حين يغمض الإعلام طرفه عن قضايا الوطن الكُبرى يتحوّل إلى شريك في الجريمة، وحين يرتكب هذا الجرم يصبح غيابه أفضل من وجوده. يتصرّف الإعلام اليمني بشقيه "الرسمي والخاص" بقصور لافت تجاه التوعية المجتمعية التي هي وظيفة أساسية من وظائفه. إنني أتساءل كغيري عن البرامج التوعوية التي تصبُّ في الحفاظ على مقدّرات الوطن وتجرّم الاعتداء على البُنى التحتية، وتبرز مرتكبها بصورة مقزّزة تحدُّ من تلك الممارسات التي تنال من مشاريعنا الحيوية كالنفط والكهرباء، وتجعل فاعلها إن لم تمنعه عن فعلها منبوذاً لا يفاخر أو يجاهر بما يرتكب من جرم في حقه وحق الله والناس والوطن..؟!. أين البرامج التي تعزّز من قيم الانتماء إلى الوطن عند الجمهور المشاهد، وترعى وتنمّي هذه القيم بخطط مرسومة ومهدّفة..؟!. أتساءل عن البرامج التي تتحدّث عن روح الأخوّة ومعاني التعاون وقيم التسامح بين أفراد المجتمع في يمننا الواحد والذي تتهدّده الآن دعوات التمزُّق والفُرقة، وتشهر في وجهه أسلحة المشاريع الصغيرة للنيل من وحدته والتي تمثّل ضوء الإنجاز الوحيد في محيط الإخفاقات المظلمة..؟!. أتساءل عن برامج التوعية في ميدان العلم والمعرفة والإبداع والإنتاج والكسب والتشجيع على الإيجابية لشريحة الشباب الذين هم في أمسِّ الحاجة إلى مثل هذه البرامج..؟!. أتساءل ولعلكم تتساءلون معي عن برامج التوعية التي تسهم في إنتاج جيل التعايش والوسطية والاعتدال والقبول بالآخر، وتردم بوعي فجوات التطرُّف والتشدُّد، وتمهّد عقبات التمترس خلف قناعات تقمع الاجتهاد وترفض التعايش مع الآخر..؟!. إننا نحسُّ رغم وجود هذا الكم من القنوات الفضائية بمدى حاجتنا الماسة إلى إعلام نتفق جميعاً على محتواه، وبعد ذلك نختلف كما نشاء في الأمور التي ما عداها.