Anees Ghanima الحياة، اللعبة الأكثر انتشاراً، أشهر من أوراق الكوتشينة، و المونوبولي، وكل ألعاب الألواح والورق. الحياة معضلة، تكبر يوماً بعد يوم في عينين صغيرتين، تكبُران ببطء، وبلا إرادة. ويكبر معهما الجسد الهزيل، في الحقيقة يكبر فيهما، وإذا تمعنا فهو يكبر ويصغر.. يكبر مثل عصفورٍ ملون، في عينيّ الصغير الصغيرتين، وتكبر الأحلام، لعبةً صغيرةَ، أصغر من أي لعبة، ليلعب قليلاً، ثمة أشياء بالتأكيد تحدث، يراها على التلفاز، يلعبون بشيء طويل؛ له ماسورة، و مسامير! ثمة اشياء يراها، لا يأبه، ثمة أشياء تُصور وتنسى، لذا قرر أن يشتري لعبةً بماسورة طويلة ومسامير. ليتذكر، فالأطفال في مثل سنهِ، يحتفظون بذاكرة خاصة، بالمناسبة، هل الجسم من يحتفظ بالذاكرة، أم الذاكرة من تحتفظ بالجسم ؟ أقول هل وليس كيف، الأمر غريب! ظل الصغير، ذو الذاكرة الخاصة، والذي يكبر جسده يوماً بعد يوم، يلِحُّ على أُمهِ المكلومة قبل مدة ليست بالطويلة، وليست بالقصيرة أيضاً، إذا استثنينا المشاعر، أو إذا نظرنا الى الموضوع من عين الأمر الواقع. وحين صمم على طلبه، فجأة، وبعد أن نفد صبرها، بعد أكثر من محاولتين، انفجرت الأم، تصرُخ في وجهه، بوجهٍ هو ليس وجهها، على الأقل هكذا يعرف، ولكنه مع هذا، لم يستطع التفكير في الأمر، حتى أنه لم يفهم الكلام، من يستطيع أن يقول لهُ أن والدهُ الذي لم يرهُ أبداً قد قتلته إحدى هذه المواسير ! والحياةُ لعبة، يلهو الصبي بكل ما أتاهُ الوقت من ساعاتِ نَهار، وبكل ما أتته القوة ليتغلب على كل المشاهد غير المألوفة؛ على عكس الأطفال في مثل سنهِ، والذين يألفون كل ما هو جديد، وربما، استهجن بعضهم التكرار، وعلى غرار الصبي، فهو أحياناً يستهجن بعض الأمور المتكررة، كأن يطلب اللعبة مجدداً من أمه، أو حتى من جدته، التي لا تختلف عن أمه. يكبر الطفل، من يكتم الأمر بعد اليوم! من يُزيل عن عينيهِ ضباب المدينة، يكبر الفراغ، يستطيلُ شكلُ الحدث، وهو يكبر، غير آبه بما يرى.. ما أصغر الدمعة - تغني فيروز - ينطلق الطفل، الذي كبر فجأةً، وشبْ. هناك طفل يحلم بلعبةٍ صغيرة، من يوفرها ! سأعفي نفسي من الثأر لو وجدتها.. أيُها الصامتون احفروا في قلبي أغنيةً ولا تتحدثوا بها أمامي لعليَّ أُنصتُ في سهوةٍ .. أسمعها و تُزهِرُ فيَّ ألحاني.