شيخ حوثي يعلنها صراحة: النهاية تقترب واحتقان شعبي واسع ضد الجماعة بمناطق سيطرتها    الحوثيون يزرعون الموت في مضيق باب المندب: قوارب صيد مفخخة تهدد الملاحة الدولية!    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    الحوثيون يلفظون أنفاسهم الأخيرة: 372 قتيلاً خلال 4 أشهر    مأرب تغرق في الظلام ل 20 ساعة بسبب عطل فني في محطة مأرب الغازية    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    " محافظ شبوة السابق "بن عديو" يدقّ ناقوس الخطر: اليمن على شفير الهاوية "    رسالة حوثية نارية لدولة عربية: صاروخ حوثي يسقط في دولة عربية و يهدد بجر المنطقة إلى حرب جديدة    مقرب من الحوثيين : الأحداث في اليمن تمهيد لمواقف أكبر واكثر تأثيرا    ريال مدريد يسيطر على إسبانيا... وجيرونا يكتب ملحمة تاريخية تُطيح ببرشلونة وتُرسله إلى الدوري الأوروبي!    17 مليون شخص يواجهون حالة انعدام الأمن الغذائي باليمن.. النقد الدولي يحذر من آثار الهجمات البحرية    تكريم مشروع مسام في مقر الأمم المتحدة بجنيف    الرسائل السياسية والعسكرية التي وجهها الزُبيدي في ذكرى إعلان عدن التاريخي    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    آرسنال يفوز على بورنموث.. ويتمسك بصدارة البريميرليج    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    الرئيس الزبيدي: نلتزم بالتفاوض لحل قضية الجنوب ولا نغفل خيارات أخرى    الحوثيون يستعدون لحرب طويلة الأمد ببنية عسكرية تحت الأرض    معاداة للإنسانية !    من يسمع ليس كمن يرى مميز    مكتب الأوقاف بمأرب يكرم 51 حافظاً وحافظة للقران من المجازين بالسند    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    من هي المصرية "نعمت شفيق" التي أشعلت انتفاضة الغضب في 67 بجامعة أمريكية؟    أول مسؤول جنوبي يضحي بمنصبه مقابل مصلحة مواطنيه    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    أبطال المغرب يعلنون التحدي: ألقاب بطولة المقاتلين المحترفين لنا    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    منظمة: الصحافة باليمن تمر بمرحلة حرجة والصحفيون يعملون في ظروف بالغة الخطورة    وفاة فتاة وأمها وإصابة فتيات أخرى في حادث مروري بشع في صنعاء    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    الهلال السعودي يهزم التعاون ويقترب من ملامسة لقب الدوري    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    الخميني والتصوف    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أريد أن أفاخر بأني من بلاد المليون طبيب لا المليون مسلح
أمين عام اليونسكو في اليمن ل « الجمهورية» :
نشر في الجمهورية يوم 30 - 03 - 2012

عقل مشبع بالفكر وقلب يعتصر ألماً على شعب يعاني من الجهل والتخلف يقول: «إن السياسي يرتهن إلى عقلية جبلية قبلية صحراوية.. وبعض المثقفين موزعين مابين حملة مباخر أو منكفئين على أنفسهم وصنف متمصلح والآخر يرفع صوته ولايسمع له».. كما يؤكد أن اليمن يمتلك تراثاً حضارياً لايمتلكه العالم لكن الحكومة وكذا الناس لاتأبه لأهميتها الدكتور/أحمد المعمري – أمين عام اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو» في حوار مع الجمهورية:
.. كيف ينظر أستاذ الفلسفة وعلم النفس إلى ما حدث ويحدث على الساحة؟
بداية الشكر موصول لك ولصحيفة الجمهورية على هذه الإطلالة الجميلة، وأصحح اللقب العلمي أولا، أنا أستاذ علم نفس الإبداع بجامعة الحديدة. أنظر إلى ما يعتمل على الواقع من منظورين ثقافي، وفكري وتاريخي، المنظور الفكري التاريخي أتشاءم فيه والمنظور الثقافي أتفاءل فيه وينبغي أن ننظر للموضوع باستشراف المستقبل، عندما نتحدث عن التغيير وعن الثورة وعن معطياتها أقول: لست مع مطلق التغيير هكذا، أنا مع التغيير الإيجابي، التغيير الذي يتجاوز السلوك الاستحواذي، التغيير الذي يتجاوز السلوك العدواني، التغيير التغيير الذي لا يكون إلا التغيير فقط، نريد تغييرا لا يغير الأشخاص فحسب؛ بل يغير الأفكار، يغير المنهج الذي بدوره يقودنا إلى تغيير حقيقي إيجابي، ينبغي أن يكون التغييريون محددين لما يريدون وإلى أين يسيرون، ينبغي أن يكون مستقبلنا أفضل من اللحظة الراهنة وأفضل من الماضي، الذي يجعل التغيير فعلا تغييرا! لأنه لا يوجد يمني لا يريد أن يعيش بسعادة، بل لا يوجد إنسان في الأصل، أتمنى أن أمتلئ بالغبطة والسرور حين يسألونني في الخارج من أين أنت؟ فأقول لهم: من بلاد المليون طبيب، المليون مهندس، المليون بروفيسور، لا أريد أن أقول أنا من اليمن حيث تقوم طائرتان منه إلى القاهرة للعلاج، أنا اليمني المشرد، أنا اليمني البئيس، أنا اليمني من بلاد المليون مسلح في الشوارع والحارات. أين العلم؟ أين الثقافة؟ أين مخرجات الجامعات؟
السياسة طغت على الثقافة
.. دكتور لو سألتك لماذا اليمني متأخر إلى هذا الحد الذي تشير إليه؟
السياسة طغت على الثقافة. السياسي يسير العلم. السياسي يسير الفكر، السياسي يرتهن إلى عقلية جبلية قبلية صحراوية معتقدا أنه يعرف كل شيء، السياسي إقصائي، السياسي استحواذي، السياسي يفتي في كل شيء، وهنا المشكلة.
.. كيف استحوذ السياسي على الثقافي أو المفكر بهذه الصورة.. أين هو المثقف؟ أين المفكر؟
للأسف الشديد بعض المثقفين كانوا حاملي مباخر، وبعضهم تألموا داخليا فانكفأوا على أنفسهم، وبعض المثقفين كانوا متمصلحين، وبعض المثقفين رفعوا أصواتهم لكن أصواتهم لم يسمع لها. هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية هناك مفهوم مغلوط عن الثقافة، البعض يرى أن الثقافة مسرح يؤدى وكتاب يقرأ، الثقافة سلوك. ونحن لا نلوم السياسي أكثر مما ينبغي، نلوم المثقف لأنه مثقف غير عضوي، مثقف غير متزن، الثقافة تصنع ذاتا، ونحن لما نصل بعد إلى هذه المرتبة. الجانب الآخر، الصراع الذي حصل بين الثقافي والسياسي والديني، والمفترض ألا صراع بينهم، الدين سلام في الأصل حولناه بفعل بعض الفهوم القاصرة إلى حرب، الدين من أجل الحياة، الحياة في الدارين، (ولمن خاف مقام ربه جنتان) هنا وهناك.
البحث العلمي من أهم المدخرات
.. دكتور.. أنت أمين عام منظمة اليونسكو في اليمن، حبذا لو عرف القارئ نبذة عن عمل المنظمة وأنشطتها؟
اللجنة الوطنية: هي تربية وثقافة وعلم. التعليم العام، التعليم المهني والفني، التعليم العالي، نحن نعمل مع ثلاث منظمات عالمية وإقليمية، المنظمة الدولية اليونسكو ومقرها باريس، ولنا علاقة شراكة بها وسفير دائم فيها، ولليمن مكتب دائم هو نقطة التواصل بين اليمن وباريس، لدينا أيضا علاقة حميمة مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “الإيسيسكو” والمنظمة الثالثة هي المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الإليسكو” ونحن في الأساس عبارة عن سكرتارية أو حلقة تواصل وبيت خبرة صغيرة لمعرفة متطلبات المجتمع والبلد من خلال منظمات المجتمع المدني ومن خلال الجهات الحكومية الرسمية، نأخذ هذه القضايا بعد مدارسة ومراجعة ونرسلها للتعاون فيما يخدم البلد في بعض البرامج والمشاريع، هناك أيضا التدريب، كعائد مالي غير منظور، التدريب في كل المجالات للوصول في إعداد خبراء وخلق مهارات، هذه قضايا أساسية وجوهرية نتناولها مع الجهات ذات العلاقة، نفذنا عدة مشاريع في العام الماضي في خمس محافظات يمنية. الثقافة هي رأس مال، البحث العلمي من أهم عائدات رأس المال ومن أهم المدخرات.
.. فيما أعرف أيضا أن لكم اهتمامات بالتراث والآثار والمياه.. هل لكم أنشطة ملموسة في هذا الجانب؟
ما يتعلق بالمياه لدينا مشكلة كبيرة جداً جداً في المياه، عندنا هدر في المياه بشكل جنوني ناتج عن عدم وجود شعور مستقبلي، والشعور المستقبلي مسألة ثقافية بالدرجة الأولى، ومسألة وعي، وقد دربنا العام الماضي كل الجمعيات المهتمة بالمياه في حوض صنعاء على مدى أسبوع كامل، ونعمل في هذا الموضوع مع خبراء محليين وعالميين، هناك أيضا أعمال أخرى مع جهات أخرى كوزارة الثقافة والهيئة العامة للآثار، وبالمناسبة فرفع مستوى الثقافة للشعوب يقود إلى رفع مستوى الجودة في الأداء التعليمي، وهذه مسألة مجتمعية.
.. ما الذي تبنيتموه من مشاريع ثقافية في بلادنا لاسيما وبلادنا تزخر بالموروث الثقافي والإبداعي؟
لدينا آثار سقطرى، لا يوجد لها نظير في العالم، لنا مواقع أثرية ومحميات طبيعية نادرة جدا لكننا لا نهتم بها، أخبرتني إحدى الموظفات البارحة قائلة: العالم كلهم يريدون أن يدعموا اليمن إلا اليمنيين لا يريدون أن يساعدوا أنفسهم، نحن مقصرون في حق هذا الوطن حكومة وشعبا. لدينا مشاريع أخرى في مجال الطفولة باعتبار الطفل هو المستقبل.
فيما أعرف أنه انتهى أو كاد ينتهي عقد التعليم للجميع المعلن عنه من اليونسكو سابقا، ما الذي استفادت اليمن منه؟
عقد التعليم للجميع تناول خمس قضايا أساسية: أولها تربية وتعليم الطفل. ونحن لما نصل بعد إلى المعيار المطلوب في هذا الجانب وفي كل الجوانب.
.. لماذا؟
السبب الرئيس قلة وعي المجتمع، وازدياد نسبة الأمية، عندنا أعلى معدل خصوبة ربما على مستوى العالم، انخفاض الموارد، التشتت السكاني، طغيان الريف على الحضر، ترييف الحضر وعدم تحضير الريف، في نظرية الدماغ التي نوقشت مؤخرا من قبل اليونسكو العام الماضي تم الاعتماد على نظرية باولو فريري في التربية والتعليم في اللاتمدرس، وتعني تأخر الدراسة حتى سن الست السنوات، طيب من واحد إلى ستة ما ذا يعمل الطفل؟ أرادوا الوصول إلى تحفيز الدماغ تحفيزا شديدا كنوع من التعليم المبكر وهي قابلة لذلك لأن نمو الخلايا العقلية يبدأ من اليوم الأول لولادة الطفل فعلينا ألا نهدر الطاقة البشرية خلال الست السنوات الأولى هذه. يقولون إن ثمانية عشر سنة وهي مرحلة التعليم الأساسي والثانوي كثيرة، علماء النفس اليوم وعلماء الفيسولوجي قالوا هذه كثير، ينبغي إعادة النمط في التعليم حتى يصل الشخص إلى سن الثماني عشرة سنة وقد أنجز وعمل وحقق ذاته، نحن اليوم في الطريق إلى أسلوب تعلمي جديد. هذه نقطة أساسية ينبغي أن تكون حاضرة بشكل كبير.
التعليم قضية مجتمعية
.. أين أنتم من هذه النظرية كمسئولين عن التعليم في اليمن؟
نحن لسنا مسئولين عن التعليم في اليمن، نحن جهة منسقة، المسئول عن التعليم في اليمن أولا الشعب اليمني، التعليم قضية مجتمعية بالدرجة الأولى، قضية دولة أيضا وحكومة أيضا، عندنا مشكلات في الموازنات، أولا أنها لا تكفي، ثانيا لا تصرف بشكل صحيح، نحن نحتاج إلى مراجعات لتكون هناك سياسة تعليم ناجحة، وتكون السياسة من أجل التعليم، رياض الأطفال ينبغي أن تكون في كل مدرسة، وفي السلم التعليمي كما هو الشأن لدى معظم دول العالم، في كثير من الدول إذا لم توجد روضة رسمية توجد روضة شعبية جماهيرية. اليوم منهجية التعليم تقرر التعليم من أجل التفكير، التعليم الإنتاجي.
.. برأيك ما هي أولويات التعليم في اليمن خلال المرحلة القادمة؟
من أولويات التعليم في اليمن، ينبغي أن يكون هناك نظام الجودة، وقد ناقشت ذلك مع معالي الأخ وزير التربية والتعليم حول فتح وإنشاء إدارة أو إدارة عامة تعنى بالجودة التعليمية، ثانيا: ينبغي أن يكون التعليم جماهيريا، للأسف اليوم تعز التي كانت إلى عهد قريب عاصمة الثقافة اليمنية وكعبة الثقافة فيها اليوم أعلى معدل للأمية، وأيضا أعلى معدل تعليم فيها، وقد تستغرب من هذه المفارقة ومن هذه المعادلة..
.. فعلا كيف؟
هذا راجع إلى معدل الخصوبة العالي فيها، ثانيا لا تنس أن كثيرا من المحافظات اليمنية هي محافظات ريفية جبلية طاردة يصعب توصيل الخدمات إليها، ذات يوم كنت في مديرية جبل راس إحدى مديريات محافظة الحديدة وكان معنا مندوبة البنك الدولي وخبيرة من اليونيسيف وكنت ضمن الفريق الباحثين، واستغربت من وضع الناس هناك قائلة: ما الذي أسكن الناس هنا؟ كل ميزانية البنك الدولي لا تكفي لتنمية مديرية جبل راس. ينبغي أن يكون هناك تهجير اختياري تنموي وهناك تجارب كثيرة في هذه المسألة أبرزها تجربة البرازيل التي كانت دولة من دول العالم الخامس قبل عقدين أو ثلاثة عقود، اليوم هي دولة من دول العالم الثاني التي تخطو حثيثة باتجاه دول العالم الأول، وكذا فيتنام، وغيرها. مثلا لما ذا لا نبني تهامة ونوفر فيها كل المقومات الحضارية والخدمية؟ لو تم ذلك لأتى إليها مثلا أبناء ريمة وأبناء حجة وأبناء المحويت وغيرها من المحافظات. الناس الذين يسكنون في جبال آنس لماذا لا يسكنون قاع جهران؟ مفارقة عجيبة!! الناس سابقا سكنوا الجبال لدواع أمنية. اليوم ربما زالت تلك الأسباب فلماذا يصر الأحفاد على سكنهم حيث سكن آباؤهم وأجدادهم؟ في حجة هناك مناطق سهلية فيها، لماذا لا يسكنها القابعون في أعالي الجبال؟ اليوم تحول مفهوم الأمن، صار مفهوم الأمن الثقافي هو المدخل للأمن الإنساني العام الشامل. للأسف غلب على ثقافتنا السلوك الاستحواذي، الأنانية الإبليسية، لا زالت الثقافة مسألة مؤجلة في تفكيرنا، نتعامل مع الأشخاص على أساس العرق، على أساس الجغرافيا، على مفاهيم قديمة، اليوم أوباما الإفريقي يحكم العالم، سود أمريكا اليوم حكموا العالم، طيب لماذا نحن اليوم لا نخرج سودنا من أوحالهم التي يعيشون فيها؟ نريد صناعة أفكار جديدة للدخول إلى المستقبل. لما ذا لا زلنا إلى اليوم نجرجر خلافات علي ومعاوية؟ ما ذا يعنيني اليوم كمواطن في القرن الواحد والعشرين من خلافات عائشة وعلي؟ لماذا لا أتجه إلى المستقبل؟ مشاكلنا معقدة. ينبغي أن يتبنى خطباء الجمعة برامج ثقافية مستقبلية في خطبهم، برامج عملية مفيدة، خطب تتكلم عن التعليم الإنتاجي، عن التفكير المستقبلي، عن التعليم، عن الثقافة، عن الاقتصاد، ينبغي أن يتكلم عن الآيفون والآيباد. ينبغي أن يكون المسجد حاضنة للإبداع، رافعة للعلم وللثقافة وللإنتاج. خطابنا لا يزال مغرقا في الماضوية أكثر منه في المستقبل أي كان هذا الخطاب. وبالمناسبة فكتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد للمفكر الإسلامي عبد الرحمن الكواكبي أعتبره من أجود ما جاد به الفكر العربي، وأدعو كل قارئ إلى قراءته والاطلاع عليه. مرت عليه أكثر من مائة سنة ولا يزال كتاب العصر. أتمنى من كل شاب ثائر يريد الثورة الحقيقية أن يقرأه، وبالمناسبة نحن نتطلع إلى ثورة فهم، ثورة قيم، ثورة فكر، ثورة أخلاق، أتمنى عليهم أن يقرأوه كما يقرأون البخاري ومسلم. يا أخي الحرية إنتاج. لا يمكن أن نتحرر وتصبح لنا إرادة سياسية مستقلة ونحن محتاجون، فما دمت محتاجا، فأنت تابع بكل تأكيد. بالأمس وزير الخارجية الفلاني يستقبل رئيس الجمهورية الفلاني، لماذا؟ لأنك غير منتج غير مكتف غير متحرر. أنا لا أريد أن أدخل إلى تجريح الذات كما قد يفهم البعض ولكن إلى إيقاظ الذات.
وزير المالية ابن زبيد
.. دكتور أحمد مدينة زبيد الشهيرة بمعالمها الأثرية مدينة الروح كما أطلق عليها أحد الفنانين الغربيين، وآثارها من أعظم آثار العالم كانت هناك برامج دولية خاصة بها.. ما الجديد بشأنها؟
الشمس فاكهة الشتاء وزبيد فاكهة الزمن، هكذا قال الشاعر والناقد العراقي الشهير الدكتور علاء المعاضيدي رحمه الله وقد طاف أزقتها وشوارعها واطلع على معالمها ونظم في ذلك ديوان شعر “روحانيات” في عام 1982م كنت فيها طالبا في الثانوية وقد زارها آنذاك عالم فرنسي مختص بالآثار والفنون الأثرية، وله تعشق بالفنون والعمارة الإسلامية عاش في زبيد عاش عيشة روحانية ثقافية فكرية وقد طاف أزقتها وشوارعها وتمنى أن تكون زبيد إحدى مدن فرنسا أو إحدى المدن الأوربية، وبالغ ربما في عشقه لها حتى قال إنكم في اليمن تمتلكون في اليمن ما لا يمتلكه العالم، كتب عنها كتابا ثم رجع إلى باريس وذهب إلى اليونسكو وقال: إنني ذهبت إلى مدينة في اليمن في ذلك الركن القصي من شبه الحزيرة العربية المنسي ووجدت فيها ما لا أجده في العالم من ذاكرة تاريخية لا نظير لها ذاكرة أسطورية بناها أناس كانوا يحبون الحضارة والعلم، عاد إلى اليمن وحاول أن يتخاطب مع رجال الثقافة والسياسة في اليمن بشأنها، وعاد إلى باريس مرة أخرى ثم عاد إلى زبيد في أكثر من رحلة وفي بداية التسعينيات سجلت مدينة زبيد في قائمة التراث العالمي تحت التجريب، فقالوا هذا تحفة معمارية عالمية، لكن هناك أخطاء مورست فيها في مواصفات مبانيها عليكم تجاوزها وإصلاحها، ظلت المخالفات ثم المخالفات ثم المخالفات حتى العام 2000م ولم تأبه لا الحكومة ولا الناس لأهميتها، بل وكثرت التجاوزات وازدادت، وقد تعامل الناس مع التاريخ كأحجار، ونظروا إليه مجرد قضية ماضوية لا قضية مستقبلية بمجافاة عن الثقافة، بمجافاة عن الذاكرة الجمعية، عن البعد الاقتصادي، المهم.. في منتصف العام 2005م تم إسقاط مدينة زبيد من قائمة المدن التاريخية العالمية، وأعدوا خارطة جديدة، وقالوا يبقى في زبيد بعض الشيء، جزء منها، وأنتجوا خارطة أخرى، وتوالت الإنذارات مرة ثانية لاستدراكها ولكن دون جدوى، حتى جاء الإنذار النهائي والإسقاط النهائي، حتى أصبحت في حكم بعض الآثار المعمارية فيها بعد أن كانت مدينة آثارية كاملة، الآن وزير المالية ابن زبيد، ومحافظ محافظة الحديدة ابن زبيد ونائب برلماني عنها، وأمين عام اللجنة الوطنية درس في زبيد وعاشق لزبيد، وقد كتبت عن ذلك وإنها لفضيحة كبيرة إذا لم يولوها حقها التاريخي، للأسف هناك من يريدون شطب مدينة زبيد من قائمة التراث العالمي منذ فترة ولكن هؤلاء من المخالفين ذوي المصالح الضيقة المستفيدين من مخالفاتهم، استولوا على مساحات فيها من الوقف باقية من آلاف السنين ولا يريدون لها أن تظهر، الآن المطلوب منا إذا لم يتحسن شيء على أرض الواقع فيها وخلال ثلاثة أشهر سيتم محوها من قائمة الآثار المتبقية وتصبح قرية مثل أي قرية أو منطقة من المناطق العادية. وللأسف البعض يسند محاربته لها بحديث أو خطاب ديني بحجة أن النصارى هم من يريدون أن يهتموا بالمدينة!! العالم مهتم بنا، ونحن لا نهتم بأنفسنا، هناك خطيب مسجد ليس له هم إلا إخراج زبيد من قائمة التراث العالمي!! هل من المعقول أن يكون النجاحيون الذين بنوها وقبلهم الزياديون أحسن منا اليوم؟ من المستفيد من إخراج زبيد من قائمة التراث العالمي الإسلامي؟ هناك اليوم دول تبحث لها عن تاريخ، تبحث عن تراث، ونحن نملك هذا التراث الضخم ولكن لا نهتم به، ذهبت إلى الدوحة فوجدتهم يعمدون إلى خلق تراث جديد لهم، في سلطنة عمان يحافظون على التراث.. لماذا في السعودية يحافظون على التراث وعندنا بعض ففقهاء الوهابية يحرمون الحفاظ على التراث؟ هناك إلى جانب زبيد حصن حب في إب وإن كان دون زبيد في الحقيقة حصن أسطوري ورائع كنا نريد أن نثبته في قائمة التراث العالمي بعد أن نثبت زبيد لكن من يقبل منا ذلك وقد أضعنا زبيد؟
.. الكلمة الأخيرة مفتوحة؟
أريد أن أقول: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، تغيير ما بالنفس مدخل للتغيير، نحن شعب يعاني من الفقر، من الجهل، من الآلام، فعلينا أن نتحرر بالعلم والمعرفة والثقافة والتعليم الإنتاجي علينا أن ننظر إلى المستقبل أكثر من الماضي، الذي يجب أن نتزود منه طاقة روحية وفكرية وثقافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.