كان عمر بن الخطاب صاحباً لعمرو بن العاص وعندما اعتدى ابن عمرو على قبطي مصري لم تؤثر العلاقة الشخصية ولا منصب عمرو ودوره الكبير في الدولة والفتوحات ولا أثر لشخص المظلوم ودينه ومكانته، لأن علاقة عمر الفاروق بقيمة العدل والمساواة أكبر من العلاقة بالشخص والمنصب، والمعيار هنا هو الحق وليس الأشخاص ولهذا رأيناه يُحضر أمير مصر وفاتحها بكل «هيلامانه» ويأمر القبطي أن يقتص من ابن الأمير بقوله: «اضرب ابن الأكرمين» نكاية بمقولة ابن عمرو عندما لطم القبطي وزاد عمر أن قال وأكملها «بصلعة» عمرو فلولاه ما تمادى ابنه على الناس.. وكان الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم قد أكد هذا المعنى بقوله: «والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»!. الأشخاص يجب أن يُقاسوا على القيم والحق ليكون الحق واحداً بغض النظر عن تعدّد الأشخاص أو قربهم وبعدهم وحبهم وكرههم حتى لا نكيل بأكثر من مكيال، فتكون النتيجة أن نذبح العدل والحق ثم نرجع ونتباكى على ضياع الحقوق وغياب العدالة ونحن لم نتعامل بمعيار واحد مع العدالة في تعاملنا وحكمنا على الأشخاص والمواقف في حياتنا اليومية ومواقفنا التي تبحث عن اختلاق عورات وأخطاء هذا وتغطية فضائح ذاك، وهي أمور تعبّر عنّا وعن المستوى الإنساني الذي نعيشه. هل نحن أمة وثنية لم يؤثر فينا الإسلام الذي جاء لهدم الوثنية والصنمية وغرس الحرية والمساواة والعدل؟.. هل نحن أمة تدور حول الأشخاص والصور أم أمة حضارية تدور حول القيم والصواب والبحث عن الأفضل والأنبل وتقف ضد الخطأ سواء جاء من صغير أو من كبير؟ من صاحبي أو خصمي؟ ولا خصومة في الوطن ولا منازعة في المصلحة العامة عند الشعوب الحيّة والعاقلة.. اللهم احفظ لنا عقولنا وقلوبنا. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك