نشأة الجاحظ: ولد الجاحظ في مدينة البصرة نشأ فقيرا، وكان دميما قبيحا جاحظ العينين عرف عنه خفة الروح وميله إلى الهزل والفكاهة، ومن ثم كانت كتاباته على اختلاف مواضيعها لا تخلو من الهزل والتهكم. طلب العلم في سن مبكّرة، فقرأ القرآن ومبادئ اللغة على شيوخ بلده، ولكن اليتم والفقر حال دون تفرغه لطلب العلم، فصار يبيع السمك والخبز في النهار، ويكتري دكاكين الورّاقين في الليل فكان يقرأ منها ما يستطيع قراءته. كانت ولادة الجاحظ في خلافة المهدي ثالث الخلفاء العباسيين سنة 150 ه وقيل 159 ه وقيل 163 ه، وتوفي في خلافة المهتدي بالله سنة 255 هجرية، فعاصر بذلك 12 خليفة عباسياً هم: المهدي والهادي والرشيد والأمين والمأمون والمعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز والمهتدي بالله، وعاش القرن الذي كانت فيه الثقافة العربية في ذروة ازدهارها. أخذ علم اللغة العربية وآدابها على أبي عبيدة مؤلف كتاب نقائض جرير والفرزدق، والأصمعي الراوية المشهور صاحب الأصمعيات وأبي زيد الأنصاري، ودرس النحو على الأخفش، وعلم الكلام على يد إبراهيم بن سيار بن هانئ النظام البصري. من نوادره: قال الجاحظ مررت بمعلم صبيان وعنده عصا طويلة وعصا قصيرة وصولجان وكرة وطبل وبوق. فقلت ما هذه؟ فقال عندي صغار أوباش، فأقول لأحدهم اقرأ لوحك فيصفر لي بضرسة فأضربه بالعصا القصيرة، فيتأخر فأضربه بالعصا الطويلة، فيفر من بين يدي فأضع الكرة في الصولجان وأضربه فأشجه، فيقوم إلي الصغار كلهم بالألواح، فأجعل الطبل في عنقي والبوق في فمي، وأضرب الطبل وأنفخ في البوق، فيسمع أهل الدرب ذلك فيسارعون إلي ويخلصوني منهم.