نظراً لأصالة الجاحظ ونبوغه وألمعيَّته واتِّقاد قريحته، وجليل إسهامه وإبداعاته، فهو يستحقُّ بجدارةٍ كاملةٍ كلَّ ما قاله فيه مريدوه ومحبُّوه والمعجبون به من تقريظاتٍ ساحرةٍ باهرةٍ، تكاد تبدو لمن لم يطَّلع على آثار الجاحظ وحياته وفكره أنَّها محض مبالغات. من نوادر الجاحظ عن البخلاء يدفع البخل أهل خراسان إلى أعجب الحيل وأطرفها، من ذلك ما رواه الجاحظ من أن أناساً من أهل مدينة مروا لا يلبسون خفافهم (أحذيتهم) إلا ستة أشهر في السنة؛ فإذا لبسوها في هذه الأشهر الستة يمشون على صدور أقدامهم ثلاثة أشهر، وعلى أعقاب أرجلهم ثلاثة أشهر مخافة أن تنقب هذه النعال.