يرخصُ النفيسُ ويبلى الجديد يسقط العالي ويعلو الدنيء.. تفرغُ المنابرُ وتمتلئُ المقابر.. هذه حال دنيانا التي نعيش.. لو سألت نفسك قبل أن تسأل أي شخصٍ آخر.. ما أثمن ما تملك لأجابتك نفسك.. عافيتي هي أثمن ما أملك.. الصحة بلغة الطب.. القدرة على العطاء والإبداع والتألق بلغة الأدب، القدرة على البناء والاندماج واكتساب علاقات إنسانية ناجحة في لغة النفس والاجتماع. ولكل تعابيرهُ وتفسيراتهُ التي لا تنتهي، المهم أن العافية بلغة الشارع هي فعلاً أثمن ما يملك الإنسان.. الكثير من الأمراض المزمنة يستطيع الإنسان التعايش معها..يصارع آلامها.. يتكيف مع تباريحها وفي أغلب الحالات يصبحُ صديقاً لها إذ لا يستطيع الإنسان أن يقهر سطوة الألم وتباريح المرض، لكن إذا كان المُصاب هو عقلك الذي يدبر أمر حياتك.. يصحبك نحو الحياة كمُحرك قوي ويُديرُ شؤونك الخاصة والعامة ويبقيك على يقظة من أمرك.. يرعاك بحنان ويسعفك بالدواء إذا عجزت عن إدراك ما تفعل أو ما تقول.. ماذا لو كنت من الذين شاءت لهم أقدارهم أن يعيشوا على الأرصفة حُفاة.. عراةُ.. يرون الناس من حولهم مجرد مخلوقات تسيرُ وتتعثرُ وتعود لتقف من جديد.. لا أحلام تدفعهم لتخيل المستقبل.. لا طموح يشحذ هممهم ليحفروا بأيديهم مقابر اليأس والإحباط.. لا لغةٌ.. لا مبدأ.. لا هدف.. تخيلوا فقط أن يكون مصابكم كمُصابهم.. بشر يتحدثون عن الحياة والموت.. يحتقرون السياسة يختبئون خلف أحداقٍ تائهة لكنهم يؤمنون بالحُرية.. ولعل الحُرية هي الشيء الوحيد الذي لا يعرفهُ العُقلاء من الناس.. هذا الجنون الذي يدفعهم للصراخ.. للتعري.. لإرسال الشعر على الكتفين تماماً كأُسود الغاب.. رجال بدأوا قصة الجنون بصدمة مادية أو عاطفية أو سياسية.. فقدوا بعدها رموز الحياة وأصبحت أيامهم طلاسم لا يفهمها إلاّ الذي سلبهم نعمة العقل جلّ جلاله، الجنون مرضٌ لهُ أعراضهُ وأسبابهُ وهو المرض الوحيد الذي يحولك من إنسان في صف الآدمية إلى حيوان ناطق في صف المخلوقات الأخرى.. المجانين الذين ينتشرون هنا وهناك لم يكونوا من أغنى أغنياء العالم.. ولم تكن نساؤهم “كيت وينسلت” البطلة الأمريكية المثيرة.. ولم يكونوا “جيمس بوند” عملاء سريون أو أفراد استخبارات إنهم شباب ورجال لعبت التربية المنزلية دوراً كبيراً في دفعهم إلى امتطاء صهوة الجنون والركض بسرعة على مضمار الجنوح النفسي وإقصاء القدرة على التعبير عن كل شيء.. كل شيء.. حتى الذات التي لم تعرف الاستقلال داخل نفوسهم. مزيداً من التفاصيل رابط الصفحة اكروبات