البطالة في اليمن مشكلة خطيرة تصل نسبتهاإلى أكثر من 30 % ،منهم ثلاثة ملايين ونصف من طالبي الوظيفة للمرة الأولى معظمهم من الخريجين الجامعيين وكشف مصدر مطلع إن وزارة الخدمة المدنية توظّف أقل من 10 % من المتقدمين للوظائف بما لا يلائم احتياجات سوق العمل وهذا يؤكد بأن سوق العمل لم يطور النقطة التي يستطيع من خلالها استيعاب نوعية الطلبة المتخرجين من الجامعات والسؤال الذي يطرح نفسه لحل مشكلة البطالة هو: ماهي الأسباب المؤدية لارتفاع نسبتها في اليمن؟ وماهي العلاقة بين البطالة في صفوف الخريجين اليمنيين ومتطلبات سوق العمل؟ تطوير سوق العمل الدكتور عبدالملك المنصوب أستاذ علم الاقتصاد يقول: الشيء المهم الذي يجب أن يُلاحظ هوأن المسألة ليست فقط مسألة إنتاج الجامعات للنوعية الخاطئة من الطلاب، ولكن مشكلة الدولة في تطوير سوق العمل أياً كانت الأسباب.. وبالتالي فإن المشكلة لازالت قائمة ولجعل الشباب العاطلين أكثر قبولاً للتوظيف فإن تغيير المناهج الدراسية في الجامعات هو إحدى المتطلبات الأساسية لتعكس احتياجات سوق العمل.. والمؤسف أن معظم أصحاب المشاريع والمؤسسات التجارية والمنشآت الصناعية لايعتقدون بأن المتخرجين من الجامعات قد لا يتناسبون مع متطلبات العمل وهذا بسبب افتقار التعليم الجامعي الى الحفظ واجتياز الامتحانات والاختبارات بدلاً عن تطويرالمهارات وهذه المهارات لا تقتصر فقط على التخصص الجامعي، ولكن تتعداه إلى مهارات أخرى مهمة جداً في وقتنا الحاضر. واستطرد الدكتور المنصوب قائلاً:التعليم الجامعي يجب أن يغرس في الطلاب السمات المفيدة لأرباب العمل وهذا يشمل تطوير مهارات أخلاقيات العمل، اللغة والتواصل الجيد، الصفات القيادية والديناميكية، والرغبة في مواصلة التعليم وتحديث المهارات وللأسف فإن العديد من أرباب العمل يعتقدون بأن الخريجين الجامعيين يفتقرون لمعظم هذه الصفات والأكثر فائدة من هذا هو توظيف المتخرجين من المدارس وتأهيلهم وتدريبهم ومثل هذه المتغيرات لن تكون مقتصرة على تغيير المناهج الجامعية فقط، بل تنطوي على نهج جديد في طلب العلم والتغيير في المواقف للمتعلمين، لابد لأرباب العمل أن يكونوا أكثر مرونة في نهجهم في توظيف الخريجين الذين لديهم سمات العمل المطلوبة مع الاستعداد لتدريبهم،لأن مشكلة بطالة الخريجين الجامعيين ليست بمشكلة سهلة الحل بقدر ما تتطلب لقوة دفع كبيرة على كافة الجبهات من أجل الوصول إلى حل لهذه المشكلة. أسباب البطالة وعن أسباب البطالة في اليمن يقول الدكتور المنصوب: الحقيقة إن البطالة في اليمن تعود إلى أسباب عديدة وغالباً ما تكون مركبة منها إن العمالة اليمنية تحتوي على نسبة كبيرة غير ماهرة في حين إن الوظائف الحديثة وظائف تقنية وتتطلب مهارات نوعية، وهذا يؤدي إلى زيادة نسبة العاطلين ومن تلك الأسباب ضعف التأهيل الفني لقوى العمل وهو ما بدأت اليمن بعلاجه في الأعوام الأخيرة من خلال إنشاء المعاهد الفنية، وكذلك غياب التخطيط السليم لمخرجات التعليم الجامعي إذ أن الطاقة الاستيعابية للكليات الإنسانية “غير العلمية” مفتوحة على مصراعيها.. بينما هناك تضييق شديد بفرص القبول في الكليات العلمية، كالطب والهندسة والحاسوب وغيرها لذلك يندفع الفائض إلى الكليات الإنسانية لكي لا يضيع عليهم عام دراسي. تشريعات خاصة ومن أسباب البطالة أيضاً عدم العمل بالتشريعات القانونية المنظمة للعمالة غير اليمنية، فهناك تراخيص عمل تمنح لأجانب يفترض أن يُسمح لليمني بمزاولتها وهذا يعني حرمان عدد كبير من اليمنيين من استحقاقهم في العمل.. كما أن هناك قوانين تحدد نسباً معينة للعمالة اليمنية في الشركات الاستثمارية الوافدة في ظل عدم وجود رقابة أو جهة تُلزم هذه الشركات بالتقيد بالنسب المعلنة، فتحل محلها عمالة أجنبية علاوة على عدم توفير الحماية للعمال من استغلال الشركات لظروفهم. ومن الأسباب المهمة التي فاقمت من ظاهرة البطالة في اليمن الفجوة التنموية الواضحة التي تفتقر لها بعض المحافظات كمثل المصانع أو الموارد الطبيعية التي تساعد على قيام نشاط اقتصادي الأمر الذي يضعف فرص أبناء هذه المناطق في العمل.. كما أن هناك تأثراً بتدهور النشاط الزراعي، إذ أن الهجرة من الريف إلى المدينة تعني حرمان عدد كبير من الأيدي العاملة من العمل، لأن الزراعة تتطلب عمالة كبيرة كزراعة القطن أو المنتجات البقولية بجانب ضعف حركة استصلاح الأراضي التي عادة ما تكون بدعم حكومي ونتيجة لذلك تزداد ظاهرة هجرة أفواج من العمال الشباب إلى المدن ومعها تبرز مشكلة النمو السكاني الكبير في المدن اليمنية وهو أمر يؤدي لتنامي عدد من الظواهر السلبية في كل من المناطق الحضرية والريفية تتمثل في عمل الأطفال والتسول. حلول جذرية وعاجلة مشكلة البطالة تتطلب حلولاً جذرية وعاجلة لا تقبل التسويف ما تعليقكم؟ -حقيقة الحلول المطروحة غير ناجحة إلى حد كبير إذ أن المفتاح الرئيسي لتخفيض معدلات البطالة في اليمن يظل كامناً في تحقيق نمو اقتصادي قوي يكفي لتوليد فرص عمل مثمرة والقيام بتنفيذ استراتيجية فعالة لتشغيل القوى العاملة وبحيث تشمل تخفيض معدل النمو السكاني المرتفع وإدخال المزيد من العنصر النسائي لسوق العمل، وتحسين مستوى جودة التعليم والتدريب وتشجيع الاستثمارات الخاصة والتركيز على القطاعات غير النفطية.. ومهما يكن من أمر لابد من القول: إن معظم أسباب البطالة في اليمن كما في دول العالم أجمع ليست قدراً محتوماً، و العلاج يكمن في مواصلة الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بشكل متوازٍ وحثيث، يمكن الإشارة هنا إلى عدد من الحلول المهمة والتي يغلب عليها الطابع المباشر وتتمثل في الآتي: التسليم بتراجع قدرة قطاع الدولة على تأمين استيعاب الأعداد المتزايدة. تنشيط الاستثمار في الموارد البشرية وإصلاح انساق التعليم والانتقال التدريجي إلى التعليم المعاصر. تخفيض كلفة استخدام التكنولوجيا وتقريبها من العامة، وتشجيع القطاع الخاص ليوفر الجزء الأكبر من العمالة القادمة طالما والقطاع الحكومي غير قادر على توفير أكثر من 20 % من فرص العمل، وتوفير فرص عمل للنسبة الباقية يقع على عاتق القطاع الخاص. التركيز على الحل السحري الذي أتبعته بعض الدول وهو الاهتمام بالمشروعات الفردية والصغيرة دعماً وتمويلاً. محاربة الفساد بكل أشكاله دون هوادة وترسيخ حكم دولة القانون التي تتيح الفرص المتساوية لجميع مواطنيها ودون أدنى تمييز.