دائماً أتساءل: أين هم الفاسدون الذين أنشئت لأجلهم هيئة مكافحة ونيابات ومحاكم وجهاز مركزي!؟ وأين القضايا التي جرجرت ناهبي المال العام إلى القضاء ليقتص للوطن من كل من تولى منصبا قياديا إيراديا في النظام السابق رفعوا شعار "العمل تكليف" وليس تشريفا ومغرم لا مغنما وإذا قسنا عمر النظام مقارنة بما جمعه أصحاب المثل إياه فسنجدهم حصدوا ثروات طائلة وفي نفس الوقت يدعون الشرف والنزاهة بينما القليل من خرج من جلباب المنصب نظيف اليدين. هناك من صدر بحقه قرار فصل على عشرات الآلاف من الريالات، بينما أصحاب الملايين والمليارات لا يسألون من أين لك هذا على أساس أنهم جاءوا من بيت شبعانة! السارق في اليمن مبهرر لا يخاف لومة لائم ينهب الدولة بقلب من حديد تجدهم أكثر الناس ينظرون عن الفساد والمفسدين وكأنهم مصابون بانفصام غريب وعجيب. إن السطو على المال العام أشبه بالهبوط الاضطراري للطائرات فالذي لا يخرج بغنيمة من منصبه يموت من الجوع؛ لأن النظام السابق كان يوزع المناصب هبات وعطايا تمنح للمقربين والمطبلين ومن والاه اعتبر فيه النزيه أهبل يستاهل لطم الجزم؛ لأنه فوت فرصة العمر فكتب له الشقاء طوال عمره ولهدا كان المنصب الذي يتقلده البعض محطة عبور إلى الثراء والكسب السريع لدرجة أن المناصب أصبحت تشترى وصار هناك مقاولون وسماسرة تعيينات في المناصب القيادية. لذا سمعنا أن فلانا يعين وزيرا وآخر يبتاع ويشتري في السلم الوظيفي للدولة بمبلغ وقدره. رحل النظام وجاءت الثورة بنظام آخر فهل ياترى سيستمر الحال كما هو عليه أم سوف توضع معايير لشاغلي وظائف الدولة بعيدا عن المحسوبية والحزبية والبيع والشراء. المحافظ شوقي هايل بعد التغيير كان متحمسا لإصلاح الخلل بالجهاز الإداري بتعز وبدأ بتجربة فريدة بإخضاع المنصب للتنافس إلا أن المطبات وضعت في طريقه ولو تركوا التجربة تمر لشكلت خارطة طريق لبقية المحافظات بأن تصحح من مسار الجهاز الإداري للدولة المتخم بقيادات جاءت بهم صلاة الفجر ودعاء الوالدين وتخزينة عرمرمية عند شيخ لا ترد له مطالب!