الشؤون الخارجية بالانتقالي تبحث التعاون مع المفوضية السامية وتؤكد احترام المجلس لحقوق الإنسان    اغتيال جار الله عمر.. اللحظة التي دخل فيها ملف الإرهاب في اليمن دائرة التوظيف السياسي    وقفة قبلية في جحانة تنديدًا بالإساءة للقرآن وإعلانًا للجهوزية والاستنفار    الأرصاد: سحب منخفضة كثيفة على سقطرى والسواحل والمرتفعات المحاذية    جوائز غلوب سوكر: باريس والبرتغال ويامال الأفضل    تشييع جثمان الشهيد المقدم توفيق العسيقي في التعزية    مدارس أمانة العاصمة تحتفي بعيد جمعة رجب    منذ أكثر من شهر.. مليشيا الحوثي تمنع دخول عشرات الشاحنات المحملة بمادة الأخشاب    الشتاء يتحول إلى كارثة إنسانية: 20 وفاة وآلاف النازحين بالعراء في غزة    مركز البحر الأحمر للدراسات يصدر كتابين جديدين حول الهجرة الأفريقية غير الشرعية إلى اليمن والقضية الفلسطينية    عاجل: أهم نقاط البيان.. سيئون تجدد العهد لاستعادة دولة الجنوب وتفوض الانتقالي خيارًا نهائيًا بلا تراجع أو مساومة    ميلان يقسو على فيرونا بثلاثية ويعتلي صدارة "الكالتشيو" مؤقتاً    ورشة حول الصحة والسلامة المهنية بصنعاء    مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة طارئة غدا لبحث الاعتراف الإسرائيلي ب"أرض الصومال"    أمين العاصمة يتفقد أعمال صيانة شارع سبأ بمشاركة مجتمعية    خفر السواحل تحذر من السباحة قبالة سواحل عدن وأبين وشبوة    المجلس الإسلامي العلوي: سلطة الأمر الواقع كشفت حقيقتها القمعية    المحرّمي يطّلع على سير العمل في المؤسسة العامة للاتصالات وخططها المستقبلية    تحت شعار الهوية والانتماء.. جامعة صنعاء تُحيي ذكرى "جمعة رجب"    صنعاء.. صدور حكم استئنافي في قضية الصحفي محمد المياحي    صنعاء: المكاتب التنفيذية تُحيي ذكرى "جمعة رجب"    الصين: تأسيس أكثر من مليون شركة جديدة في 11 شهرا    هل بات قادة اوروبا يخشون "سلام ترامب" في أوكرانيا؟!    اليمن بين ثبات النهج ومنزلق الارتهان: قراءة في ميزان السيادة والهوية    صحيفة فرنسية: غارات جوية وأزمة إنسانية.. لماذا تصاعدت التوترات فجأة في اليمن ؟!    نيجيريا تسقط تونس في مباراة مثيرة وتبلغ ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    الاعتراف الإسرائيلي بالصومال خطر يهدد الجنوب العربي وخليج عدن    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    هروب    هؤلاء هم أبطال حضرموت قيادات صنعت المجد وقهرت الإرهاب    رشاد العليمي يسهل لنجله عبدالحافظ سرقة نفط حضرموت    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    الصحفي المهتم بقضايا الناس وانشطة الصحافة الثقافية عبدالعزيز الويز    في صنعاء.. هل ابتلعنا "الثقب الأسود" جميعًا؟    قراءة تحليلية لنص «صدمة استقبلتها بقهقهة» ل"أحمد سيف حاشد"    دوري روشن السعودي: اتحاد جدة يهزم الشباب بثنائية نظيفة    اكتشاف آثار حضارة متطورة في باكستان    ضبط مصفاة نفط جديدة غير قانونية لمتنفذ يمني في خشعة حضرموت    الافراج عن اكبر دفعة سجناء بالحديدة تنفيذا لتوجيهات قائد الثورة    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    مأرب تحتفي بتخريج 1301 حافظًا وحافظة في مهرجان العطاء القرآني    القيادة التنفيذية العُليا تناقش الجهود المبذولة لتأمين الخدمات للمواطنين ومراقبة أسعار الصرف    ما علاقة ضوء الشمس بداء السكري.. نصيحة للمصابين    الدولار الأمريكي يترنح في أسوأ أداء أسبوعي منذ شهور    إنجاز 5 آلاف معاملة في أسبوع.. كيف سهلت شرطة المرور إجراءات المواطنين؟    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    ريال مدريد يدرس طلب تعويضات ضخمة من برشلونة    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الضفادع والنجوم»
رحلة في أعماق قصيدة:
نشر في الجمهورية يوم 31 - 10 - 2013

سنرحل مجدّداً مع شاعر المهجر الأكبر ايليا أبي ماضي، وهذه المرة سنرحل مع قصيدة أخرى له وهي تلخّص معركة غير حقيقية .. معركة صنعها خيال الشاعر الخصب ، كان طرفاها (الضفادع والنجوم) وهو عنوان القصيدة التي قررنا أن نرحل في أعماقها.. وعنوان القصيدة قد يبدو ظريفاً حين تطالعه للوهلة الأولى ، ولكن ما أن تمضي قُدماً متنقلاً بين أبيات القصيدة حتى تلحظ كم كنت مخطئاً وغير محق في انطباعك عن القصيدة.فالقصيدة تصوّر معركة وهمية صنعتها الطبيعة.. وسيزداد إعجابك بالقصيدة حين تلمح الضفادع والتي لها من قُبح الشكل والصوت ما يجعلك تنفر من رؤيتها والاقتراب منها.. كيف جعلها الشاعر خصماً عنيداً وشرساً في وجه عدو يحاول الفتك بها والاعتداء عليها واحتلال موقعها المائي، والذي تعتبره الضفادع مملكتها التي تتربّع على عرشها ولا تسمح لأحد بمشاركتها في هذا الحق الشرعي .. ولعلّ الشاعر من خلال هذه القصيدة أراد أن يجعل من الكائن الضعيف كائناً قوياً يمكنه أن يتغلب على أية قوة كبيرة متى ما امتلك قدراً من الإرادة والعزيمة والصبر وحُسن التدبير.. وهذا ما يتلخّص من المعركة التي دارت رحاها ليلاً وانقشع ضبابها وانتصرت فيها الضفادع مع طلوع الفجر.. ولعلنا الآن بحاجة لإيراد القصيدة كاملة حتى نرى قدرة الشاعر الفائقة على الصياغة واقتداره على التقاط الأشياء التي يمكن من خلالها ان يوضّح ويوصل بعض الرؤى والحِكَم والأعراف للناس لعلها تسهم في بلورة وعيهم وتمنحهم الفرصة الكافية للتعامل مع الصعاب والعقبات بعقل ومنطق وحكمة أيضاً .. أما القصيدة فتقول :
صاحت الضفدع لمّا شاهدتْ
حولها في الماء أظلال النجوم
يارفاقي يا جنودي احتشدوا
عَبَرَ الأعداء في الليل التخوم
فاطردوهم واطردوا الليل معاً
إنهُ مثلهمُ باغٍ أثيم
زعقةٌ سار صداها في الدُجى
فإذا الشطُّ شخوصٌ وجسوم
في أديم الماء من أصواتها
رعدة الحُمّى وفي الليل وجوم
فمشت في سربها مُختالة
كمليك ظافر بين قروم
ثم قالت: لكمُ البشرى ولِيْ
قد نجونا الآن من كيد عظيم
نحن لو لم نقهر الشُهب التي
هاجمتنا لأذاقتنا الحُتوم
وأقامت بعدنا من أرضنا
في نعيم لم تجده في الغيوم
أيّها التاريخ سجّل أننا
أمةٌ قد غلبت حتى النجوم
وهكذا نجد الشاعر قد صنع معركة حقيقية من خيال خصب يمتلك مخزوناً هائلاً من الصور والأدوات.. مجموعة من الضفادع يبدو انها في بحيرة ماء صغيرة هانئة, آمنة تعيش في جوّ من الهدوء والاستقرار الذي لا يعكر صفوه سوى صور النجوم المتلألئة التي تطفو على سطح الماء , فصور النجوم وظلالها يعكسها الماء.. فالذي يمر بالقرب من ماء ، قليل كان أو كثير في ليل تأتلق نجومه في أقاصي السماء يلحظ هذه النجوم وكأنها منثورة على سطح الماء.. ويبدو أن الشاعر قد استغل هذا المشهد البديع وراح يصوّر معركته التي لم تنته إلا بانتهاء الليل وطلوع الفجر.
وعودٌ إلى بدء نقول: إن الضفادع حينما شاهدت النجوم تحتل مساحة الماء كاملة ظنت أن هذا عدو قادم يحاول اجتياحها وطردها من موطنها.. فأعطت لجُند الضفادع أمراً بالتجمُّع والاحتشاد لملاقاة هذا العدو المتربّص بها لطرده وطرد الليل الذي كان شريكاً لهم في هذه المهمة الحقيرة.. وهكذا ضجّت الأصوات وملأت الآفاق وتردّد صداها في الليل الحالك .. وفجأة يتحوّل الشط إلى أشخاص وأجسام ومحسوسات وكأن معركة تدور رحاها بالفعل.. ولكن ما أن يطلع الفجر وتزول رسوم النجوم من على صفحة الماء حتى تهدأ العاصفة ويدبّ السكون.. ولعل هذا الصمت المُطبق هو الذي أعطى الضفادع فرصة للزهو والخيلاء .. فمشت في سربها مزهوة مختالة بنصرها الظافر الذي حققته على النجوم .. ثم همست في آذان بقية سربها قائلة : لنا الآن أن نفرح ونستريح بعد عناء ,فقد نجونا من كيد عدو عظيم فنحن لو لم نصد الشُهب التي هاجمتنا لأذاقتنا صنوف العذاب .. وأذلّتنا .. حسنٌ فعلنا حين قهرنا عدوّنا وأرجعناه خائباً يجرُّ وراءه أذيال الهزيمة والخيبة لأننا لو لم نُظهر له هذه البسالة والصلابة لكان قد طردنا من أرضنا وتلذّذ هو بجمالها وهدوئها من بعدنا .. لأن هذا النعيم الذي كان يفتقده في السماء بين الغيوم الذاهبة الآيبة هو الذي جعله يبحث عن أرضنا لأنها البديل الأفضل والأجمل له .. لعل ماصنعناه لم يكن أمراً عادياً أو مجرد حدث عابر يمكن أن يطويه النسيان .. بل هو حدثٌ لايمر دون أن يدوّن في صفحات التاريخ الخالدة .. ولعلّ هذا المعنى مُختزلٌ في البيت الأخير من هذه القصيدة والذي يقول:
أيّها التاريخ سجّل أننا
أمةٌ قد غلبت حتى النجوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.