في حياتنا كثيراً من الأمور التي تمر علينا كمشاهد.. نحاول أن نتوقف أمامها في تلك اللحظة لنتفكر فيها.. وفي خلق الرحمن ولكن سرعان ما تتبدد لمجرد غيابها عن عيوننا.. بينما هناك ما يدعونا إلى التعميق فيها،وبما تفرضه من خصوصية دعتنا إلى التفكير بها عند اللقاء فيها،قصة شاب في ال 19 من عمره نحكيها في السطور التالية: لله في خلقه شأن جبران قائد الشرعبي قبل أن يكون له أسماً، كان لله فيه أمر اقتضاه،فكونه بين أحشاء أمه مضغه،فجنين لتكتمل دوره التكوين التي بكتمالها يغادر عالم الغيبيات،ليحل ضيفاً على عالم أول إشاراته فيه صرخات بكى وبين تلك الصرخة التي يرددها القادمون إلى الحياة كفعل مصاحب بلا استثناء تجد الصرخات ما يعاكسها من الابتسامات والفرحة لدى مستقبله، بينما جبران ميزة صرخته التي قابلتها حزن وربما دموع ممن كانوا ينتظرون قدومه بعد 9 شهور من الانتظار وهي حالة تفرضها المفاجأة بينما عند العودة إلى الحقيقة بروابطها الدينية والإيمانية يدرك المرء أن لله في خلقه شأن،جاء جبران إلى الحياة فاقداً لأطراف يديه حتى المرفق وساقيه وهناك من سيربط هذه الظاهرة بالعوامل العلمية الحديثة التي تعيد الأسباب إلى التناول الخاطئ للعلاجات أثناء الحمل أو إلى مواد كيميائية وصناعية مسببة لذلك في المواد الغذائية المعلبة والزراعية وكذا المياه التي أصبحت في مجملها أحد ركائز الأسرة اليمنية من حيث استخداماتها..وحتى تناولها عبر تلك المنتجات ولكن بين ما يتحدث عنه العلم تبقى القدرة الربانية هي الأكثر اقتراباً إلى أسرار التكوين للإنسان في أحشاء الأم،وإلا لكنا جميعاً قد أصبنا في بطون أمهاتنا بشيء من الضرر الذي مس جبران،كون اليمنيون يأكلون ويشربون من ذات المورد. جبران وحركة الحياة تجاوز الطفل مرحلة القيود التي تحتبسه في المهد وبدأت لديه رغبة في الحركة المماثلة لتلك التي يمارسها من يحولون أمام عينيه في حدود المنزل وحيث تصحبه أسرته معها،كان يحاول جاهداً من خلال حركاته غير الطبيعية أن يبعث برسائل إلى أبويه مفادها ساعدوني على أن أكون كغيري ممن يعتمدون على أنفسهم بالقيام بخدمة حياتهم بتناول غذائي ومشربي.. دون تحميلكم كل شئوني،لتدرك الأسرة أخيراً ما يريد بعد مشاهدتها له وهو يتحرك بشكل يثير الدهشة والإعجاب معاً،وكأنه يريد من خلالها التأكيد للآخرين على أن العجز لا تولده الأطراف المبتورة.. وإنما الإرادة والعزيمة التي يفتقدها الإنسان عند الشعور بالنواقص الذاتية،كونها هي السبب الذي يولد الفشل والعجز الحقيقي وجد الأبوين نفسهم أمام واجب التشجيع لأبنهم واحتمال نتائج محاولاته الأولى يُمنح أول حقوقه في الاستقلالية في تناول مأكله ومشربه دون تدخلهم من خلال وضع وجبته ومشربه من الشاي أو الماء فوق الطاولة،لتبقى تدخلاتهم برفعه من الأرض إلى فوق الكرسي ليقابل الطعام محاولات غير طويلة لتناول طعامه دون تدخل أبويه،والتي أخذت شيء يسيراً من جهدهم في مسح انقلاب أكواب السوائل أو بعثرت الطعام،لكنهم وجدوا بعد ذلك جبران يتناول طعامه عبر طريقته الخاصة وهي أنه يضع ذراعيه المبتورة أطرافها على صحن الطعام ومن ثم ينزل رأسه على مستواهم ليتناول وجبته،بينما يضع كوب الشاي أو الماء بين ذراعية ويشرب دون عائق وهنا يكمن السر الرباني في خلقه وهو من جعل لنا ما يدعونا إلى التفكير والاحتساب للأشياء من خلال ما يميز إنسان أو مخلوق عن غيره.. فقد نكون سليمي الجسد لكننا نفتقد لقدرة البصيرة في التدبر والذي تقاس من حيث تأثيرها في الإعاقة الأكثر مأساوية على المرء من المصاب بها فعلاً. المدرسة حلم وقيود عند بلوغه سن التعليم تفاعل جبران مع رغبته بالتعليم،بينما كان أبويه يفكرون في كيفية انتقاله اليومي من المنزل والمدرسة والعكس فالطفل لاقدمين أو يدين،فكيف له أن يسير ويكتب. إصرار جبران فرض عليهم تجهيزه بمتطلبات المدرسة.. ليفاجئ الطفل الجميع يؤكد على قدرته في الاعتماد على نفسه من تناول طعامه وحمل حقيبته المدرسية ليذهب إلى المدرسة بحركة سير تشبه نط الأرنب.. نظراً لغياب الساقين واعتماده على الأطراف القوقية من الساقين اللتان اعتاد التمرين للسير بهم من وقت مبكر.. وفي الفصل يجدوه زملائه ينط بسرعة غير اعتيادية إلى فوق كرسي الدراسة.. وبالسرعة نفسها يخرج دفتره الحصة وقلمه من حقيبته.. ليضع القلم على خده ويضغط عليه بزراعيه الأيمن.. ويكتب بعد معلمه ما يرتسمه من درس في السبورة سنوات خمس قضاها.. جبران في المدرسة يشيد به وبقدراته وتفوقه مدرسين وزملائه.. ليكون الصف الخامس آخر محطاته التي لم يتمناها فكان حلمه أكبر.. لكن أمر عسير أجبره على الاستسلام لقدره بعد تعرض ولده ومعيل الأسرة إلى حالة نفسية فقد من خلالها جبران مصدر عونه ودعمه المعنوي. شعاع ضوء لا يحمل الأمل بعد سنوات وانتظار وأمل جاء من يحكي لجبران عن جمعيات المعاقين ودورهم في خدمة المعاقين.. ليسرع إليها ويسجل نفسها بها.. لينال بطاقة عضويتها.. ليجد نفسه بمرور الشهور وبضع سنين ان خدمة الجمعيات لا تتجاوز منح بطاقتها.. عندما سمع أن هناك صندوق للمعاقين قد تم إنشاءه في صنعاء سارع إل هناك وكل ما يحمله من حلم.. أن ينال دعم الصندوق له بدورات في مجال الكمبيوتر واللغة الانجليزية كخيار يمكنه من الاعتماد على نفسه في الحياة إذا ما منح تلك الدورات لكن الصندوق الآخر، لم يلتفت له ولكونه في صنعاء وبما اكتسبه من معلومات عن الجهات المعنية بالمعاقين، فكر بأن يطرق باب الوزيرة / أمة الزراق حمد.. وزير الشئون الاجتماعية والعمل كجهة مشرفة على الصندوق والجمعيات ذهب جبران وافترش باب الوزارة ليجد الوزيرة بعد لحظات تترجل من سيارتها الفارهة لتقترب منه وتسأله ماذا يريد، تناسى مطلبه الحقيقي فقال لها أريد سيارة أتنقل بها كوني معاق كما ترين أجابته سوف أعطيك سيارة أحسن من حقي، وغادرت إلى مكتبها ظل جبران واقفاً أمام بوابة الوزارة وهو يحلم بما وعدته به من سيارة.. ومتمتم مع نفسه والله أنها أعظم وزيرة تحترم المعاق وحقوقه.. في لحظة مراجعة للنفس أدرك ربما ان المطلب قد يكون كبيراً ففكر بأنها ان لم تعطيه السيارة.. فإنها لن تعيده خائباً وستعطيه على الأقل مصروف طريق، وبينما كان يفكر في ذلك قدم إليه اثنان من الجنود ويرفعونه إلى الطقم ويذهبون به إلى قسم 45.. ليسجن هناك يوماً كاملاً كان ذلك في 2/2/2011م لماذا حبستوني، قالوا القانون لا يحمى المغفلين ليدرك حينها أنه أمام سد منيع يقف أمام أحلامه، فعاد إلى تعز مدينته التي كانت حينها تستوقد شرار الثورة السلمية وتدعو إلى التغيير وأرسى قيم العدالة الاجتماعية عام ونيف من ذلك الحدث وجد جبران نفسه في 19/5/2012م يسرع بعد سماعه عن انتخابات لقيادة جمعية المعاقين حركياً ليعلن ترشيح نفسه فيها، كونه عضواً بالجمعية في الاجتماع الموسع للجمعية، انتصب أحد أعضاء اللجنة المشرفة على الانتخابات والمنتدبة من الشئون الاجتماعية ليقف على الطاولة ليعلن أسماء المرشحين على الانتخابات، ولكثرت الحضور أجاب كل المرشحين عند سماعهم بأسماهم، بينما أسم تردد ولم يجيب صاحبه فظن العضوان الزحمة والضجيج بسبب ذلك وعند تكرار الاسم، استشعر عضو اللجنة أن الطاولة تهتز من تحت قدمه صرخ خوفاً من السقوط وإذا بجبران يخرج من تحت الطاولة ويقول له أنا المرشح الذي تبحث عنه، لكن إجابة عضو اللجنة كانت أشبه بشرار من نار تقع في قلب جبران لتعلن قتل أمل استزرعه في نفسه وعجز عن تحقيقه قبل الثورة وجاء إليه اليوم كحق مشروع استزرعت في نفسه ثورة 11فبراير أمل جديداً بالوصول إلى الحقوق المشروعة التي لا يحق لأحد استنقاص قدرات أي إنسان يمني من أن ينالها ويعمل من خلال قدراته وإمكانياته على السير فيها وتحقيقها.. لقد قال المندوب لجبران وهو ينظر إليه، إذا كنت بلا ذراعين ورجلين فماذا ستقدم لهؤلاء المعاقين إذا عجز مسئولينا الأصحاء من تقديم أبسطها للمعاقين فهل نجيز لأنفسنا حق حرمان الآخرين من حقوقهم القانونية والدستورية ونغض عيوننا أيضاً عن حقوقهم المستوجبة على الجهات المعنية بهم بالرعاية والتعليم والحياة بمعنى نرفض ترشيحهم ونصمت على حقوقهم.