في نوفمبر المنصرم وصف أحمد الآنسي - رئيس الهيئة العليا لمكافحة الفساد - وضع المبيدات الزراعية بأنها من أكبر بؤر الفساد في اليمن، ولأول مرة الأربعاء الماضي يعقد رئيس مجلس الوزراء اجتماعاً خاصاً لمناقشة قضية مكافحة تهريب المبيدات الزراعية. وضم الاجتماع النائب العام ووزراء الدفاع والداخلية والزراعة والشئون القانونية ورئيس جهاز الأمن القومي ورئيس جهاز الأمن السياسي والمسئولين والمختصين في مصلحة الجمارك ووزارة الزراعة والجهات الأخرى المعنية وذات العلاقة، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها اليمن اجتماعاً بهذا المستوى لمناقشة قضية تهريب المبيدات، رغم التأثيرات الكارثية التي تسببت بها عمليات تداول المبيدات على الإنسان والبيئة والاقتصاد في اليمن منذ عقود، بينما أفاد تقرير وزارة الزراعة إلى أن المبيدات المهربة (تقف وراء أبرز المشاكل والصعوبات التي تواجه البلاد).. وتتحدث الإحصائيات عن وجود أكثر من (700) نوع من المبيدات معظمها محظورة يتم استخدامها في اليمن، وخلال الفترة من مارس 2012 إلى مارس الجاري تم ضبط (16221) من المبيدات المتنوعة أغلبها مخالف للمواصفات. لكن المعنيين في المجال الزراعي أشاروا ل (الجمهورية) إلى أن الكميات الحقيقية للمبيدات التي تدخل البلاد تتجاوز تلك الكمية التي تم الإعلان عن ضبطها. وتظهر أسوأ تأثيرات المبيدات بوضوح على الجانب الصحي؛ فقد أفادت تقارير منظمة الصحة العالمية أن هناك أكثر من (22) ألف حالة إصابة بالسرطان في اليمن سنوياً، في حين يحمل الأطباء نسبة كبيرة من الإصابة بالأورام السرطانية إلى الاستخدام العشوائي لمبيدات زراعية خطيرة أو محظورة يتم تداولها في اليمن. الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مؤخراً كانت محل نقاش أواخر فبراير الماضي بين التجار المستوردين للمبيدات والأسمدة ووزارة الزراعة، حيث أبدى بعض المستوردين احتجاجاً مما وصفوه بعمليات الفحص المتكررة التي تخضع لها وارداتهم من تلك المبيدات والتكاليف التي تفرض على المستوردين عند كل عملية الفحص، إلا أن وزير الزراعة فريد مجور أكد خلال اجتماعه بالتجار أن الوزارة ستمضي في تطبيق القانون المتعلق بتداول المبيدات والأسمدة، داعياً القطاع الخاص ومستوردي المواد الزراعية والفنيين في الوزارة إلى التنسيق وطرح ملاحظاتهم حول بنود القانون، وتقديمها إلى الشئون القانونية في الوزارة لدراستها واتخاذ الإجراءات المناسبة وإعداد مشروع قانون يتناسب مع طبيعة المهام، وبما لا يؤثر على التنمية الزراعية ومصلحة التجار والمزارعين. وبين الفترة التي ستستغرقها الحكومة في ضبط تهريب المبيدات والمواجهات مع المافيا التي تقف وراء تلك التجارة من مدنيين وعسكريين، هناك أرقام مرشحة للتصاعد لمن يسقطون ضحايا السرطانات الناجمة عن رش المبيدات على المنتجات الزراعية، والقات الذي ترتبط زراعته وتجارته بالمبيدات ارتباطاً وثيقاً؛ حيث تسجل نسب الإصابة في السرطان ارتفاعاً مخيفاً يتجاوز المعدلات الافتراضية في اليمن ب (12) ألف حالة وفاة سنوياً - بحسب المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان - وهي أرقام كان يمكن أن تكون أقل من ذلك بكثير فقط لو كانت الحكومة قد أعارت مسألة المبيدات اهتماماً يعفي اليمنيين من المآسي المترتبة عن المبيدات.