(1) شيء من الذاگرة كانت الطريق طويلة وكنت وحدي أسير فيها ... كانت وعرة تقطنها الهوام والسباع ... ولم يكن لي سلاح سوى قلم حبر وبعض الأوراق ... سكب قلبي دما غذى القلم وراح يسطر آهات وعذابات مريرة... مازلت أجد مذاقها المر في لساني يضطرب لها جوفي طوال النهار ... وفي الليل أطعم مذاقات حلوة لآمال طالما حلمت بها... كنت طفلة عندما سألتني إحداهن ... ماذا ستصبحين عندما تكبرين؟ لم أكن أدري ما يوم غد لكنني كنت أدري أني أعشق ذلك البعيد إلى حد الهيام... ذهبت في طريقي أحمل صرتي وبعض الحاجيات... ولأن الطريق وعرة كنت أتوكأ على قلمي... وتظلني أوراقي من حر الشمس الذي زاد عذاباتي... في الطريق لم أصادف أحداً أو بالأحرى لم أصادف إنساناً يعين على الطريق... كل من هنالك كانوا أشباها ونظائر لما يسمى بجنس البشر... لوحدي فللت الصخر وعبدت الأرض وانتزعت الأشواك... وفوق ذلك أتيت بقلمي على وحوش البرية من أشباه البشر... والآن بعد أن سكن الكون وعبدت الطريق وزال الخوف... وفتحت المداخل وسار على طريقي الجميع زمراً وفرادى رجالا وركبانا ... أنا وحدي من تضيق بي السبيل... هل يصدق أحد بأن طريقاً بهذا الاتساع تعجز عن الإفساح بموضع لقدمين هزيلتين هدهما التعب وطول السير؟... هو كذلك لقد ضاق بي وطني... وكشر عن أنيابه... وهل للوطن أنياب؟! نعم إنها أنياب أعدائه... صغيرة أنا ولا يحتاج لحمي لكثير فرم... الأسنان العادية تفي بالغرض... عذراً أقول ذلك إشفاقا عليكم... وإن أردتم يمكنني أن أطلب وصفة من طاهية معروفة... أنا فقط أريدكم أن تستسيغوا مذاقي ... وأريد أن يلذ لحمي في أفواهكم ... لا تخشوا شيئاً لن تصابوا بعسر الهضم ... فقد قلت لكم قبلاً لازلت صغيرة ولحمي طري...