تعمل مكونات بيئة المجتمع اليمني، سواء من حيث التقاليد أو الجهل والتعصب والتخلف على توفير المناخات المناسبة لانتشار عدوى الإيدز، الذي يتسرب من خلال تلك العوامل، مثل عدة جداول مياه صغيرة, تتجمع مع بعضها لتصنع نهر إيدز كبير لن ينتظر طويلاً قبل أن يجرف الجميع. وراء الحالة المسجلة عشر مخفيات وتفيد آخر إحصائيات البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز في تعز إلى وجود (602) حالة في محافظة تعز, بينما تشير دراسات الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز إلى وجود عشر حالات مختفية خلف كل حالة مكتشفة، في حين أن البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز بتعز يتوقع اكتشاف حالات مصابة تفوق عدد الحالات الموجودة حالياً خلال العام (2012)م. تبادل أحقاد ترتكب نظرة الناس جريمة فادحة في حق المتعايشين مع الإيدز، دافعة بالمريض إلى مبادلة المجتمع بالمواقف العدائية, قد يضطر المصاب إلى تعمد نقل العدوى للآخرين، يقول عبده سيف علي موجه مركزي لمادة الأحياء وناشط تنمية اجتماعية (يجب أن يدرك المجتمع أن المصاب بالإيدز إنسان يحتاج إلى معاملة حسنة حتى لا يتحول إلى مجرم خطر على المجتمع وكما قال رسولنا الكريم (الدين المعاملة), وكذلك يجب أن يعي المجتمع بأن تعامله مع مريض الإيدز يمكن أن يحوله إلى شخص صالح منتج, أو إلى مجرم حاقد على المجتمع والقيم). إنسانية بحاجة للترويض أحياناً يحتاج المجتمع المسلم في اليمن إلى دورات تدريبية على الإنسانية، لكن ورغم كل أنشطة التوعية حول الإيدز لتسهيل التعامل مع المشكلة وتطويق تفشي المرض، إلا أن مثل هذه الأنشطة تضيع مثل إبرة في كومة هائلة من التقاليد المعقدة التي ترفض التخلي عن وجهة نظرها تجاه نبذ مريض الإيدز، يقول ياسر نعمان موجه أنشطة مدرسية إن الأنشطة التي يتم عملها لتوعية حول مرض الإيدز لاتزال غير كافية لتغيير النظرة السائدة للمتعايشين مع المرض, حيث لاتزال الوصمة موجودة تجاه مريض الإيدز، ولكن يجب على المجتمع ألا ينظر بعين واحدة للمريض باعتباره ناتجا عن ممارسة الجنس بطرق غير شرعية؛ لأن المرض له عدة طرق وليس الجنس فقط. الجهل قد ينتج حقداً إيمان سعيد (مثقفة نظراء) أي التوعية بالمرض من خلال ألأصدقاء تعتقد من جهتها أن ( مريض الإيدز شخص ممتحن من الله، وأن الوصمة والتمييز ضد المتعايشين مع هذا الفيروس لها تأثيرات، قد تجعلنا نفقد حياة كثيرين من الأبرياء الذين لاذنب لهم سوى أنهم اكتشفوا إصابتهم بشكل لا إرادي ولمجرد أنهم صادفوا العدوى بالمرض في حياتهم على يد مصاب دفعه المحيط الذي يعيش به إلى الحقد على من حوله, حتى وهم بعيدون كل البعد عن السلوكيات المستهجنة. للنبذ والتقبل محاولات كثيرة استهدفت في الغالب الأعم خطباء المساجد من أجل تعريفهم أن ما يتم تداوله حول مرض الإيدز هو مجرد مبالغات, ولكن يبدو أن تلك المحاولات لم تجد طريقاً سالكة لأذانهم، وهو أمر يعتبره التربوي خالد محمد طاهر في غاية الأهمية بالقول: الحل يكمن في مشكلة الإيدز على الخطباء والمرشدين؛ إذ إن تأثير الدين في نفوس اليمنيين قوي، كما ورد في حديث النبي، وكلما كان الخطيب مستوعباً لطبيعة هذا المرض بشكل علمي، وانعكاساته الضارة اقتصاديا وتنموياً, وربط ذلك بالآيات والأحاديث, فسنجد أن نسبة التقبل لمرضى الإيدز قد تحسنت وأن السلوكيات الخاطئة ضد مريض الإيدز قد تغيرت بشكل أفضل. مرض فتاك بدون جنس إلا أن هناك كثيرين يرون أن مستوى تفاعل شريحة الخطباء والمرشدين مع مشكلة الإيدز تكاد تكون معدومة, حيث يقول خالد الحجي وهو أحد الذين تلقوا التوعية حول مرض الإيدز من خلال الأنشطة المخصصة للتعريف بهذا المرض: إن خطباء الجوامع مقصرون في هذا الجانب، حيث يهتمون بالسياسة أكثر من الأمراض التي تعيق المجتمع، مثل مرض الإيدز, فلا يوجد وسيلة أفضل من خطب المساجد للحد من مخاطر مرض الإيدز, بدلاً من الخطب المملة والمكررة. وصمة عار وهناك من يعتقد أن تقصير خطباء المساجد في تناول معضلة مرض الإيدز ناجمة عن شعور الخطباء بأن الحديث حول الإيدز يعد بحد ذاته وصمة عار ولا يجوز التعاطي معه في المسجد.