يتساءل الكثير عن قراءة النص الأدبي؟ وكيف تتم وما دور القارئ المتلقي في إنتاجية النص؟ بل أين تكمن شفرة النص وعلاماته؟ فالقراءة إستراتيجية للبحث عن المعنى.. عبّر عن ذلك الجاحظ بقوله إن المعاني مطروحة في الطريق ولكن كيف؟ هل المعنى في جعبة الشاعر، أم في بطنه كما أوصل إلينا هذا الرأي الأقدمون أيضاً.. فنصل إلى نظرية موت المؤلف وأن النص طينة نحن نستطيع تشكيلها وطفلاً نستطيع نقوله مانشاء نحن، فهناك إعادة إنتاج مستمرة لهذا النص، وتظل دلالته تتوالد بتوالد الأجيال والأفهام، بل في تطور الأفكار... فالنص أولاً إنساني نابع من إحساسات اختلجت في وجدان شاعر، ثم تخاطب إحساسا الآخر، هذا الآخر بكل ثقافاته وتناقضاته، وخلفيات تذوقه، ومن ثم قدراته وملكاته، التي تستطيع سبر أغوار النص، ومن هنا لا أحد يمتلك المعرفة المطلقة بنص ما.. إذ تتكون معارف وقيم شتى حول هذا النص.. فهناك عناصر ثلاثة يجب أن تتفاعل وهي: المنشئ والنص والمتلقي، وهي تتكون في عملية إبداعية مستمرة، وبحسب منهجية القراءة يتحقق المعنى من خلال فعاليات التجربة، الكاملة لأن كل معنى للنص هو كل رد فعل يثيره النص في ذهن القارئ .. وردود الفعل هنا تختلف من قارئ إلى آخر.. وعناصر الدهشة أيضاً تتعدد هذه الدهشة التي تبدأ من القراءة الأولى إلي تثير الانفعالات والأفكار ومدى القرب من النص، فهناك نصوص ننفر منها من اللحظة الأولى.. وهناك نصوص تتعالق وتظل في اتصال مستمر مع الذهن.. ثم تأتي بعد ذلك القراءة الفاحصة وهي المتعمقة في كل زوايا النص، فهي لا تنظر إلى خارج النص، وذلك بأن ما أمامنا هو قيمة حدسية نفسية مستقلة بذاتها، وليست قيمة معرفية.. فلابد من تحليل معجم النص وتفكيك كل رموزه وتراكيبه باعتباره أولاً لغة، ثم كتلة من المشاعر والأحاسيس تحولت إلى معنى يعتمل الآن في ذهن القارئ.. تتشكل وفق افتراضاته وآماله وخيباته وأحلامه..وهي تحاول البحث والتنقيب بين الدال والمدلول وتعمل على فك أسرار التعدد الدلالي للنص.. لذا تتعدد القراءات ويمكننا إجمالها بالآتي. القراءة الإسقاطية: وهي الأولى التقليدية التي لا ترتكز على النص ولكنها تمر من خلاله. قراءة الشرح: وهي تلتزم بظاهر النص...وتعمل على فهم الألفاظ وتفسير معانيها المعجمية واللغوية. القراءة الشاعرية: وهي قراءة للنص من خلال شفراته وبحسب المساق الفني.