقيه, لتكون هذه العملية هي الرابعة, ومن يدري فلعل الأيام حبلى بالمفاجآت. الجدير ذكره أن “دار النصر” يقع في الجهة الجنوبية من المدينة فوق تبّة مرتفعة, وكانت تتمركز فيه قوات من الشرطة العسكرية قبل أن يتم تحويله إلى موقع عسكري يتبع الحرس الجمهوري في محافظة البيضاء وذلك بعد خروج قوات العمالقة من المحافظة.